لمراسلتنا : [email protected] « الثلاثاء 19 مارس 2024 م // 8 رمضان 1445 هـ »

وثيقة مرجعية في شأن تكييف البرامج

في ما يلي وثيقة مرجعية في شأن تكييف البرامج الدراسية الصادرة عن مديرية المناهج -يناير 2024...

​بطاقات توصيف الاختبارات

​بطاقات توصيف الاختبارات الكتابية لمباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين لتوظيف أطر التدريس...

الوزارة تعلن عن ​إجراء

تعلن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن إجراء مباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين...

تربويات TV

لقاء مع السيد محمد أضرضور المدير المكلف بتدبير الموارد البشرية وتكوين الأطر بالوزارة حول مستجدات الحقل التعليمي


هذا رد التنسيقية على إنهاء الحكومة للمفاوضات مع ممثلي الأساتذة


مسيرة نساء ورجال التعليم بمدينة تيزنيت يوم 2023/11/23


تغطية الوقفة الاحتجاجية أمام المديرية الإقليمية للتعليم بسيدي إفني يوم 02 نونبر 2023


الأساتذة يحتجون امام المديريات الإقليمية للتعليم


كلام يجب أن يسمعه معالي الوزير

 
أحكام قضائية

حكم قضائي بإلزامية إخبار الإدارة للموظف كتابيا بنقطته الإدارية كل سنة تاريخ الصدور : 17 فبراير 2015


أحكام قضائية

 
البحث بالموقع
 
أنشطة المديريات الإقليمية

مراكش: ورشة للتثقيف بالنظير بالوسط المدرسي


المديرية الإقليمية للتعليم بأكادير تحتفي بالمتفوقين بمناسبة اختتام الموسم الدراسي 2022-2023


''تفعيل مستجدات المنهاج الدراسي للسلك الابتدائي'' موضوع الندوة التكوينية من تنظيم المديرية الاقليمية للتعليم أكادير إداوتنان


الحوز: نور الأطلس يسطع في تحدي القراءة

 
أنشطة الأكاديميات

ورشة لتقاسم نتائج دراسة حول العنف بالوسط المدرسي بمراكش


''مشروع إعداديات الريادة'' محور اللقاء التواصلي الجهوي بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة


أكثر من 156000 تلميذ (ة) استفادوا من الدعم التربوي على مستوى الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين لجهة سوس ماسة


المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتّربية والتكوين لجهة سوس ماسة صادق بالإجماع على قضايا جدول أعماله

 
خدمات تربوية

تربويات الأطفال


تربويات التلميذ والطالب


موقع تبادل (تربويات)


فضاء جذاذات أستاذ(ة) التعليم الابتدائي


وثائق خاصة بمدير(ة) التعليم الابتدائي

 
خدمات

 
 


أضيف في 27 غشت 2023 الساعة 42 : 12

التدبير الحديث للمؤسسات التربوية و قيادة التغيير




 

 

مقدمة :

 

تعتبر الإدارة التربوية والقيادة التربوية مفاهيم مركزية في فهم التنظيم في المؤسسات التعليمية.  والادارة باعتبارها علم يعني انها تقوم على اسس ومبادئ علمية منظمة تستخدم اسلوب البحث العلمي في دراسة المواقف الادارية وهو اسلوب قائم على التحديد والتجربة والقياس والبرهان.

تعتبر الادارة فن لأنها تعتمد موازاة مع ضوابطها وقوانينها على العنصر البشري، فقوانين الادارة ليس بوسعها ان تقاوم جميع المشاكل التي تواجه المقاولة، بل لابد من العنصر البشري الذي يعمل على ايجاد الحلول المناسبة.

فالإدارة اذن مجموعة من المعارف الدقيقة والمنظمة التي اكتسبها العنصر البشري في خلال سعيه لفهم محيط المقاولة، لذلك ففن الادارة يبتدئ في حين انتهاء علم الادارة.

و إذا كانت الادارة هي مجموعة من الوظائف تتمثل في التخطيط والتنسيق والتوجيه والبرمجة والرقابة والتحفيز لبلوغ اهداف محددة. فان العملية الادارية تطورت، واصبحت ذات صبغة إنسانية، اي اصبحت عملية انسانية بامتياز، فالمدير يدير افراد بحيث برز دور العمل الانساني في ادارة الاعمال، وظهرت اهمية القيادة الادارية كسلوك متكامل المعالم يؤمن بأن التعاون الاختياري اساس اي مجهودات تنظيمية، وبرزت كذلك اهمية القيادة الادارية كسلوك جماعي يقوي روح الجماعة ويثبت روح القوى العاملة. وأصبحت الادارة مطالبة بتحقيق النفع للمجتمع من خلال الموازنة بين مصالح المقاولة ومصالح الفراد.

 

لقد تأثر مفهوم الإدارة التعليمية بالحركة العلمية والتطورات المتعلقة بعلم الادارة؛ وتبعا لذلك انتقل من مفهوم يعتمد على التسيير و الرئاسة و تنفيذ الساطر و القرارات، وذلك بالانتقال من إدارة تقليدية تقوم على الارتجال و الخبرات الشخصية الى إدارة علمية، تعتمد على مفهوم القيادة والقيام بوظائف التدبير و عملياته و تهدف الى معالجة المشكلات ، بأسلوب يعتمد على التفكير و الاستقراء ، و استخدام سبل التحليل و القياس و الموضوعية [1]. وذلك لتحقيق أهداف المؤسسة.

لقد تطورت النظرة الى الإدارة التربوية في السنوات الأخيرة نتيجة عوامل عديدة منها :

ü         محاولة إضفاء الصبغة العلمية و العملية على الإدارة، و اعتبار المدير صاحب مهنة يستلزم امتلاك كفايات القيادة و التدبير.

ü         النظر الى التدبير )الإدارة( باعتباره وظائف و عمليات و تفاعلات و عمليات إنسانية .

ü         اهتمام الإدارات و المقاولات بالفئات المستهدفة، و تركيز المؤسسات التعليمية بالمتعلم و جعله في قلب اهتماماتها.

ü         الانتقال من التدبير المركزي الى التدبير اللامتمركز) الجهوي و المحلي(.

ü         اعتماد مقاربات و تقنيات جديدة بحثا على مزيد من الفعالية l'efficacité) (و النجاعة l'efficience ) (في تحقيق النتائج و الأهداف .

ü         إقامة تكامل بين بعدين أساسيين : وظائف التدبير و عملياته وطرائق القيادة و أساليب التدبير .

