لمراسلتنا : [email protected] « الثلاثاء 19 مارس 2024 م // 8 رمضان 1445 هـ »

وثيقة مرجعية في شأن تكييف البرامج

في ما يلي وثيقة مرجعية في شأن تكييف البرامج الدراسية الصادرة عن مديرية المناهج -يناير 2024...

​بطاقات توصيف الاختبارات

​بطاقات توصيف الاختبارات الكتابية لمباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين لتوظيف أطر التدريس...

الوزارة تعلن عن ​إجراء

تعلن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن إجراء مباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين...

تربويات TV

لقاء مع السيد محمد أضرضور المدير المكلف بتدبير الموارد البشرية وتكوين الأطر بالوزارة حول مستجدات الحقل التعليمي


هذا رد التنسيقية على إنهاء الحكومة للمفاوضات مع ممثلي الأساتذة


مسيرة نساء ورجال التعليم بمدينة تيزنيت يوم 2023/11/23


تغطية الوقفة الاحتجاجية أمام المديرية الإقليمية للتعليم بسيدي إفني يوم 02 نونبر 2023


الأساتذة يحتجون امام المديريات الإقليمية للتعليم


كلام يجب أن يسمعه معالي الوزير

 
أحكام قضائية

حكم قضائي بإلزامية إخبار الإدارة للموظف كتابيا بنقطته الإدارية كل سنة تاريخ الصدور : 17 فبراير 2015


أحكام قضائية

 
البحث بالموقع
 
أنشطة المديريات الإقليمية

مراكش: ورشة للتثقيف بالنظير بالوسط المدرسي


المديرية الإقليمية للتعليم بأكادير تحتفي بالمتفوقين بمناسبة اختتام الموسم الدراسي 2022-2023


''تفعيل مستجدات المنهاج الدراسي للسلك الابتدائي'' موضوع الندوة التكوينية من تنظيم المديرية الاقليمية للتعليم أكادير إداوتنان


الحوز: نور الأطلس يسطع في تحدي القراءة

 
أنشطة الأكاديميات

ورشة لتقاسم نتائج دراسة حول العنف بالوسط المدرسي بمراكش


''مشروع إعداديات الريادة'' محور اللقاء التواصلي الجهوي بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة


أكثر من 156000 تلميذ (ة) استفادوا من الدعم التربوي على مستوى الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين لجهة سوس ماسة


المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتّربية والتكوين لجهة سوس ماسة صادق بالإجماع على قضايا جدول أعماله

 
خدمات تربوية

تربويات الأطفال


تربويات التلميذ والطالب


موقع تبادل (تربويات)


فضاء جذاذات أستاذ(ة) التعليم الابتدائي


وثائق خاصة بمدير(ة) التعليم الابتدائي

 
خدمات

 
 


أضيف في 24 أكتوبر 2017 الساعة 02 : 22

حوار مع الكاتب والناقد المسرحي الأردني منصور علي عمايرة: لماذا المسرح؟ ولماذا الكتابة للطفل؟ وقضايا أخرى..




 

 

حاوره سعيد الشقروني 

نحاور اليوم الكاتب والناقد المسرحي الأردني الأستاذ منصور علي عمايرة.. نحاور ونحاول الاقتراب من تجربته الإبداعية من زاوية المهتم بأدب الطفل رغم رحابة عالمه الإبداعي والنقدي.. نحاور هذه المرة باحثا من الأردن الشقيق من مواليد إربد، تلقى تعليمه الأساسي والثانوي في مدارس كفرعوان بإربد، وتلقى تعليمه الجامعي في جامعة اليرموك، وتخرج فيها، وتحصل على بكالوريوس في الأدب العربي، وتابع دراساته العليا في الجزائر وتخرج فيها، وتحصل على ماجستير في النقد الأدبي الحديث..تفرغ للكتابة والنقد المسرحي بعد تجربة هامة في التدريس في الوزارة التربية والتعليم..

باسم "تربويات"، أحيي مرة أخرى الكاتب والناقد المسرحي منصور علي عمايرة، وأشكره جزيل الشكر على قبول دعوتنا إلى الحوار..

