ذ/مصطفى هطي
في عز الحملة الانتخابية التي تخوضها النقابات العمالية والتعليمية منها اساسا في اطار انتخابات اللجان الادارية المتساوية الاعضاء، تروج بعض النقابات وثيقة تحت عنوان " انجازات الحكومة في قطاع التعليم... !!! " تتضمن مجموعة من المغالطات الكبيرة ، لا يمكن فهمها الا في اطار التضليل على الشغيلة التعليمية وتعويم الخطاب وتزوير التاريخ ومغالطة النفس لضعف وهزالة الماضي النقابي لمن يروج لتلك الوثيقة.
ولئن كان دور النقابات عموما هو النضال من اجل تحقيق مطالب الشغيلة التعليمية وانتزاع حقوقها، فإن ذلك لا يبرر ابدا مغالطة هذه الشغيلة والتضليل عليها بمعطيات غير صحيحة.
وفي اطار الوضوح والشفافية مع الشغيلة التعليمية لا بد من الوقوف عند حقيقة عدد من تلك المعطيات الخاطئة التي تروجها تلك الوثيقة. والوضوح هنا ليس ابدا دفاعا عن الحكومة ـ لأنني لست عضوا بها لأدافع عنها ولا تحتاج لمن يدافع عنها ولست معنيا بالدفاع عنها ولي انتقادات مهمة على ادائها ـ وإنما الهدف الاول والاخير هو مصارحة الشغيلة التعليمية بالحقيقة لنكون على بينة من امرنا ولا نذهب ضحية تزوير التاريخ:
1 بخصوص ادعاء "الحرمان من الاستيداع المؤقت" فإن الشفافية تقتضي من اصحاب الوثيقة ذكر بعض الحالات الموثقة للادعاء ، ثم ان الاستيداع من صميم اختصاصات اللجان الادارية المتساوية الاعضاء ايضا لان القانون يلزم الادارة بعرض الاستيداع على هذه اللجان لتبدي رأيها فيه.
2 بخصوص "الحرمان من متابعة الدراسة الجامعية" فإن اول من اصدر مرسوم يفرض على الموظفين الحصول على ترخيص لمتابعة الدراسة هو الوزير الاول حينها المعطي بوعبيد سنة 1982 والذي يمنع الموظفين من متابعة الدراسات الجامعية إلا بترخيص مسبق من المؤسسة المشتغلين بها. وهو المرسوم الذي الغاه وزير التعليم العالي لحسن الداودي مؤخرا بمذكرة ارسلها لرؤساء الجامعات تطلب منهم عدم اعتماد الترخيص، بعد نضال من قبل الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب وهو ما مكن ازيد من 44.000 الف موظف من متابعة دراستهم هذا الموسم الجامعي.
3 بخصوص "منع الترقية بالشواهد". لنعلم جميعا وللتاريخ ان مأساة منع الترقية بالشهادة هي من نتائج النظام الاساسي 2003 الذي وقعت عليه النقابة المعنية بترويج الوثيقة الى جانب ثلاث نقابات اخرى في منتصف الليل مع حكومة ذ/ عبد الرحمان اليوسفي، وهو ما لم توقع عليه الجامعة الوطنية لموظفي التعليم (UNTM) حينها وسمته نظام المآسي وناضلت ضده على واجهتين:
ـ ضد النقابات الموقعة عليه لإقناعها بثغراته المأساوية التي هي سبب معاناة اصحاب السلم 9 ومحدودية الترقية وابقاء ساعات العمل كما هي وتوقيف الترقية بالشواهد....إلخ
ـ ضد الحكومة لإقناعها بضرورة التراجع عنه وهو ما دفع حكومة ادريس جطو لإصدار مجموعة المراسيم تسد بها ثغرات هذا النظام.