ان التحديات التي تواجه قادة المدارس أكبر كثيرا من تلك التي يواجهها القادة في ساحات أخرى . و هذا الأمر نابع من طبيعة التربية و التعليم ومن الطريقة التي نظمت بها مدارسنا . حيث لم تكن القيادة في يوم من الأيام عملا سهلا ؛ بل ان الشيء الأكثر صعوبة هو قيادة أولئك الأشخاص الذين نريد لهم أن يعلموا طلبتنا .

ان القدرة على قيادة و إدارة التغيير تعد مهارة أساسية لجميع الافراد في المدرسة سواء مان عملهم على مستوى افصل أو على مستوى الإدارة .فعمليات التغيير ، لا تتطور من تلقاء ذاتها ، بل تستوجب تنسيقا نشيطا ، و تدخلا اراديا لعدد من الفاعلين ، حيث أن التغيير يصطدم بأفعال مقصودة ، و قد تتم محاصرته ، و تأجيله ، و اضعافه ، في ظل التأثير الضئيل للسلطة النظامية )مونيكا غاتر تورلر "القيادة و أساليب ممارسة السلطة(، وعادة ما يؤدي التغيير الى احداث اضطراب و عدم استقرار في نظام المدرسة ، و في الوقت الحاضر ، و في جميع الأحوال لا يعتبر شيئا سيئا شريطة ادارته و قيادته بصورة جيدة )برنت ديفيز ن ليندا اليسون ، كريستوفر باورنج-كار "القيادة المدرسية في القرن الحادي و العشرين ن تطوير مدخل استراتيجي (  ، ان قيادة المدرسة تتضمن خلق البيئة التي فيها كل فرد ينمو ، بما في ذلك المدرسون و المدراء انفسهم .

 الإشكالية الرئيسية :

ماهي الأساليب الحديثة لقيادة التغيير بالمؤسسات التربوية ؟

 

الإشكاليات الفرعية :

ماهي الطريقة المثلى لقيادة و إدارة وممارسة التغيير ؟ و هل هناك طرق مثلى ، و فعالة لعملية التغيير ؟

وكيف يمكن لرؤساء المؤسسات، أن يتعاملوا مع مهمتهم المزدوجة، المتمثلة في ضمان استمرارية العمل و القيام بالتغيير؟

وهل يمكننا أن نتصور أن المدرسين يلعبون دور القادة المجددين ، وذلك باتفاق مع زملائهم وأيضا مع الفريق الإداري؟ 

لمعالجة هذه الإشكالية اعتمدنا الخطة الاتية :

سنسعى الى تحديد مفهوم الإدارة التعليمية وبعض المفاهيم المرتبطة بها كالإدارة المدرسية، وتحديد مفهوم القيادة التربوية، وتمييزها عن الإدارة التعليمية. وكيف ساهمت مدارس علم التدبير بمجموعة من الأفكار كالمدرسة الكلاسيكية التي أصبحت في صلب عملية التدبير و مدرسة العلاقات الإنسانية، التي تهتم بالعامل من حيث الجوانب النفسية و الاجتماعية و الإنسانية .

كما ستناول ايضا، الجوانب الهامة و الفعالة لفهم التغيير و علاقة ذلك بالقيادة ، و في النهاية سنحاول اكتشاف بعض الطرق و الممارسات الهامة لقيادة و إدارة التغيير الناجح.

الفصل الأول : تحديد مفهوم الإدارة و القيادة التربوية

تمثل القيادة التربوية والإدارة المدرسية أهمية كبرى في نجاح العملية التعليمية و على هذا الأساس سيتم تحديد مفهوم الإدارة التعليمة و القيادة التربوية ثم بعد ذلك سنتحدث عن تطور مفهوم التدبير والقيادة في المؤسسات حيث يمكننا الحديث عن مجموعة من مدارس علم التدبير التي يمكن حصرها في المدرسة الكلاسيكية  و مدرسة العلاقات الإنسانية التي هي ذات طبيعة إنسانية ، تهتم بالعامل من حيث الجوانب النفسية و الاجتماعية و الإنسانية .

المبحث الأول: مفهوم الإدارة التعليمة و القيادة التربوية

فالإدارة تعنى بالنشاط المؤثر بالجهاز الإداري لأنه ينقله من الحالة الساكنة إلى الحالة المتحركة، والقائد هو الذي يمارس هذا الفن متمثلاً في القدرة على التوجيه والتنسيق والرقابة والتحفيز بالنسبة لعدد من الناس الذين يعملون لتحقيق الأهداف المطلوبة وفي القدرة على استخدام السلطة الرسمية عند الاقتضاء أو الضرورة، وفي القدرة على التأثير والاستمالة في مواقف أخرى.

المطلب الأول: الإدارة التعليمية وبعض المفاهيم المرتبطة بها

في الوهلة الأولى يبدو مفهوم الإدارة التعليمية من بين المفاهيم الأكثر وضوحا والأكثر بساطة في الاستعمال اليومي، ويتم تعريفه عادة من قبيل الإدارة التربوية، الإدارة المدرسية، وعموما لا يميز المؤلفون بين هذه الصور التي تبدو وكأنها تعبر على نفس الشيء. لقد اضحى من الضروري التركيز على التمييز بين الإدارة التعليمية و الإدارة المدرسية . 

الفرع الأول: الإدارة التعليمية

 كفرع من الإدارة العامة لها شخصيتها تعتبر الإدارة التعليمية مجموعة من الاعمال المتشابكة و المتكتلة في التخطيط ، التنظيم ، المتابعة ، التوجيه و التقويم ، و التي تتكامل مع بعضها لتحقيق غرض مشترك فان الإدارة التعليمية [2]، كما عرفها إبراهيم مطاوع و أمينة أحمد في كتابهما " الأصول الإدارية للتربية " مجموعة من العمليات المتشابكة التي تتكامل في ما بينها في المستويات الثلاثة : الإدارة على المستوى الوطني )وزارة التربية الوطنية (،المستوى الجهوي )الأكاديميات و المديريات التابعة لها ( ، المستوى الاجرائي و المحلي )الوحدة المدرسية أو المؤسسة ( ، لتحقيق الأهداف المنشودة في التربية . و الإدارة التعليمية بهذا المعنى ، شانها شأن الإدارة في الميادين الأخرى ، وسيلة و ليست غاية في ذاتها ، ينظر الى الإدارة من خلال كونها وظائف و مكونات .

كما عرفت الإدارة التعليمية بأنها الطريقة التي يدار بها التعليم في مجتمع ما ، وفقا الايديولوجية ذلك المجتمع و أوضاعه ، و الاتجاهات الفكرية التربوية السائدة فيه ، ليصل الى أهدافه من خلال كل نشاط منظم مقصود و هادف ، يحقق الأهداف المنشودة في المدرسة . و بهذا ، ينظر الى الإدارة من حيث كونها طريقة او أسلوبا [3].

