في الوقت الذي تتخبط فيه العديد من جمعيات أمهات وآباء وأولياء تلاميذ المؤسسات التربوية في كثير من المشاكل والتي تعرقل عملها داخل المؤسسات التعليمية وتحول دون أداء أدوارها كمجتمع مدني، عبر المشاركة في إصلاح منظومة هي في أمس الحاجة إلى ذلك، استطاعت جمعية أمهات وآباء وأولياء تلاميذ الثانوية الإعدادية خالد بن الوليد أن تتميز عن باقي الجمعيات والتي غالبا ما تنحصر تدخلاتها في أعمال البناء والترميم والصباغة، أن تعد مشروعا مجددا يتماشى مع الرؤيا الجديدة للإصلاح والذي ارتكز على خمسة نقط أساسية: الشراكة، الانفتاح، التواصل، الحكامة، ثم البحث والتجديد التربوي.
فمن دون شراكة مع جميع الأطراف والتي من شأنها أن تساهم في إضفاء قيمة مضافة للمؤسسة، لا يمكن للمشروع أن يبلغ أهدافه. ومن أهم الشراكات التي راهنت عليها الجمعية منذ البداية، هي ذلك التعاقد الذي تم مع المؤسسة التي تنشط فيها.
كما أن الجمعية كانت منفتحة على جميع التجارب الناجحة وكذا الأفكار المتميزة التي تصدر من الأطر الإدارية والتربوية وكذا التلاميذ وأولياء أمورهم ومن جميع الشركاء. واعتبرت الجمعية مسألة التواصل ركنا أساسيا من أركان نجاح وإشعاع المؤسسة يسهل به تحقيق مجموعة من الأشياء وبناء الأفكار على الشكل الصحيح، كما يمكن تقاسم مختف الأعمال التي تقوم بها الجمعية سواء داخل المؤسسة أو مع مختلف البنيات المعنية للوزارة الوصية. واعتبرت الجمعية محور الحكامة من بين أهم النقط التي اتكزت عليها في جميع تدخلاتها وذلك حتى يتم أداء أنشطتها بشكل دقيق ومعقلن وغير مكلف مع احترام القوانين والمساطر وكذا مستويات تدخلات جميع الفاعلين.
كما أن الجمعية اعتمدت البحث التدخلي والتجديد التربوي كإحدى أهم الآليات المدعمة لعملها، حيث قامت بمسح لجميع تلاميذ المؤسسة وذلك للوقوقف على العوامل السوسيوقتصادية والثقافية التي من شأنها أن تؤثر سلبا أم إيجابا على التعلمات، والتي مكنتها من تجديد وبرمجة مجموعة من التدخلات، هذا وقد قامت الجمعية بتجميع العديد من اقتراحات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ والتي تهم النهوض بالمؤسسة. وإيمانا منها بأن التميز لا يمكن تحقيقه إلا بالأفكار المجددة وبالعمل على البحث على جميع الوسائل التي تتماشى مع الوقت الراهن، قررت الجمعية اتخاذ العديد من التدابير المجددة والتي همت إشراك الأسر والتلامذة والأساتذة والإداريون، بغية انخراط الجميع في إنجاح مشروع الجمعية والذي لا ينفصل عن مشروع المؤسسة.
وتفعيلا لأدوار الجمعيات والتي سطرها دستور 2011، وإيمانا منها بأن العمل الجماعي والشراكة يعطيان نتائج مرضية ومتميزة، اختارت الجمعية شعار التميز ورفعته كمجتمع مدني له دوره ومكانته في إصلاح القضية الثانية للوطن. واستطاعت الجمعية بذلك، القيام بعدة تغييرات داخل المؤسسة همت بالأساس تحفيز التلاميذ والأساتذة (توزيع الجوائز وشواهد التميز)، عقد سلسلة من اللقاءات التكوينية عبر استدعاء باحثين في مجالات تربوية مختلفة تهدف التنمية المهنية للمدرسين ( سيكولوجية المراهق، التقويم، القياس النفسي والتربوي...)، القيام ببحوث تدخلية للرفع من دافعية التعلم لدى التلاميذ وخلق أجواء مريحة تمكن المدرسين من أداء واجبهم في ظروف جيدة.