جواب: شكرا لكم.. شكرا لموقع تربويات الإنساني الموقر، الذي يسعى إلى ترسيخ رؤى ثقافية تعليمية بناءة، والمساهمة في بناء شخصية الجيل القادم، ليخدم الأمة الوطن.

سؤال: تستهويكم الكتابة، ويستهويكم المسرح..لهذا سيكون سؤال البداية ما هو المسرح بالنسبة لمنصور العمايرة؟
جواب: ذات مرة عرّفت المسرح بأنه حدث أو أحداث تحدث في مكان وزمان محددين، يفعلها أشخاص. وهو تعريف يمتاز بالبساطة، ويتلاقى مع الفنون السردية المختلفة مثل الرواية، ومع الفنون المرئية مثل الفيلم والسينما أيضا. المسرح يختلف عمّا قيل، إنه رؤية فكرية ما حول موضوع ما يمثلها أشخاص في إطار زماني ومكاني، وبحضور أناس يتلقون العمل الفني، وفق رؤية درماتورجية إخراجية، تتعالق مع النص المسرحي بواسطة الأداء التمثيلي، الذي يتعالق بدوره مع التقنيات المسرحية "السينوغرافيا"، ويتعالق بالمتلقي أيضا.. هذا المعنى تجاوز التعريف السابق، وأبان عن أن المسرح يتشكل من بنيات عدة، ولكن البنية الرئيسة للمسرح النص وحكاية المؤلف، ثم البنية الرئيسة الثانية العرض المسرحي، هنا الحديث عن دراما "الحدث/ الفعل"، الذي يتموضع أمامنا على خشبة المسرح الآن بصورة حية تماما، وعندما نقول الصورة الحية بمعنى أنك تستطيع ملامسة المؤدي، وترى وتسمع كل ما يدور أمامك في حالة من التشارك، التي لا توجد في رؤية سردية/ فنية أخرى، إذ ندرك في العرض المسرحي ذواتنا مهما اشتبكت مع العرض أو كانت في حالة انفصام عن العرض.. لكن، من جانب آخر، المسرح لم يعد يتشكل عبر جزئيتين، فثمة جزئيات أخرى، الرؤية الإخراجية كنص نشاهده أمامنا، والسينوغرافيا تحكي النص، والمتلقي حاضر في العرض المسرحي الذي قد يقال عنه إن متعة المسرح المعرفة.. المعرفة إذن نجدها تشتغل أمامنا عبر الزمن، فالمسرح يساير الزمن، ولذا انبثقت رؤى منهجية مسرحية متعددة منذ بداية المسرح حتى الآن، وفي الغد ستكون أيضا.

هناك رؤى حول المسرح لم تلتزم رؤية واحدة، فانطلقت مسميات واصفة للعرض المسرحي – باعتباره حالة واصفة للنص– قسمت المسرح إلى مراحل زمنية  بلغت أوجها في القرن العشرين تقريبا، عندما نتحدث عن المسرح الحديث، ثم نتحدث مرة أخرى عن المسرح ما بعد الدراما.. هي رؤى انطلقت من الحداثة التي تخللت كل جوانب حياة الإنسان..

 والمسرح عمل مصنوع، فأنت تكتب نصا مسرحيا إذن فالكتابة قصدية؛ قصدية لذاتها كإحساس إبداعي لدى الكاتب، وقصدية من خلال تصور رؤية ما حدثت في المجتمع الإنساني، تنقل هذه التجربة عبر فضاء الكتابة أولا، إذ تمسي خبرة لدى الكاتب، وهي مستمدة من واقع الإنسان، وتتبلور هذه الخبرة على الخشبة المسرحية باعتبارها عرضا. إن الكتابة المسرحية تتجاوز لدي الاستهواء إلى حالة التلبس، إذ لم أعد قادرا على هجرة المسرح وكتابته، وقد كتبت في البداية للمسرح كأول خطاطة أحتفظ بها، وبدأت قراءتي للمسرح بالتوازي مع القراءة الأخرى المتعددة.. فإذا ما قررت أن تكون كاتبا، فعليك أن تقرأ ما ينشر في كل الميادين المعرفية، وقد تقرأها كحالة ذاتية تسعى إليها بفطرة الكاتب، يفترض أن تتوافر على جملة من المعارف مرتبطة بالمسرح الذي يرتبط بعلم الاجتماع والنفس والتواصل والتجربة السابقة والمكان، إنه جملة من بنيات معرفية نطلق عليها الثقافة.