اما محمد منير مرسي ، فقد عرف الإدارة التعليمية في كتابه " الإدارة التعليمية أصولها و تطبيقاتها " أنها : " كل عمل منسق يخدم التربية و التعليم و تتحقق من ورائه الأغراض التربوية و التعليمية تحقيقا يتماشى  مع الأهداف الأساسية للتعليم " .

ومن خلال استعراض التعريفات السابقة للإدارة التعليمية نجد ان هناك من ينظر اليها من خلال كونها وظائف و مكونات ، في حين ، أن هناك من ينظر اليها من حيث كونها طريقة و أسلوبا . و بما أن الإدارة المدرسية جزء من العملية التعليمية ، التي تعتبر هي الأخرى جزءا من الإدارة العامة ، فان سننتقل الى تعريف خاص و هو الإدارة المدرسية .

الفرع الثاني : الإدارة المدرسية

عرف حسن مصطفى الإدارة المدرسية في كتابه " اتجاهات جديدة في الإدارة المدرسية " أنها : مجموعة من العمليات التي يقوم بها اكثر من فرد بطريقة ، للتعاون و الفهم المتبادل ، وهي جهاز يتألف من مدير المدرسة و نائبه )الناظر ، المدير المساعد ، الحارس العام ( و الأساتذة و الموجهين و الرواد ، أي كل من يعمل في النواحي الفنية و الإدارية . كما عرفها صلاح عبد الحميد مصطفى في كتابه " الإدارة المدرسية في ضوء الفكر الإداري المعاصر " ، أنها مجموعة من العمليات الوظيفية ، تمارس بغرض تنفيذ مهام مدرسية بواسطة آخرين ، عن طريق تخطيط و تنظيم و تنسيق ورقابة مجهوداتهم و تقويمها ، و تؤدي هذه الوظيفة من خلال التأثير في سلوك الأفراد لتحقيق أهداف المدرسة[4] .

نستخلص من ذلك أن الإدارة التعليمية[5] هي : الجهاز الذي يساعد على ترجمة الأفكار والنظريات والفلسفات التربوية السائدة في المجتمع إلى واقع ملموس, وهي في ذاتها تعمل على توجيه التغيرات الاجتماعية، كما تعمل على استقرار هذه التغيرات، والإدارة التعليمية بهذه النظرة تعتبر مسؤولية مشتركة يجب أن تتضافر جهود المجتمع لإنجاحها

سواء العاملين فيها أو الذين يستثمرون جهودهم فيها .

. والإدارة المدرسية تعتبر جزءاً من الإدارة التعليمية التي هي جزء أيضاً من الإدارة العامة، والإدارة المدرسية هي : "جميع تلك الجهود المنسقة التي يقوم بها مدير المدرسة مع جميع العاملين معه من مدرسين وإداريين وغيرهم بغية تحقيق الأهداف التربوية داخل المدرسة تحقيقاً يتمشى مع ما تهدف إليه الأمة من تربية أبنائها تربية صحيحة وعلى أساس سليم


و خلاصة القول إن الإدارة المدرسية أصبحت هي الجهة المسئولة عن تنفيذ البرامج الدراسية وإعدادها ومناقشة المناهج وتهيئة الجو العام في المدرسة، لذا أصبح من الضروري للمشتغلين بالإدارة المدرسية معرفة المعلومات الأساسية لهذه الإدارة لاسيما بعد أن اتسع مجالها ليشمل النواحي الإدارية والفنية، وبعد أن أصبحت الإدارة توجه عنايتها للطفل في المدرسة, بالإضافة إلى البيئة والمجتمع[6].

و أن الإدارة المدرسية هي من الابتدائي الى الثانوي ، و الإدارة التعليمة ، هي كل مؤسسة أو وحدة إدارية ذات طابع ادري .

المطلب الثاني  :القيادة التربوية للمؤسسات

أولا :تعريف القيادة

يعرف بوش و غلوفر )  BUSH ;GLOVER,2003 ,10 (القيادة على النحو الاتي : "القيادة هي عملية التأثير تفضي الى انجاز الهدف المرغوب فيه ، فهي تتضمن حث و تشجيع الأفراد و الآخرين نحو تحقيق رؤية المدرسة ، قائمة على قيم شخصية أو مهنية واضحة "[7]

القيادة" Leadership " للمدرسة سلوك يقوم به المدير)ة ( ،القائد لتوجيه نشاط المجالس والأساتذة و التلاميذ و الشركاء لتحقيق رسالة المدرسة . و القيادة وظيفة لها دور أساس في نجاح التدبير ، و كفاية يتفاعل فيها الفن بالعلم لتمكين المدير ة القائد من كسب ثقة و احترام المجالس والمدرسين و التلاميذ و الشركاء ، ومن القدرة على التاثير في سلوكهم و مواقفهم ، و حفزهم و انخراطهم الفعال في تحقيق أهداف المدرسة [8].

و كما قال دوايت أيزنهاورEisenhower  " Dwight"القيادة هي فن جعل الآخر يفعل شيئا أنت تريده أن ينجزه لأنه هو نفسه يريد أن يفعله ".

ثانيا : تمييز القيادة عن الإدارة التعليمية

يميز الأكاديميون بين القيادة والإدارة [9]، فالقيادة في نظرهم هي خلق الرؤية و التعامل مع الذين هم خارج المؤسسة و الهام الآخرين. أما الادارة فهي تنفيذ الرؤية، والتعامل مع الموظفين والحفاظ على المعايير. فالقادة الأقوياء يمارسون القيادة والإدارة معا.

القادة يخلقون الرؤية ، و يتعاملون مع فرقاء خارج المؤسسة و يلهمون . لكن القادة يعملون أيضا على على تنفيذ الاستراتيجيات التي تجعل الرؤية و اقعا ملموسا ، و يتعاملون مع الموظفين بالانتقال، و يتابعون القضايا و الأمور ليضمنوا فعل الأشياء الصحيحة بالطريقة الصحيحة.

المبحث الثاني : تطور مفهوم التدبير والقيادة في المؤسسات

يمكننا الحديث عن مجموعة من مدارس علم التدبير التي يمكن حصرها في المدرسة الكلاسيكية )المطلب الأول( التي ساهمت بمجموعة من الأفكار التي أصبحت في صلب عملية التدبير و مدرسة العلاقات الإنسانية )المطلب الثاني(  ذات طبيعة إنسانية ، تهتم بالعامل من حيث الجوانب النفسية و الاجتماعية و الإنسانية .

