فاس في 23/09/2017
محمد الفصيح
يشكل الدخول المدرسي الحالي فرصة سانحة لتداول الرأي التربوي والاجتماعي ،وفي سياقه تأتي مبادرة نقاش المقال المنشور بجريدة "أخبار اليوم" عدد 2394 بتاريخ 19/09/2017 لصاحبه الحاج خليفة بعنوان "الاحتضان التربوي وتخليق الحياة المدرسية "والذي يستحق صاحبه منا الثناء والتقدير،ويفتح باب التشاور والتداول في قضايا التربية باعتبارها أمورا حيوية ومصيرية تهم مستقبل وحاضر الوطن .
وعليه ،فإن أهداف المبادرة ،والتي يعلق عليها الكاتب آمالا كبيرة من قبيل :
– بناء وتكوين شخصية المتعلم .
– ترسيخ الثقة في وظيفة المدرس التربوية والاجتماعية .
– الحفاظ على الرأسمال الأخلاقي للمدرسة العمومية وتفنيد كل مزاعم الطعن فيها .
إنها أهداف عامة وبديهية ،فضلا عن أنها تستبطن الاتهام بفقدان الثقة في المدرس وفي وظيفة المدرسة العمومية ،وتقر بها ،علما أن الحقيقة المجمع عليها أن ما لحق المدرسة والمدرس من اتهامات وتعريض وقذف وتشويه ،بعضه صحيح لبشرية المعنيين ،وأغلبه كذب وبهتان داخل في مسلسل من الاستهانة والاستصغار والتبخيس والاحتقار لخدمة غايات يعلمها من أخرج وفبرك ذاك المسلسل ،ويتحمل مسؤولية المآل الذي صار إليه التعليم، المجتمع أولا والسياسة التعليمية والإعلام وثقافة الاستهلاك ثانياً ،إنها مسؤولية مركبة عمرت عقوداً من الزمن منذ الاستقلال الى الآن . وحتى نتجاوز هذه المرحلة، والتي أفاض فيها خبراء في منابر شتى ،نعود للمبادرة الميمونة "الاحتضان التربوي" وسنسميها بخاصية أساسية يحسن أن تقترن بها ، إنها خلفية إصلاح الاصلاح ،أي تجاوز الوثائق الرسمية ومشاريع الاصلاح بالتركيز على العمل الميداني كما توضح في ثنايا المقال ،وحيث إن كل مؤسسة تعليمية تشتغل بواسطة فريق تربوي واجتماعي يلامس المشكلات ويقترح الحلول ويحقق الجودة والمردودية . ومن تم سيكون على كل فريق تربوي أن يصوغ بنود الاحتضان التربوي الذي يناسب جهته ،ويجيب على حاجيات ناشئته ،متفاعلاً مع موارده المادية والمالية والبشرية . وبذلك سيمثل الاحتضان التربوي قوة اقتراحية ميدانية تكتسب المشروعية والمصداقية . وللحقيقة ،فإن الفعل التربوي الخالص هو الذي يمارس ويعاش داخل الفضاء والبيئة المدرسية ،وأما التنظير والبرمجة فهي لاحقة لا سابقة عليه ،والقائل بالاحتضان التربوي والمنادي به هو ممارس ،مكتو بنار التجربة لامحالة .
وتعزيزاً للمبادرة وتحقيقاً لروحها وفلسفتها يظل سؤال الملاءمة القانونية قائماً ،حيث يتحتم ترسيم العمل بروح الفريق التربوي ،والاعتراف بمدخلات ومخرجات عمله ،ورعاية الاحتضان بالدعم المحلي والجهوي والمركزي . وألا يعتبر مجهود هذا الفريق خروجا عن منهجية التدريس ،أو مخالفة للتوجيهات الرسمية و المذكرات التي تعد انجيل الإدارة التربوية ،والتي لا قيمة معتبرة لما سواها في عرف الحرفيين من معظم أطر المدرسة العمومية ،رغم ان الوزارة قد استبدلت مفهوم التسيير بالتدبير،وحملت هذا الأخير شحنة دلالية تفيد التفاعل مع المستجدات بتلقائية وعفوية .
وأخيراً فإن الاقتراح النابع من عمق الممارسة التربوية لهو الأنجع للنهوض بقطاع التربية ،وتحقيق الجودة والإنصاف والارتقاء بالمدرسة العمومية.