لذا، فالكتابة مشروع يتوافر على جزئيات معرفية متعددة، ولهذا فأنا كتبت السرد المتعدد، الرواية والقصة والمسرح للطفل، والمسرح للكبار.. هي فنون سردية ذات صفة مشتركة، إنني أؤمن بنقل المعرفة إلى الناس بصور وأشكال متعددة، ولكن الكتابة بالنسبة للكاتب شيء ضروري قد لا يستطيع التخلص منه، وأنا هنا أتحدث عن نفسي..

ثم إن المسرح لدي كل لا يتجزأ، وهنا قد نشير إلى المسرح المسجل، وما المانع أن يكون المسرح مسجلا في الإذاعة والتلفزيون، وبرؤية خاصة لم لا يكون الاهتمام منصبا على مسرح الطفل الإذاعي والتلفزيوني نظرا لأهميته؟ وسأشير إلى مسرح الطفل فيما بعد.

المسرح جماليات متعددة، وهذه الجماليات تجذبني إلى المسرح برؤاه المتعددة، وهنا أشير إلى مسرح الكبار ومسرح الطفل والنقد المسرحي، هي جزئيات ثلاث أهرع إليها بين الفينة والأخرى.  


سؤال: ألفتم العديد من الروايات والمسرحيات  للأطفال، أفكر الآن في "رائحة التراب"(2002م)، "الأرض القفار" في جزأين (2004)، "رواية الزحف"(2006)، "سجون من زجاج"(2009).. كما ألفتم نصوصا مسرحية كثيرة نذكر منها مثلا "الأعمال المسرحيّة" في جزأين.. لكن أريد -بحكم المقام- أن أنوه بإصراركم على الكتابة للطفل، حيث نُشرت لكم العديد من الروايات للأطفال ك: "رواية نصيص"(2005م)، ورواية "البحث عن الرحيق"(2010)، ورواية "نافذتي" (2017)؛ مثلما عرضت لكم نصوص مسرحيّة للأطفال في الأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة والكويت والمغرب، أذكر القراء ببعضها: "رحلة المعرفة"، و"أنا وحدي"، و"حكايتي"، و"صاحب الهمّة"، ومسرحية مدرسية عن روايتك "سجون من زجاج".. سؤالي أستاذ منصور، بصرف النظر عن واقع القراءة في الأردن وفي العالم العربي، لماذا الكتابة للطفل؟

جواب: قد يكون القول إن الكتابة للطفل واجبة على المبدع، يبدو قولا بدهيا ومكررا، ولكن لماذا لا نكتب للطفل في ظل غياب متعمد بالابتعاد عن الكتابة الطفلية في الأردن أو البلدان العربية؟ الكتابة للطفل تبدو وكأنها مرحلة متدنية من الكتابة تقل أهمية عن الكتابة للكبار، هذا القول الخاطئ الذي قد يحمل في طياته سخرية ما، إلا أن المقولة الأكثر صوابا هل تستطيع الكتابة للطفل؟ قد تكون نقطة بداية أفضل، بعيدا عن الانتقاص من قدرة الكاتب على الكتابة، لا تتوافر شروط الكتابة للجميع، هذه حقيقة، وكذلك الكتابة الطفلية لا تتوافر للجميع، وهنا الإشارة إلى الكُتاب.

الكتابة للطفل دعوة مباشرة للتفكير والتمثل، تفكير الطفل بماهية الأشياء التي تحيط به، معرفة المعارف التي قد لا ينتبه إليها، ودعوته إلى القراءة وحب القراءة، وعندما يكتب الإنسان الواعي للطفل سيكون قدوة للطفل، وسيجعله يحس بوجوده وقيمته في المجتمع، ثم إن الكتابة الطفلية حالة تعليمية بكل أنواعها.