 

المطلب الأول: المدرسة الكلاسيكية للتدبير  

تتفرع هذه المدرسة الى ثلاثة اتجاهات [10]

الاتجاه الأول :

يعنى بالتنظيم العلمي للعمل من خلال التركيز على زاوية إنتاجية العمل، ومن أهم ممثليه: رالف تايلور (F.Taylor 

تتميز بالخصائص التالية [11]:

أولا : دراسة المعارف التقليدية و تسجيلها و تصنيفها و تحويلها الى قوانين علمية .

ثانيا : الاختيار العلمي للعمال و فق الرؤية العلمية من طرف العمال .

ثالثا : تطبيق الرؤية العلمية من طرف العمال .

رابعا : التوزيع المتساوي للعمل بين العمال و أعضاء القيادة .

يتضح من خلال هذه المبادئ المؤسسة للتايلورية المنحى العقلاني لتنظيم العمل ، بل ان التقدم الصناعي لا يمكن اختزاله في التحكم التقني ، و لكن في عقلنة تنظيم العمل .

الاتجاه الثاني:

 يهتم بالتنظيم الشامل لادارة المقاولة ، و بالطرائق التي تجعلها اكثر فاعلية و من اهم ممثليه هنري فايول Henry Fayol)  (في كتابه الإدارة الصناعية الشاملة ، الذي صدر سنة 1916 م. و قد بنى فايول تدبير الإدارة على مجموعة من القواعد ، مثل : التنبؤ )تصور الهدف الذي ينبغي تحقيقه ( و التنظيم و التسير أو القيادة ، و التنسيق و الرقابة . و يعرف فايول في ادبيات علوم التدبير بالمبادئ الأربعة عشرة التي تتمثل في : تقسيم العمل )احترام التخصص( ، و التوازن بين السلطة و المسؤولية و الالتزام بالنظام )معرفة الواجبات و الحدود الفاصلة بين المقررين و المنفذين (، ووحدة الامر )مسؤول واحد(، و المركزية ، و التراتبية الإدارية ، و رفع الأجور و المكافآت حسب الإنتاجية و الكفاءة العلمية و العملية ، ووحدة الهدف ، و إرساء النظام المالي و الاجتماعي ، و مبدأ المساواة ، ومبدا الاستقرار في العمل ، و مبدا المبادرة ، و روح الفريق .

الاتجاه الثالث :

اهتم هذا الاتجاه بالبيروقراطية من جلال التركيز على السلطة في مجال الإدارة و الاقتصاد ، و تبيان اشكال تنظيمها . و من أهم ممثليه : ميشيل كروزييه Michel Crozier ، و ماكس فيبر Max weber  الذ يقسم السلطة الى ثلاثة : السلطة الكاريزمية التي تعود الى شخصية المسؤول الىسرة التي تجعل الآخرين يلتزمون بأوامرها اقتناعا و اعجابا . و السلطة التقليدية القائمة على الأعراف و التقاليد و الوراثة و السلطة الرسمية الوظيفية "البيروقراطية "

المطلب الثاني : مدرسة العلاقات الإنسانية

تركز هذه المدرسة على الجوانب الإنسانية في الإدارة ، و قد كانت بدايتها مع محاولة إلتون مايو ( Elton Mayo) وأعوانه في التجارب المعروفة بإسم تجارب هوثورن والتي أجريت في شركة وسترن إليكتريك (Western Electric) بمصنع (Howthorne) بمدينة شيكاغو أولى المحاولات المكثفة لدراسة أثر العوامل المادية للعمل على الكفاية الإنتاجية للعاملين. و قد شملت الدراسة 2900 شخص يعملون بمعامل خاصة .

رغم الشروط المادية و الظروف الجيدة التي يعمل فيها العمال كالأجور المرتفعة و التطبيب و الخدمات المقدمة و التغذية بعين المكان و العلاج لوحظ أن علامات عدم الرضى كثيرة مثل التغيبات المتكررة و التوقف عن العمل و انعدام الجدية و الجودة في العمل .

سارعت الإدارة و بمساعدات باحثين جامعيين الى البحث في شروط العمل ، فكانت البداية بالإنارة التي تبين أن لها تاثير كبير على الإنتاج . و كان هذا الفريق يبحث في تأثيرات و متغيرات غير الانارة على الإنتاج مثل العمل الفردي و الجماعي و الغلاف الزمني و العمل في نهاية الأسبوع ، و قد بدا للباحثين أن احداث متغير كحذف العمل في نهاية الأسبوع مثلا يزيد في المردودية ، و هكذا ظل فريق الباحثين يحدث المتغيرات و يعود الى الحالة الأولى للوقوف على أسباب التغيبات و عدم الرضى و قلة الإنتاجية . وجاءت النتائج غير متوقعة, مؤكدة وجود متغير جديد وهو الروح المعنوية للعمال ودرجة الانسجام والوئام القائمين بين المجموعة العاملة .

المطلب الثالث  :المدرسة السلوكية

ترتبط المدرسة السلوكية بالمثير والاستجابة، ولها علاقة بمدرسة العلاقات الإنسانية. وتعني هذه النظرية أن تحقيق الفعالية الإنتاجية لا تكون إلا بالتحفيز المادي والمعنوي، وإشباع رغبات العمال وحاجياتهم العضوية والنفسية. أن هذه المدرسة تركز كثيرا على مفهوم التحفيز من خلال ربط العلاقة بين العامل والمعمل. وإذا كانت مدرسة العلاقات تركز كثيرا على الحوافز المادية، فإن المدرسة السلوكية تركز على الحوافز المعنوية. ومن أهم نظريات هذه المدرسة

أولا :  نظرية أبراهام ماسلو  (Abraham maslow)

يرى هذا الباحث أن الحاجات شيء من الحياة الإنسانية و أن اصل الحاجات ليست نفسية أو فطرية فقط ، و انما هي ثقافية و اجتماعية كذلك ، و هي تتولد عن ضرورات التملك أو الاستهلاك مما تترتب عنه تحفيزات تدفع الفرد للقيام بشيء ما قصد اشباع الرغبات ، ثم ان "ماسلو" لا يقيم تراتبية بين الحاجات ، و من تم تكون أولوية لحاجة عن أخرى ؛ أي ان هناك حاجة عليا و جب اشباعها أولا ثم هناك حاجة دنيا تختفي لما تظهر أو تشبع الأولى . تشبه الحاجات هرما يتكون من الحاجات العضوية و الأمنية و الائتمانية و التقدير و تحقيق الذات ، علما أن "ماسلو" يعطي الأولوية للحاجات العضوية ثم تاتي الحاجات الأخرى في المرتبة الثانية بعد الاشباع . فإشباع حاجة لا يعنى زوالها من هرمية الحاجات التي وضعها ابراهام ماسلو بل إفساح المجال الى حاجة أخرى تبرز أهميتها بعد الحاجة المشبعة لتعود الحاجة المشبعة عندما يحين وقتها لتعلو سلم الأولويات للإشباع وهكذا  [12].