كما نظمت الجمعية في الفترة الممتدة مابين 11 و16 أبريل 2016، أسبوعا ثقافيا وذلك بشراكة مع المؤسسة، حيث كان لهذا الحدث الهام وقع كبير داخل وخارج المؤسسة التربوية. فقد مكنت هذه التظاهرة من إيجاد فرص لاكتشاف العديد من المواهب والذكاءات لدى التلاميذ والتلميذات على عدة مستويات (موسيقى، مسرح، سينما، تجويد، رياضة، أعمال يدوية....)، كما لم يبخل بعض الأساتذة و أعضاء المكتب من إبراز مواهبهم وتقاسمها مع التلميذات والتلاميذ. وفي هذا الصدد، ساهمت الجمعية بإعداد مسرحية تحت عنوان "صرخة مدرسة الوطن" والتي جسدت واقع المدرسة العمومية بين الماضي والحاضر. كما أنتجت الجمعية حكاية تحت عنوان " الدار لكبيرة" والتي تطرقت بدورها إلى الإشكالية التي تعيشها المدرسة العمومية إثر انتشار المدارس الخاصة، كما ركزت الحكاية على أدوار المدرسة العمومية التي بنت رجال ونساء الوطن. وكان الهدف من هذين المنتوجين هو رد الاعتبار للمدرسة العمومية وترسيخ العديد من القيم الوطنية من خلال إشراك التلاميذ والأساتذة والإدارة وكذا المجتمع المدني.
وأكدت الجمعية من خلال الكلمة التي ألقاها رئيسها د.خالد أحاجي، في اختتام الأسبوع الثقافي، والذي حضره مجموعة من رؤساء مصالح المديرية الإقليمية وممثل عن وزارة الثقافة، علما أن الجمعية قامت باستدعاء وزير التربية الوطنية والتكوين المهني وبعض الشخصيات الوازنة على الصعيد الإقليمي، أن مسألة التجديد تواجه في بداية كل عمل بالرفض والمقاومة حيث أشار الباحث إلى العديد من الدراسات التي فسرت ذلك وأرجعته لعد عوامل منها: السن، غياب الكفاءة، عدم وجود فريق عمل، عدم الإيمان بالتغيير، مشاكل نفسية... وأن هذه العوائق يمكن تجاوزها وعلاجها عبر الإشراك والتواصل والتحلي بالصبر.
وقد حدد السيد رئيس الجمعية وهو أستاذ باحث بمركز التوجيه والتخطيط التربوي، شروط التجديد في النقط التالية:
ü تواجد أشخاص يطرحون أفكارا مجددة دون أن تقابل بالرفض؛
ü تواجد الوسائل الضرورية التي تساعد على تحقيق الأهداف وكذا العمل على نشرها وتقاسمها مع الجهات المعنية؛
ü تواجد نصوص مدعمة للأفكار المجددة؛
ü تواجد حركية وحافزية كل الأشخاص العاملين على الأفكار المجددة؛
ü تواجد مسؤول يقبل ويؤمن بالتجديد ويعمل على تعزيزه،
ü معرفة وفهم جميع مقاومات التجديد والابتكار وكذا مصالح الأشخاص المعارضين للتغيير الإيجابي.
كل هذه الأنشطة مكنت الجمعية من الوقوف على نقطتين أساسيتين:
- أن هناك عدة من المعيقات تحول دون قيام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بأدوارها، ومن بين هذه المعيقات: عدم معرفة القوانين، غياب الكفاءات لدى بعض أعضاء المكتب،عدم انسجام الأعضاء، الصراعات الدائمة بين الجمعية والمؤسسة، تقنين أدوار الجمعية في البناء والإصلاح والصباغة، تميز المسؤول عن المؤسسة بشخصية منغقلة أو مستبدة ....إلخ
- أن لهذه الجمعيات أدوار جد هامة في الرفع من جودة التعلمات عبر بناء برنامج مجدد ومتكامل ينخرط فيه جميع الأطراف ويطمح إلى بناء مؤسسة نموذجية متميزة.
فبكل هذه الأفكار والتدخلات الفعلية استطاعت جمعية أمهات وآباء وأولياء تلاميذ الثانوية الإعدادية خالد بن الوليد أن تصنع الحدث والنموذج الذي يمكن أن تقتدي به جميع المؤسسات العمومية للنهوض بالقضية الوطنية الثانية التي تراهن عليها المجتمعات والتي تطمح إلى التقدم والرقي بمواطنيها.
د.خالد أحاجي
أستاذ باحث بمركز التوجيه والتخطيط التربوي
رئيس جمعية أمهات وآباء وأولياء تلاميذ الثانوية الإعدادية خالد بن الوليد. سلا