ومن الرؤية الأخيرة أشير إلى أني أهتم بكتابة المسرح الطفلي، لإيماني باستطاعة الطفل إنتاج مسرحه، وهذه الرؤية حقا قد نبعد عنه الكتابة، ونتجاوزها من الطفل إلى الإنسان الواعي/ الكبير، ولكن بما يعني المسرح كجزئية معرفية ترتسم على خشبة المسرح، أنا أؤمن بأن على الطفل أن ينتج مسرحه، فقد يكون ممثلا وهو ممثل جيد، وخاصة إن المسرح كجزئية مهمة يتمثل بالتمثيل، وهي رؤية مسرحية تجعل المسرح يبتعد عن السرد، إذن يستطيع الطفل أن يمارس الأداء وينجح، ولاحظت في مسرحياتي التي عرضها الأطفال والتي شارك فيها الأطفال قدرة إبداعية كبيرة  تجعل مسرح الطفل قرينا لمسرح الكبار.. وهذا ما أؤمن به.. ثم إن الكتابة للطفل تبدو متعددة كهدف تعليمي، وأؤمن بأن الكتابة للطفل تعليمية، وهذه ميزة مهمة في الكتابة للطفل وهي لا تشير إلى الدونية، بل على العكس تماما، هذا الطفل هو الباني للمجتمع في المستقبل، إذن لم لا يتعلم من خلال الكتابة؟ أشير هنا إلى القراءة.. لكن الطفل بمراحله الثلاث يتعلم، ما قبل القراءة يتعلم، وفي أثناء القراءة يتعلم، ومرة ثالثة يستطيع أن يتقمص ويمثل ويتعلم.

الكتابة للطفل تتضمن جماليات معرفية وسلوكية، لذا فهي مهمة في الجانب المعرفي الفكري، وتتجاوز ذلك إلى البعد الوجداني، والآن، نعيش في تعددية تقنية قد تأخذ الطفل إلى سلوكيات ووجدانيات تتنافر مع الرؤية المجتمعية والعقائدية، فالكتابة الطفلية تقوّم السلوك العقلي والوجداني لدى الطفل، فهي حالة تعليمية.

وبالإشارة إلى التعليم، ترسخ الكتابة الطفلية رؤى التعليم والاهتمام فيه، والطفل بحاجة إلى قراءة ذاتية، هذه القراءة الذاتية تواكب مسيرة التعلم والتعليم المدرسي، ولا يفتأ الإنسان يتعلم.. أشير هنا إلى الكتابة المسرحية المدرسية، فالمسرح المدرسي قد يتوافر للطفل كمسرح قرائي، ولكنه يمثله في غرفة الصف والنشاطات المدرسية، والمسرح المدرسي يواكب الرؤية التعلمية للطفل، إذ يدعم مسرح الطفل الثقة الذاتية، ويقوي من حضور الطفل في المجتمع كإنسان يستطيع أن يفعل شيئا، ويكون له دور في بنية المجتمع..  يعني هذا أننا نستطيع، من خلال الكتابة للطفل، أن نأخذ الطفل إلى الإحساس بالآخر، فالكتابة حتما تتضمن عبرا ومفاهيم معينة للطفل كسلوك ورؤى فكرية، وفي ظل الحضور المادي تمسي الكتابة للطفل أكثر إلحاحا كلما تقدم الزمن، فكيف نواجه الآلة الإلكترونية والحركية التي قد تقصي الطفل عن محيطه الأسري والتعليمي والمجتمعي؟ الكتابة الطفلية محرض مهم للمجتمع ومحفز مهم للطفل، لمواجهة هذه التقنيات – بعيدا عن إيجابياتها- التي تؤثر سلبا على جوانب متعددة في حياة الطفل، ونحن نرى التقنيات العصرية تجنح بالإنسان الكبير إلى العزلة والوحدة والتنحي، فكيف إذا ما تأثر فيها الطفل؟ وبالتالي، مشروعي الكتابي للطفل كرؤية إبداعية وفنية، هي في صلب كتابتي الإبداعية، وأوليها أهمية كرؤية ذاتية، وكرؤية معرفية تطرقت إليها آنفا.