ثانيا : نظرية فريدريك هيرزبيرغ

 تَكمُن أهمية دراسة هيرزبيرغ في قدرة الباحث وبراعته في تحليل الكثير مِن الأفكار والتوقعات والاتِّجاهات في مجال تحفيز العامِلين، وإضافةً إلى تبنِّيه هذا المنهج التحليلي فإن الباحث يُحاوِل أن يُزيل الكثير مِن الأوهام والأفكار المَغلوطة حول هذه القضية المهمة، مُبيِّنًا كيف أثبتَت التجارب والدِّراسات ضَعف الصِّلة بين الأداء الوظيفي وكثير مِن الأساليب السائدة والمُستعمَلة في مجال التحفيز؛ مثل: محاولات التحفيز الوظيفي بتقليل ساعات العمل، وزيادة الأجور، وتنويع برامج العَوائد والمنافع الوظيفيَّة، وإشراك العامِلين في اتِّخاذ القرارات، والتحاوُر معهم مُباشَرة.
تركز نظرية هيزربيرغ على دور العمل وأهميته في حياة الأفراد العاملين حيث قسم نظريته إلى فئتين من العوامل  ومنها :الدافعية وتشمل الشعور بالإنجاز إدراك الشخص لقيمة عمله نتيجة إتقانه و أهمية العمل نفسه كونه   فيه نوع من التحدي.ومن العوامل الوقائية التي يجب أن تتبعها المؤسسة تشمل ما يلى : سياسة الشركة و إدارتها و كذا نمط الاشراف و ظروف العمل و الأجور و الرواتب و المكافآت .

ثالثا :التحليل الفرويدي و علاقة الفرد بالجماعة :

ان علاقة الفاعل بالتنظيم لا يمكن أن تختزل في السلطة و الاستراتيجيات و حدها . لقد عمل فرويد على تحليل علاقة الفرد بالجماعة ، متجاوزا التحليلات السابقة )ظاهرة التنظيم ... ( الى تحليل التنظيمات و المجتمعات . حيث يذهب الى ما وراء العلاقات البينشخصية الفردية ليطال المجتمع و التنظيم [13].

ان الانسان كائن ذو رغبات ، اذ أن جميع البنيات التنظيمية ترتبط بالمتخيل الاجتماعي . أي هناك تفاعل بين الفردي و الاجتماعي .

ترى المدرسة النفعية الإنجليزية في القرنين 18 و 19 )هيوم -بنتام-جون ستيوارت ميل ، أن الفرد يوجه في سلوكه بالبحث عن تسوية بين المزايا القابلة للحسم و التكاليف من كل الأنواع التي يتوقع تحملها . انها نظرية الحساب العقلاني .

و في منظور اخر ، لاحظ فرويد أيضا بأننا نقوم بإجراء تسويات دائمة بين مبدا اللذة و مبدأ الواقع ، أي بين الرغبة باشباع الغرائز فورا ، و الاهتمام بتجنب الألم و الكبت[14] .

و اجمالا فان التحليل النفسي هو تحليل اللاوعي . تحليل ما ينفلت من الوعي و عقلانية التنظيمات ، حيث أن بنيات هذه الأخيرة لها سيرورات عصابية لا يمكن فهمها الا باستحضار وعي الافراد .

رابعا : المدرسة الحديثة

لم يتأسس علم التدبير في الحقيقة إلا مع المدرسة الحديثة في سنوات الخمسين الأخيرة من القرن الماضي ،  وقد انقسمت هذه المدرسة بدورها إلى اتجاهات وتيارات مختلفة، ولكل تيار رواده ومفكروه. ومن أهم هذه الاتجاهات نذكر: اتجاه طرق التدبير الكمية الذي يعتمد على الرياضيات والهندسة والإحصاء والمعلوماتية، واتجاه السلوك التنظيمي الذي يهتم بالعلاقات الإنسانية بين المديرين وفرق العمال، واتجاه نظرية النظم. ومن جهة أخرى، هناك اتجاهات حديثة في مجال التدبير، مثل: أهمية عمل الفرق، وأهلية الأطر، وثورة معايير الجودة.

الفصل الثاني : أساليب وطرق قيادة و إدارة التغيير

عادة ما يؤدي التغيير الى احداث اضطراب و عدم استقرار في نظام المدرسة ، و في الوقت الحاضر ، و في جميع الأحوال لا يعتبر شيئا سيئا شريطة ادارته و قيادته بصورة جيدة . و لكن ماهي الطريقة المثلى لقيادة و إدارة التغيير ؟ و هل هناك طرق مثلى ، و فعالة لعملية التغيير ؟

سوف نتناول جانبين لفهم التغيير من خلال علاقة القيادة بالتغيير و التجديد، و في النهاية سنحاول اكتشاف بعض الطرق و الممارسات الهامة لقيادة و إدارة التغيير الناجح في المؤسسات.

المبحث الأول : علاقة القيادة بالتغيير و التجديد

ان عمليات التغيير لا تتطور من تلقاء ذاتها ، فهي تستوجب تنسيقا نشيطا ، و تدخلا اراديا لعدد من الفاعلين ، حيث أن التغيير يصطدم بأفعال مقصودة ، و قد تتم محاصرته ، و تأجيله ، واضعافه في ظل التأثير الضئيل للسلطة النظامية [15].ومن بين الفاعلين في مجال التغيير ، نجد رؤساء المؤسسات ، حيث يشغلون و ضعا مركزيا ، كقادة للتغيير ، وقد نتساءل عن العلاقة بين السلطة و القيادة ، حيث يقوم المدرسون بأفعال اتجاه الأطر ، من خلال تعبيرهم عن ارتياحهم للقيادة ، بينما آخرون يرفضون القيادة ، اذن فالقيادة  قد تواجه اعتراضات من طرف المدرسين ، حيث القادة لامكان لهم بينهم و تتأسس سلطتهم الشخصية على مجموعة من الاعتبارات و المصادر سنبينها فيما يلي .

المطلب الأول : : الجوانب المهمة في فهم التغيير

ان القدرة على التأثير والقيادة تتأسس على الصفات الشخصية و الاجتماعية للشخص ووضعه في المجتمع . حيث  هناك ثلاثة أوضاع ينبغي التمييز بينها[16] :

السلطة القائمة على الكاريزما Le charisme   ويعرفها " ماكس ويبر " باعتبارها ترتكز على النعمة الشخصية و الاستثنائية لفرد كاريزمي ؛ و تتميز بإخلاص الرعايا الشخصي كليا لقضية انسان ، و بثقتهم في شخصه فقط باعتباره ينفرد بصفات خارقة ، و بالبطولة و بغيرها من الخصوصيات النموذجية التي تصنع الزعيم .