4 مغالطة كبرى وخطيرة وهي "رفع سن التقاعد الى 65 سنة" والحقيقة ان قضية التقاعد ما تزال محط نقاش عام ومؤسساتي ولم تعرض اصلا اي خطة اصلاحية لأنظمة التقاعد على مجلسي النواب ولا المستشارين ـ فجاء المعطى بمصدر يقرر "رفع" وهو ما لم يتم لحد الان. والمفاجأة الحقيقية هي ان بعض النقابات لا تريد مصارحة الشغيلة التعليمة ان كل المؤسسات بما فيها تلك النقابات موافقة على رفع سن التقاعد بدليل ان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي اعتمد على رأي كل ممثلي النقابات فيه وعرض المسألة للتصويت تحت عنوان " مراعاة الحالات التالية عند رفع سن التقاعد: النساء ـ ذوي الاحتياجات الخاصةـ المهن الصعبة. (ويمكن إدارج التعليم ضمن المهن الصعبة). والاختلاف فقط هو في عدد سنوات الرفع. والخطير هو ان عدد من تلك النقابات هم اعضاء في المجالس الادارية لعدد من الصناديق الاجتماعية. والاخطر ان تلك النقابات لم تقدم خطتها لإصلاح انظمة التقاعد واكتفت بعبارت عامة لم تتحدث فيها اصلا عن قضية اصلاح انظمة التقاعد.
5 مغالطة خطيرة تتعلق بادعاء التستر على المفسدين في التعاضدية العامة ". وللأسف وللحقيقة فإن المتستر الحقيقي على اؤلائك هو نقابات معينة التي يدبر اعضاؤها عددا من التعاضديات، فالأولى ان تقوم تلك النقابات بطرد مفسديها الذي سرقوا التعاضديات ، اما ما صدر في شأنه تقرير من المجلس الاعلى للحسابات فقد احيل على القضاء وابرزهم ان كاتبا وطنيا لنقابة معينة وعدد من اعضائها مودعون في السجن لتلك الاسباب.
5 ثم عادت الوثيقة للتعميم والتعويم فأعادت قضية التقاعد بعبارة " الزيادة في سن التقاعد" وهو ما سبق وقلنا انه مازال قيد المشاورات والنقاشات. فقط لأنها نقطة حساسة لرجال التعليم ونسائه فحاولت الوثيقة التركيز عليها، لكننا بصفتنا شغيلة معنية بذلك لابد ان نعرف خطة تلك النقابة في اصلاح انظمة التقاعد في حالة حصولها على الاغلبية، لكن اليس في عز اغلبيتها وقعت ازمة انظمة التقاعد وكان الكل يتهرب من اصلاحها؟؟
هذه بعض القضايا فقط التي تضمنت معطيات خاطئة تضليلية للشغيلة التعليمة، اما لغة الوثيقة فقد جاءت كلها تعميم في تعميم دون ذكر شواهد او ادلة على الادعاءات. ومرة اخرى أؤكد ان الامر اولا واخيرا هو من اجل مصارحة النفس والمصداقية مع الشغيلة التعليمة التي ادعوها الى التمحيص والتدقيق قبل التصويت لأنها بتصويتها تحدد مصير قضايا حياتها الوظيفية.
لذلك فلنتساءل جميعا:
من وقع نظام المآسي سنة 2003 في منتصف الليل واعتبر الاخبار بهذا النظام سبقا اعلاميا؟؟
من يدير التعاضديات العامة لوزارة التربية الوطنية ؟؟ وهل له مسؤولية فيما يتحدث عنه الكل من فساد مالي بها؟؟
من اكتفى بالبيانات حول انظمة التقاعد ولم يقدم لحد الان رأيه في اصلاح تلك الانظمة المقبلة على الافلاس النهائي سنة 2024؟؟
من اجهز على مكتسب الترقية بالشهادة سنة 2003؟؟
من رفض الكشف عن لائحة متفرغيه عندما سارع الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب(UNTM) الى الكشف عنها؟؟
من انسحب تدريجيا من التنسيق النقابي الذي بدأ خماسيا بنيابة الرشيدية ثم بدأ ينقص الى ان بقيت نقابتان فقط؟؟
لسنا بصدد الخصام النقابي، وكم تمنيت ان تكون نقابة الشغيلة التعليمية نقابة واحدة، ولكن لابد من توضح الحقيقة تفاديا للقول الشائع " النقابات كلهم سواء". ابدا ليسوا سواء، الكون مبني على الاختلاف، فابحث وتقصَّ وصوت بحرية واختيار فأنت ايها الاستاذ والاستاذة، رمز الوعي والثقافة.