سؤال: أصدر الأستاذ منصور العمايرة الناقد العديد من الدراسات النقدية حول  المسرح وأشرف على العديد من الملتقيات والمؤتمرات ذات الصلة بهذا الجنس الأدبي.. كيف هو المسرح في الكتاب المدرسي في التعليمين الإعدادي والثانوي؟ وفي التعليم الجامعي؟

جواب: لا يوجد هناك كتاب مسرحي يدرس في المدارس الأردنية، علما بأن أهداف التربية والتعليم في الأردن على سبيل المثال، تشير إلى التذوق الفني والمسرحي، وكل ما يعني المسرح المدرسي نشاط قد يكون في إطار رؤية مسابقة مسرحية في مديريات التربية، وقد يكون في إطار نشاط وطني، وقد يكون في إطار نشاط صفي في غرفة الصف أو احتفالات مدرسية، لكن في الآونة الأخيرة قد تظهر بوادر جديدة بما يخص المسرح المدرسي في الأردن، وهذا ناتج من دعم الهيئة العربية للمسرح، لترسيخ مفهوم المسرح لدى الطفل، وما ينطبق على الأردن قد ينطبق بنسبة معينة على الدول العربية الأخرى.

وأما المسرح في التعليم الجامعي، لا شك هناك رؤى جيدة قد تنمى من خلال المسرح الجامعي، ومن خلال مشاريع تخرج الطلبة، وهنا الحديث عن الطلاب الذي يدرسون المسرح أو الفنون الجميلة في الجامعات. في الأردن لدينا قسم فنون جميلة في أكثر من جامعة، وخاصة جامعة اليرموك السباقة إلى إنشاء كلية فنون، ويرجع خريجو المسرح أصلا في الأردن إلى جامعة اليرموك، وقد تخرجت أعداد جيدة من الطلاب في مراحل زمنية تجاوزت ثلاثة عقود. إذن لدينا تعليم مسرحي جامعي، وهو مسرح أكاديمي وتعليمي يتعلم فيه الطالب كل أساسيات المسرح، ويتدرب في قاعات المسرح على أنواع الفن المسرحي: التمثيل والإخراج والتصميم أيضا، وأجد نشاطا ملحوظا يهتم في مسرح الهواة/ الشباب، وغالبا هؤلاء من الطلبة الجامعيين.. ويبدو لي ثمة فرصة كبيرة أمامهم ليكونوا متميزين.

وتبقى الرؤية الآنية، هل يواكب هؤلاء الطلبة الرؤى والتقنيات المسرحية الجديدة؟ ربما يكون الجواب بالنفي، وتلك الرؤى لا يعرفها أو يتعرف إليها الطالب –الذي قد سيصبح فيما بعد مخرجا أو ممثلا – عبر قراءته عنها وعبر مشاهدتها في مهرجانات مسرحية؛ وللأسف تبدو هذه التجارب قليلة في الوطن العربي كله، لأن معظم المهرجانات المسرحية العربية شحيحة باستجلاب التجارب المسرحية الغربية، ليتعلم منها المسرحي العربي، أو يحاكيها بطريقة ما، وقد يتعلق الأمر بجوانب عدة مثل الرؤية الإدارية لهذه المهرجانات.

ومن الأشياء المهمة التي يفترض بالجامعة أن توليها أهمية، تلك الندوات الفكرية والنقدية المسرحية التي يفترض أن يتعرف إليها الطلاب ويستفيدوا منها، لكن الأمر يبقى أحيانا كثيرة خبط عشواء، حتى أثناء انعقاد المهرجانات المسرحية، لا تجد –غالبا– طلاب الجامعات من بين الحضور، هم مغيبون وهم غائبون أيضا، فالأمر يتحمله الجميع، ولا يعفى الطالب الجامعي المتخصص في فنون المسرح.