السلطة القائمة على الاهلية la compétence : تعرف الأهمية بالتحكم بالمعارف ، المشهور انها فعالة و معطية للقيمية في وضع معين ، و مراقبتها )  معارف الطبيب تجاه مريضه ، و معارف حامل دبلوم من مدرسة عليا في سوق العمل ( 

ومن المفيد التمييز بين نمطين من الاهلية . من جهة أولى ، أهلية الخبير المتخصص ، الممتلك لمعارف دقيقة ، نادرة نسبيا ، و مطلوبة ، و هي في بنية السلطة السياسية ، سلطة رجل المال ، و الاستراتيجي العسكري ، و الدبلوماسي .و من جهة أخرى ، سلطة المسؤول التسلسلي التي ترتكز على مراقبة شبكات معلومات اجتماعية ، مراقبة تسمح له ،  من جهة بامتلاك قدر أكبر من المعلومات المفيدة ، و من جهة أخرى ، بتطبيق احتفاظا محسوب بما يعلم . ان سلطة الوزير ، و المحافظ ، و رئيس المشروع الخاص مشارك في هذه الفئة ، جزئيا على الأقل.

السلطة القائمة على القيم : توجد في كل مجتمع قيم مشتركة تشبه بها ، بطريقة مميزة ،بعض مقولات الأشخاص أو بعض الافراد . و هذا الوضع السامي يعطيها سلطة تاثير خاصة ، يسميها برتراند دو جونفيل " السلطة الخالصة "

ان السلطة القائمة على المعتقدات ، تحافظ على علاقات اصلية ، على الأقل، مع المقدس ، الذي هو بالفعل نظام قيم لا تخضع ملاءمة للنقاش الحر ، لكن تفسيره يحجز لممثلين مفوضين و مدربين حسب الأصول .

و السلطة الشرعية في أيامنا هذه تثير التساؤل و الشكوك حول كل شيء ، هي اضعف اشكال السلطة [17]. ففي كثير من الحالات لم يعد احد منا يفترض أن أولئك الذين يشغلون المناصب يعرفون أكثر مما نعرف أو أنهم يجب ان يطاعو تلقائيا . و السلطة الشرعية وحدها لا تتيح لك أن تنجز الكثير . و قد لاحظ بولمان و ديل (Bolman and Deal) هذا الواقع حين قالا : " قلما يبدل الناس أفضل جهودهم و يتعاونون التعاون الكامل لمجرد أنهم يؤمرون بذلك . انهم بحاجة لأن يروا الأشخاص الذين في السلطة ذوي مصداقية و مؤهلات عالية و يسعون في اتجاهات معقولة "

ففي المجال المدرسي و كغيره من المجالات أصبحت تمثلات السلطة و النفوذ و التاثير و بالتالي القيادة حاضرة تماما ، فالانخراط في عملية التجديد يستعي الوعي بمختلف اشكال و طرق قيادة التغيير و تحديد الثمن  الذي سوف يدفعه كل واحد بما في ذلك القائد نفسه لممارسة التاثير و الخضوع .

تبقى السلطة حاضرة و غير مخفية بين المدرسين ، و الرؤساء ، من خلال الصراع ، أو الهيمنة ، فالسلطة تتاسس ، على الرغبة في الاعتراف ، وتقدير الذات من جهة ، و التجديد ، كمبرر من جهة أخرى [18].

فلا يمكن للسلطات التربوية المدرسية ، ممارسة النفوذ ، بدون رغبة و حاجة هؤلاء المدرسين ، كالاندماج في الجماعة و التضامن ، نجاح التلاميذ ، الشفافية ، كلها تساهم في تطوير المدرسة .

ان عمليات التغيير ، هي التي تحول الواقع ، و تعيد النظر في توزيع الأدوار ، و يبقى التغيير مرتبط أساسا بالامكانات ، حيث تنبثق علاقات قوى جديدة ، وقيادة جديدة تمنع الفاعلين من التقوقع داخل رتابتهم و أدوارهم بما يسمح بفتح نقاش حول الأهداف، الكفايات المهنية ، فتطور العلاقات المهنية يدفع الفريق التربوي الى الحديث عن المشاكل و العمل على حلها ، فالروابط تتحدد بين القادة ووظيفة النفوذ من منظور التغيير ، بوجه جديد ، حيث يتم ادماج الجوانب السياسية ، و الشفافية ، ضمن رؤية أكثر دينامية .

فمستوى القيادة في مجال التجديد ينقسم الى قسمين[19] :

v              مستوى أول مجرد و ذهني : حيث يتم اقتراح رؤى ، و تحديد محاور للتطور ، و تصور استراتيجيات ، ووضع الشروط الضرورية للتغيير.

v              مستوى ثاني : يعتمد على التدبير من طرف السلطة النظامية ، حيث الانشغال بالمهام المبتذلة لتحريك المؤسسة ، و تكون ضرورية .

فجودة و درجة انجاز مشروع ، تتم بفضل الطريقة التي يتموضع به الآخرون و من خلالها القيادة الفكرية ، السلطة النظامية و التعبئة من أجل التغيير .

المبحث الثاني :علاقة الأطر التربوية بقيادة التغيير

ان توسيع دور الأطر وبخاصة رؤساء المؤسسات في اتجاه قيادة متزايدة على مستوى التجديد و التغيير ،التفكير في التغيير واقتراح أولويات وإستراتيجيات ، فكيف يمكن لرؤساء المؤسسات، أن يتعاملوا مع مهمتهم المزدوجة، المتمثلة في ضمان استمرارية العمل و القيام بالتغيير ؟

فهل يمكننا أن نتصور أن المدرسين يلعبون دور القادة المجددين ً ، وذلك باتفاق مع زملائهم وأيضا مع الفريق الإداري؟  ، حيث أن انبثاق أشكال متعددة لمنطق الاشتغال، أكثر مرونة وملاءمة ومسايرة لتعدد مشاريع المؤسسة، يجعل المسألة ممكنة إلى حد ما .

المطلب الأول : دور الأطر التربوية في قيادة عملية التغيير [20]

في سياق المنطق البيروقراطي سيعطي الإطار التربوي الأولوية للحفاظ على طبيعة العمل و احترام قواعد اللعبة وتقليص الانحراف و التدبير الأفضل للموارد و بالتالي الحفاظ على الوضع القائم.

