يشكل ارساء وتفعيل مشروع الباكالوريا المهنية قفزة نوعية في اتجاه ملائمة التعلم لمتطلبات الحياة، من خلال انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها فيما يتعلق بتبادل الخبرات والزيارات، والتواصل حول الامكانيات المتاحة للتطوير المشترك للمجتمع، نحو وضعية يكون فيها النظام التربوي رافدا مهما لتطوير النسيج الاقتصادي والاجتماعي، فيتم ردم الهوة العميقة بين المدرسة وسوق الشغل، ومحو الصورة النمطية بكونها مصنع لتفريخ البطالة، وأداة لترسيخ الفوارق الاقتصادية والاجتماعية.
الباكلوريا المهنية هو تكوين يزاوج بين تلقي الدروس العامة (الرياضيات، اللغات...) داخل الثانويات التأهيلية، ومتابعة التكوين التطبيقي داخل مؤسسة للتكوين المهني، والقيام بتداريب عملية داخل المقاولات، مع مراعاة التدرج نحو تغليب الجانب التطبيقي المهني كلما تدرج المتعلم خلال السنوات الثلاث من هذا التكوين (4 ساعات من الدروس المهنية خلال الجذع المشترك مقابل 18 ساعة خلال السنة الثانية باكالوريا من القطب الصناعي)، وهو ما من شأنه تحقيق الدمج المناسب للتعلمات من خلال وضعيات مهنية تطبيقية تساهم في ترسيخ وترصيد كفايات المتعلم (التواصلية، الاستراتيجية، النوعية، القابلة للتكييف والنقل...)، واستكشافه لعالم الشغل والمقاولة، مهنا وعلاقات وفرصا وتحديات، وهو ما لايتهيئ لباقي الانواع من الباكلوريا.
الباكالوريا المهنية ، زيادة على كونها تسمح بالولوج على قدم المساوات مع باقي أصناف الباكالوريا الى الدراسات العليا سواء بمسالكها ذات الولوج المفتوح (الكليات ) أو ذات الولوج المحدود (المدارس العليا)، سيكون لحاملها الافضلية في الولوج الى تكوينات وتخصصات التقني المتخصص والتقني العالي BTS. كما أنها إضافة الى كونها شهادة فهي دبلوم يكافئ دبلوم التقني بالتكوين المهني، مما يعني فرصا أكبر في ولوج عالم الشغل.
يسمح هذا النمط من التكوين بالتوجيه وإعادة التوجيه لمختلف شعب ومسالك الباكالوريا الاخرى، كما انه يمكن من لم يتوفق في السنة الثانية باكالوريا مهنية من إعادة التوجيه الى احدى شعب السنة الثانية من مستوى التقني بالتكوين المهني في التخصصات الملائمة للشعبة او المسلك الذي كان يتابع به المتعلم تكوينه.
الباكلوريا المهنية مشروع طموح سيكون له آثار إيجابية، إذا فعل بالشكل الصحيح، في التقليل من بطالة الخريجين والحد من ظواهر الهدر والتعثر الدراسيين، وبالتالي تعزيز المردودية الداخلية والخارجية للمنظومة التربوية، كما انه يشكل الى جانب المسار المهني بالثانوي الاعدادي، لبنتان من لبنات الاصلاح التربوي الواقعي، الذي يستحضر تفاعلات ومعطيات الواقع الاجتماعي والاقتصادي، عوض الاغراق في الاحلام الطوباوية التي ميزت مسيرة الاصلاح التربوي بالمغرب منذ الاستقلال.
العربي السعدي
اطار في التوجيه
نيابة اسفي