سؤال: ما الذي يجب توفره في النص المسرحي كي يكون بانيا للإنسان؟

جواب: نحن تحدثنا عن مسرحين، مسرح الكبار ومسرح الطفل، بما يعني مسرح الطفل.. فقد أشرت إلى التعليمية والمعرفة وبناء السلوك المتوافق مع المجتمع وتطلعات الإنسان، وهنا لا بد من الإشارة بصورة توضيحية إلى ما يتوفر عليه النص من قيم متعددة، فهناك قيم عقدية، مهما يكن فالمجتمع العربي مجتمع ديني، إذن السلوك الديني والعبر الدينية لهما أهمية، من مثل التحلي بالأخلاق الحميدة، ومساعدة الآخرين، والحب والألفة بين الناس، وطلب العلم والمعرفة، وحب الوطن، والإيمان بقدرات الطفل كإنسان المستقبل.

وربما مسرح الطفل يستطيع أن يتوافر على مجموعة قيمية تبني الإنسان، وتبدو بصورة واضحة وجلية، وقد أشرت إلى أن مسرح الطفل تعليمي، لكني حقيقة أؤمن بقدرات الطفل الإبداعية، وأحاول أن أجعله ينتج مسرحه، وبهذا التصور لا يختلف بنظري مسرح الطفل عن مسرح الكبار.. وبما يعني مسرح الكبار، فمن الصعب أن تتعرف توجهات ورؤى الإنسان الكبير، وخاصة أننا في أتون رؤى مسرحية ومناهج مسرحية وتيارات متعددة، وقد لا تغيب عن الكثير مقولة الفن للفن، وقد لا تغيب عن الكثير بما يعرف بالمسرح الإيديولوجي؛ ثم إن المسرح يتمثل بالنزوع الفردي الذي يعبر عن تطلعات الفرد، ويتطلع إلى تطلعات الإنسان، فالمسرح يبدو مسرحا إنسانيا أولا وأخيرا، فقضية ما تحدث في بلد بعيد قد يتعاطف معها إنسان آخر عبر المسرح، وخير ما يدل على ذلك، المسرحيات الغربية الكثيرة التي أنتجت في البلاد العربية، ومازالت تنتج.

وعَبْر الزمن، يتحدث المسرح عن الرؤية الإنسانية، وعن السطوة والسلط المتعددة عبر أزمنته، فمسرح الإغريق يختلف عن المسرح في العصور الوسطى، وقد حورب المسرح والمسرحيون في فترات زمنية مختلفة، والمسرح في عصر النهضة كما نجده عند شكسبير اهتم بتاريخ الإنسان والنزوات والحكم وغيرها، وفي القرن التاسع عشر نجد ابسن يفتح قضايا اجتماعية كانت محرمة عندما يشير إلى مكانة المرأة ودورها في بناء المجتمع من خلال العمل لتشارك الرجل..

 والمسرح أحيانا، كما في المسرح الطبيعي والواقعي، ينقل الحقيقة ويصورها لتبدو جلية واضحة أمام المتلقي، والمسرح الملحمي الذي يطالب بتغيير رؤية وأفكار الإنسان واتخاذ موقف، والمسرح الحديث والطليعي الذي يبين عن تشتت الرؤية الإنسانية، فهو إذن حالة إدانة للواقع وتشظي الإنسان، ومسرح ما بعد الدراما يبدو مختلفا تماما أو كثيرا، إذ نجد تخليه عن الموضوع أو الوحدة الموضوعية، ودعوة المتلقي ليتابع كل شيء بوعي، وقد يفشل بتصور معنى، وهي الرؤية التي يسعى إليها مسرح ما بعد الدراما الذي بدا متعددا كتشكيل وكولاج مسرحي متنوع من الفنون المختلفة، من التشكيل والموسيقى والرقص والشعر والصراخ والهذيان والارتجال... لكن كل تلك الرؤى وغيرها، وقفت عند محاولة تمثل الرؤية الإنسانية عبر مسرح مرحلي، ولكننا نعي المسرحي أكثر كلما اهتم بقضايا الإنسان، الإنسان العادي؛ فالمسرح محاربة للظلامية والقهر والحرب والسطوة، إنه مسرح قضايانا ولغتنا وفرجاتنا، مسرح الطبقة العاملة والمتوسطة، وبالتالي، فإنه المسرح الذي يعي ما يقوله من أجل الإنسان.