كما يولي الاطار اهتمامه للتدبير، مع ادخال تغييرات طفيفة ، و يمكن ادراج مفهوم التدبير المقاولاتي ، بتوسيع دور الأطر "رؤساء المؤسسات" ، لتظهر قيادة متزايدة على مستوى التجديد و التفكير في التغيير و اقتراح أولويات و استراتيجيات ، مع الحرص على تفعيل مشاريع ، هكذا سيسهر على ادخال بعض الوسائل التعليمية الجديدة و بعض الإجراءات الاستعجالية كوضع و إضافة اقسام جديدة للوافدين . و في تاريخ المؤسسات المدرسية لا يعتبر الاطار مجددا بل مدبرا. لكن في السنوات الأخيرة في ظل إعادة هيكلة الأنظمة التعليمية و التحديات الجديدة و إعادة تقييم دور رؤساء المؤسسات، تم ادراج مفهوم التدبير المقاولاتي و ذلك بإعطاء دور جديد لرؤساء المؤسسات التربوية و توسيع دورهم في اتجاه قيادة متزايدة على مستوى التجديد، و ذلك بالقيام بالتغيير المخطط له و بالمرونة اللازمة لمواجهة تحولات السوق و التكنولوجيا و الكفايات.  فالمطلوب منهم بالإضافة الى مهامهم الكلاسيكية القيام بالتغيير و التفكير في اقتراح أولويات و استراتيجيات و الحرص على تفعيل مشاريع و التنسيق و بناء فريق بيداغوجي و العمل كمولدين) accoucheurs (للأشخاص و كأصحاب رؤى حاملين معرفة علمية و تجديدية .

وهنا يبرز موضوع جديد للتحليل و هو كيف يمكن لرؤساء مؤسسات التعامل مع مهمتهم المزدوجة الجديدة، المتمثلة في ضمان استمرارية العمل و قيادة التغيير. يبدو الامر سهلا على الورق، فأغلب دفاتر التحملات و التباري تضع هاتين المهمتين على قدم المساواة. هكذا يتم التأكيد على ان وظيفة الاطار تتمثل في توجيه التطور و اثارة التفكير في الممارسات و تحليلها.، خلق شروط بناءة بين الأفكار و تطوير ثقافة مشتركة و ترؤس الحركة .

المطلب الثاني: دور المدرسين في عملية التغيير[21]

ان المسؤولية الفردية للمدرسين وفقا لمبادئ المنطق البيروقراطي محدودة بين الجدران الأربعة لقاعة الدرس، و بعض المهام التدبيرية )المراقبة خلال الاستراحة، المشاركة في مجالس الاقسام ،اخبار الإباء ، المشاركة في لقاءات إدارية (

تتمثل القيادة المجددة التي ترتكز على عملية التغيير في تطوير المشاريع و الاشراف على بعض المجموعات المكلفة و التدخل بفعالية في عملية اتخاذ القرار .

كل ذلك لا يشكل جزءا من مهمة المدرسين الذي لم يهيأ ولم يتم تكوينه لهذا الغرض ، لأن هذا الشكل من من القيادة لا يحتل مكانة أساسية داخل تقسيم العمل الذي يتخذ بشكل تقليدي . كما يكتسي بشكل مفارق، أهمية محدودة داخل المقاربات «الحديثة» للتدبير. هكذا، يفوض الشكل المذكور لرؤساء المؤسسات وللمفتشين وأحيانا للمكلفين بمهمة أو لرؤساء المشاريع، القيام بهذه الوظيفة لمدة محددة، وأحيانا أخرى للمكونين والباحثين والمستشارين والمتدخلين الآخرين من الخارج.

وفي الواقع، فإن الأمور أعقد من ذلك، فبعض المدرسين يلعبون دورا مؤثرا جدا داخل المؤسسة، لكن بشكل غير نظامي، بل وسري أحيانا. وهم لا يرغبون في أن يظهر ذلك علنا، لأنه سيتم مواجهته وإضعافه. وتبدو البنية الواقعية للسلطة بعيدة جدا عن المبيان الإداري؛ كما أن كل رئيس مؤسسة يعلم أن عليه الاعتماد على بعض القادة الذين سيقود جزء منهم المعارضة، في حين سيوجه آخرون الرأي العام بالمؤسسة، من وراء الكواليس. ومن الممكن أن يساهم هذا الشكل من القيادة في حصول التغير، كما يمكن أن يمنعه. فكل شيء رهين بالتوجهات الأيديولوجية للقادة غير النظاميين وأيضا بالألعاب الدقيقة للسلطة. ويحقق القادة في بعض المؤسسات رغبتهم ومشروعيتهم المتمثلة في ممارسة سلطة مضادة  (Contre-Pouvoir )هكذا، يدافعون عن الوضع القائم إذا كان رئيس المؤسسة مجددا ، وعن التغير إذا كان محافظا.

فهل يمكننا أن نتصور أن المدرسين يلعبون دور القادة المجددين بشفافية، وذلك باتفاق مع زملائهم وأيضا مع الفريق الإداري؟ في الحقيقة، إن انبثاق أشكال متعددة لمنطق الاشتغال، أكثر مرونة وملاءمة ومسايرة لتعدد مشاريع المؤسسة، يجعل المسألة ممكنة إلى حد ما. ذلك أن هذه الميولات تدفع المدرسين إلى الانخراط بشكل أكبر، ليس فقط أثناء فترة تصور عملية التغيير والإعلان عنها، بل أيضا خلال متابعة إنجازها. وهذه بالنسبة للبعض، مناسبة لضرب عصفورين بحجر واحد؛ أي مواجهة الاستنزاف والرتابة، عبر تحمل مسؤوليات منسجمة مع تصورهم للمهمة. ولا يخفي ذلك بالضرورة، مشروع الارتقاء إلى وضعية أخرى، على الرغم من أن  الفرضية ستنجلي عاجلا أم آجلا .

المبحث الثاني : المصادر الرئيسية لقيادة التغيير

ان القيادة تمارس من طرف فاعلين رئيسيين داخل المؤسسة من خلال وضعية النفوذ ، كرئيس المؤسسة ، أو أحد مساعديه ، فهم مسؤولون عن تحديد الأولويات و الاستراتيجيات .كما يستمد القائد ممارسته من الوقع داخل النظام الاجتماعي . كما أن مصادر القيادة تتآلف مع طرائق ممارستها حسب وضعية وتنظيم و تاريخ و مكان و رهان التغيير .

و على هذا الأساس سنميز بين حالتين من المصادر الرئيسية للتغيير أولا انطلاقا من وضعية نفوذ الشخص الذي يمارس و يؤثر في عملية التغيير و التفويض. و أخرى تتعلق بشرعية سلطة مختلفة عن الاولى لقيادة التغيير.

