بقلم محسن زردان
من الواضح أن التقسيم الجهوي الجديد الذي بدأت عملية تنزيله في الآونة الأخيرة، ستكون له تبعات على مختلف القطاعات الوزارية، من بينها قطاع التعليم الذي ستختفي على إثره أكاديميات كل من الجديدة، سطات، القنيطرة والحسيمة.
هذه الخطوة المنتظرة تطرح عديد الأسئلة حول المصير المجهول لموظفي الأكاديميات المختفية، حيث يسود صمت مطبق من لدن الجهات المركزية المختصة حول هذه القضية، إما نتيجة الارتباك الحاصل لغياب استراتيجية واضحة المعالم، بالنظر لفقر المعطيات المتوفرة، التي تظهر خللا في التصميم المديري للموارد البشرية، مما حدى بالوزارة إلى إصدار مذكرة تطالب من مصالحها الخارجية إمدادها بالمعلومات الكافية حول وضعية وخريطة الموارد البشرية بالجهات والأقاليم، أو إما في إطار حجب مُمَنهج لتسرب أية معلومات حول الخطة المزمع تنزيلها إلى العموم، مخافة إحداث مشاكل قد تعرقل الانتقال السلس حسب تعبير الوزارة للتقسيم الجهوي الجديد، خصوصا وأن هناك ملفات مهمة وحساسة في طور التجميع.
إذا كان التقسيم الجهوي الجديد يسعى لتعزيز التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، فإن ذلك لا يجب أن يتناقض مع هذا المسعى من خلال سن سياسات تعسفية تهدد استقرار العائلات، وتتسبب في تهجيرها قسرا، ليصيروا كلاجئين ليسوا هذه المرة سياسيين نتيجة الحرب، بل كلاجئين جهويين نتيجة المزاجية في التدبير.
إنه تخوف مشروع من سَن حل تَعسفي مفروض يجد تبريراته من مُؤشرات فرض مذكرة إعادة الانتشار للأساتذة الفائضين التي تم تنزيل مقتضياتها بداية هذا الموسم الدراسي، ومازالت تثير جدالا وسخطا واسعا، فضلا عن المصادقة على مشروع مرسوم إعادة انتشار الأطر المشتركة بين القطاعات، وقد تكون مناسبة ليكون موظفو هذا الملف فئران تجارب.
ما يجب التنبيه إليه، أنه إذا كانت النية في تدبير هذا الملف، من خلال إدخاله ضمن منطق إعادة انتشار الفائض من الموظفين، فإن ذلك يشكل ظلما مجحفا في حق هذه الفئة، لأنه لا يمكن تطبيق هذه المسطرة فقط على موظفي الأكاديميات المندثرة، بل يجب أن يعالج ويطبق في شموليته الوطنية الترابية، لأن مشكلة الفائض مشكلة وطنية متواجدة في جل أنحاء المملكة بدءا من العاصمة الرباط نفسها التي تؤكد الدراسات بتواجد تضخم وظيفي في شكل جيش من الموظفين زائد عن الحاجة هم في حاجة أكثر من غيرهم لحركة إعادة الانتشار، خصوصا بعد تفويض مجموعة من الاختصاصات إلى مصالحها الخارجية.
من جهة أخرى، فإلى حدود الساعة لم تُسَجل بوادر فتح حوار ومشاورات من طرف الوزارة مع موظفي الأكاديميات المعنية بهذا الملف لمعرفة وجهة نظرها لإيجاد حل توافقي بشكل يحفظ حقوق الموظفين المشروعة.
قد يكون هذا الصمت السائد إلى حدود هذه اللحظة غير مُطَمئن، ويُخفي سيناريوهات تُحاك في الكواليس أسوئها إحالة هذا الملف الحارق على رئيس الحكومة للحسم فيه، حتى تفلت الوزارة الوصية بجلدها من تحمل المسؤولية المباشرة، وبذلك تعتبره قرارا حكوميا كما في المرات السابقة، والجميع يعلم الحساسية المفرطة التي يبديها رئيس الحكومة تجاه شريحة الموظفين دون غيرهم، وهو أمر لن يكون في صالحهم، وذلك ما لا نتمناه.