سؤال:  ماهي النصوص المسرحية التي تنصحون  بقراءتها؟

جواب: لا أخفي بأنني أول ما قرأت هو المسرح الشكسبيري والمسرح الملحمي، لكن على من يهتم بالمسرح، أو بفن من فنونه من الكتابة حتى الإخراج والتمثيل والنقد، أن يطلع على التجارب المسرحية المتعددة منذ الإغريق إلى المسرح العربي، ولذا لا يغيب عن المتخصص في المسرح قراءة مسرح توفيق الحكيم، والمسرح في المغرب أيضا، وربما نقول كل ما يستطيع قراءته من المسرح العربي.

المسرح تطور تاريخيا، وبدأ متسلسلا، ولا يصح انقطاعه مهما أوغل بعضهم بالحديث عن المسرح ما بعد الدراما، ولذا، يفترض في المتخصص أن يطلع على كل المسرح عبر مراحله الزمنية، اليونانية والرومانية والعصور الوسطى وعصر التنوير والاليزابيثي/ شكسبير والمسرح الرومانسي والواقعي والطليعي والحديث وما بعد الدراما/ الحداثة، ولم لا يتعرف المسرح في الشرق أيضا؟ ويفترض به أن يطلع على التجارب المسرحية العربية، التي أُرخت في منتصف القرن التاسع عشر، بداية من العام 1846/1847 بالحديث عن مارون النقاش، ولا ننسى أن المسرح العربي وقف على فرجات مسرحية متعددة، وصفت بأنها حالة اثنوسينولوجيا/ أي ما قبل المسرح، وفي المغرب فرجات مسرحية متعددة، وفي مصر وبلاد الشام، إذن، فالبلاد العربية لديها فرجات مسرحية، ولا بد من إدراجها في المشروع المسرحي، مهما اختلفت الفرجة عن المسرح.

 

سؤال: ما المطلوب من مدرس اللغة العربية كي يحبب مادته إلى  التلاميذ؟

جواب: بعيدا عن المؤثرات الخارجية، على معلم اللغة العربية أن يحبها أولا، ويحب التعليم والمدرسة ثانيا، ويجعل من درس اللغة العربية حالة دراسية واقعية يفترض في التلميذ أن يعيها تماما، ويعطيها ما تستحق من اهتمام.. قد ينوع معلم اللغة العربية من أساليبه التعليمية بتعليم التلاميذ عبر القراءة الإضافية في المكتبة، وتشجيع الطلاب على التعبير والتمثل، وعمل مسابقات تشجيعية فيها جوائز وحوافز. وقد تكون ثمة مسابقات خارج المدرسة، يشارك التلاميذ فيها؛ ولا ننسى الوسائل التعليمية الحديثة بدءا من الورقة وانتهاء بالحاسوب وجهاز العرض. وتستطيع التقنية الحديثة أن تساهم إيجابيا في تعليم اللغة العربية، وهي رؤية تقنية جيدة، شريطة أن يتلاشى التشتت. وبالحديث عن التشتت، على المعلم أن يملأ وقت التلميذ بمشاركات متعددة، بالكتابة والحوار، والمشاركة بإنجاز درس اللغة العربية، من خلال تكليف التلميذ بتقمص دور المعلم، وربما الإشارة إلى تفعيل دور الأسرة.. فله أهمية كبيرة بتقريب الطالب من تعليم اللغة العربية، وحث الأسرة على تشجيع الأبناء للمشاركة في نشاطات درس اللغة العربية المتعدد. ويستطيع معلم اللغة العربية بما أننا تحدثنا عن المسرح، تقريب درس اللغة العربية للتلاميذ من خلال تمثيل الدرس، إنه مسرح مدرسي يمثل بصورة حية الآن، وقد يتجاوز الأمر الغرفة الصفية إلى قاعة المسرح إذا ما توفرت في المدرسة قاعة للمسرح.

سؤال: أشكركم الأستاذ منصور علي عمايرة على هذا الحوار الماتع، وعلى هذا السفر في مدارج المسرح باعتباره أدبا وفكرا وحياة ومشروعا لبناء الإنسان طفلا وكهلا..

جواب: أشكرك أستاذ الشقروني، جهودك مقدرة ومتميزة، وأنت تسعى لتقديم رؤى فكرية متعددة، وتخصّ المسرح باهتمامك أيضا، إذ تجعله متاحا للمتلقي، وهذا محط تقديري، وأجدد تحيتي لكم.  

 

 







اضغط هنـا للكتابة بالعربية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على هذه المادة
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق





 
إعلانات
 
صورة وتعليق

مفارقة في التعليم
 
القائمة الرئيسية
 

» الرئيسية

 
 

»  تربويات TV

 
 

»  صورة وتعليق

 
 

»  حركات انتقالية

 
 

»  تشريع

 
 

»  بلاغات وبيانات

 
 

»  مذكرات

 
 

»  مواعد

 
 

»  أخبار متفرقة

 
 

»  أنشطة الوزارة

 
 

»  أنشطة الأكاديميات

 
 

»  أنشطة المديريات الإقليمية

 
 

»  مباريات

 
 

»  كتب تربوية

 
 

»  وجهات نظر

 
 

»  حوارات

 
 

»  ولنا كلمة

 
 

»  وثائق خاصة بمدير(ة) التعليم الابتدائي

 
 

»  الاستعداد للامتحانات المهنية

 
 

»  تكوينات

 
 

»  حركات انتقالية محلية

 
 

»  حركات انتقالية جهوية

 
 

»  حركات انتقالية وطنية

 
 

»  مذكرات نيابية

 
 

»  مذكرات جهوية

 
 

»  مذكرات وزارية

 
 

»  مستجدات

 
 

»  جذاذات أستاذ(ة) التعليم الابتدائي

 
 

»  بيداغوجيا الإدماج

 
 

»  الرياضة المدرسية

 
 

»  المخاطر المدرسية

 
 

»  عروض

 
 

»  تهنئة

 
 

»  تعزية

 
 

»  إدارة الموقع

 
 

»  الدعم البيداغوجي

 
 

»  التدبير المالي لجمعيات دعم مدرسة النجاح

 
 

»  التعليم و الصحافة

 
 

»  تربويات الأطفال

 
 

»  مستجدات تربوية

 
 

»  غزة تحت النار

 
 

»  خدمات تربوية

 
 

»  قراءة في كتاب

 
 

»  أحكام قضائية

 
 

»  أنشطة المؤسسات التعليمية

 
 

»  في رحاب الجامعة :مقالات و ندوات ومحاضرات

 
 
مواعد

مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين أبوابا مفتوحة لفائدة كافة منخرطي المؤسسة بجهة سوس ماسة يومي 07 و08 مارس 2023


المدرسة العليا للتكنولوجيا بكلميم تحتضن المناظرة الجهوية للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بجهة كلميم واد نون يوم الجمعة 01 يوليوز 2022

 
وجهات نظر

لماذا نحن امة لا تقرا ؟


هل يتدارك الأساتذة الزمن المدرسي الضائع؟!


هل تلقت النقابات التعليمية هبة حكومية؟!


أما آن للتنسيق الوطني أن يتعقل؟!


التنسيقيات: من قيادة الحراك التعليمي الى المنازعة على مسالة الاعتراف


أبهكذا خطة يمكن إنقاذ الموسم الدراسي؟!


متى كان الحقوقيون يدعون إلى العنف؟!

 
حوارات

من يؤجج احتجاجات الشغيلة التعليمية؟!


حوار مع الأستاذ مصطفى جلال المتوج بجائزة الشيخ محمد بن زايد لأفضل معلم


حوار مع الدكتور فؤاد عفاني حول قضايا البحث التربوي، وتدريس اللغة العربية

 
قراءة في كتاب

صدور كتابين في علوم التربية للدكتور محمد بوشيخة


سلسلة الرواية بأسفي الحلقة الأولى: البواكير و بيبليوغرافيا أولية

 
في رحاب الجامعة :مقالات و ندوات ومحاضرات
تيزنيت: ندوة وطنية حول موضوع المحاكم المالية ورهانات تعزيز الحكامة الترابية يوم الخميس 07 مارس 2024

 
خدمات