وسنركز في ارتباط بالموضوع على القيادة التحويلية ، ومدى مساهمتها  في تشجيع أو منع التعاون المهني ، من خلال المنظور الجديد للتدبير المرتكز على مفهوم جديد للتدبير وهو التمكين Empoirment

المطلب الأول : المصادر الرئيسية لقيادة التغيير

يمكن التمييز بين  ستة مصادر رئيسية للقيادة في المؤسسة و هي [22]

أولا : تتحدد القيادة في شخص رئيس المؤسسة المعين من طرف السلطة النظامية ، و هم مسؤولون عن تحديد الأولويات و نقل المعلومات و التوجيهات و القرارات المنبثق عن السلطة النظامية.

ثانيا : كما تشتغل القيادة على أساس تفويض السلطة من طرف هيئة التدريس ) فريق قيادة التغيير ، منسق المشاريع و رؤساء الفرق التربوية(.

ثالثا : تتحدد القيادة من خلال الخبرة المهنية  حيث تشتغل على أساس الاعتراف بالكفايات التي تطورت في هذا المجال المهني أو ذاك ، كما هو الشأن في تكنولوجيا الجديدة للمعلومات و ديداكتيك المواد أو في مساعدة المتعلمين في وضعية صعبة . فالمدرسون يتموقعون بسهولة اكبر ، بوصفهم طالبين المساعدة ، كلما تاسست العلاقة على هدف مشترك و تركت الأوامر مكانها للحوار و للبحث الجماعي و أصبحت الأوامر مكانها للحوارو للبحث الجماعي و أصبحت المراقبة ثانوية ان لم نقل متجاوزة .

رابعا : ترتبط القيادة بالشخصية الكاريزمية ، حيث يتعلق الامر هنا بقدرة بعض الأشخاص على تعبئة الآخرين و دفعهم الى تبني هدف مشترك و إعطاء معنى للمشروع و للمسعى الجماعي و بث روح الامل والثقة والايمان والحماس. ويتطابق هذا النوع من القيادة مع الصورة الشائعة للقائد ً والمتمثلة في شخص يمتلك إشعاعا وقوة في إقناع الحشود والتأثير عليها، شخص يجذب ويغري ويقنع، وفي الوقت نفسه، يخيف كل أولئك الذين يخشون من أن يتجاوز الحماس والديماغوجية، التفكير وحرية الرأي.

خامسا :تستمد القيادة من حسن التنظيم حيث تأخذ شكلا من الخبرة ، لكنها تهتم أساسا بشكل التنظيم و دينامية التغيير و تطوره ، أكثر من مضمونه . ويعتبر القائد هنا موردا الا يعوض عندما يتعلق الأمر بخلق طاقات وتنظيم العمل وتقسيمه واقتراح المشروع كتابة والتفاوض بشأن المراحل الصعبة والاشتغال كوسيط وتنشيط الشبكات.

سادسا :يستمد القائد تأثيره من موقعه داخل النظام الاجتماعي من خلال اندماجه داخل الشبكات التي تتجاوز المؤسسة ، والتي يقيم بفضلها روابط مع مؤسسات أخرى أو مع أشخاص موارد ( Personnes – Ressources  و مع المحتضنين ) Sponsors  (أصحاب المساعدة المادية. وهذا النوع من القيادة ضروري لبعض ً المشاريع، لأنه أقل تمركزا من غيره.

ان الشخص الذي يمارس القيادة في الحالة الأولى و الثانية انطلاقا من التعيين و الانتقاء ، يجب عليه ان يلعب دورا طلائعيا في التغيير . اما في القيادة المنبثقة من الراسمال الاجتماعي و الثقافي فبإمكانها ان تتراكم ، كما يمكن أن يتعايش في اطارها بنوع من التكامل ، الفاعلون الذين يوفقون بين تأثيراتهم ، من أجل تعبئة مجموع القوى الموجودة داخل المؤسسة المدرسية . و تقدم لنا الدراسات حول المدارس الفعالة ، عددا من الأمثلة حول هذه الممارسات التي تحقق نتائج مفيدة بفضل التركيب المنهجي للقوى و للمجهودات المبذولة من طرف مختلف الفاعلين .

المطلب الثاني :  القيادة المتجهة صوب التكوين والسياق والثقافة والمعاملات[23]

أولا : القيادة المتجهة صوب التكوين أو المسايرة

تتفق دراسات عدة حول المدارس الفعالة، على الإشارة إلى هذا النوع من القيادة الذي يدعوه الأنجلو ساكسونpeer-coaching  بوصفه عاملا أساسيا من عوامل التغيير داخل المؤسسات المدرسية. وتمارس هذه القيادة عموما من طرف أشخاص تم تكوينهم في مجال خاص ويضعون أنفسهم رهن إشارة زملائهم الراغبين في الاستئناس بممارسات جديدة، لكن دون أن يمارسوا عليهم أية رقابة كيفما كان نوعها. ويركز مثل هؤلاء القادة أساسا على العمل داخل القسم وعلى تقدم التلاميذ. فهم يسدون النصائح باستمرار ويقدمون حلولا للمشاكل التي يواجهها زملاؤهم ويحسنون التواصل ويكون ً حضورهم بارزا ً ومستمرا بالمؤسسة المدرسية. ومن الممكن أن تعتبر الخبرة المهنية مصدرا للمشروعية. وحسب ساوت وورث)[24] South، (Worth  فإن هذا الصنف من القيادة يتألف من بعدين: فمن ً جهة، هناك الرغبة في دفع الجماعة دوما إلى التمركز حول الأهداف المؤسساتية، ومن جهة أخرى، هناك رغبة في أخذ حاجيات الزملاء وأولوياتهم وراحتهم بعين الاعتبار. وقد بين المؤلف المذكور، أهمية التوازن بين هذين الجانبين. ذلك أن التمركز حول المهمة، يتطابق ً عموما ً مع تجليات السلطوية ووضع آليات المراقبة التي تنتج شعورا لدى هذه الجماعة بغياب الحرية وتؤدي إلى عدم انخراط شمولي.

ثانيا :القيادة المتجهة صوب الثقافة

انبثق هذا الشكل من القيادة منذ حوالي خمس عشرة سنة، مع تبني ً نظرية تدبير الأنظمة تدريجيا للمنظور الثقافي، وبالتالي أكد على أهمية أن يشترك أعضاء التنظيم نفسه -ويتعلق الأمر هنا بالمؤسسة

المدرسية- في القيم والمعتقدات نفسها. وهذا يعني أن القادة الذين يشتغلون في هذا الأفق، بوصفهم نماذج، يوجهون طريقة عمل ً المدرسين يوميا، في تناغم مع قيمهم ومعتقداتهم وطريقة الكلام والتفاعل والتقييم والتنظيم وحل الصراعات والعقاب والتقدير.

وحسب شاين[25]، (Schein)فإن الثقافات التنظيمية وجدت من أجل هذا الصنف من القادة، ذلك أن الوظائف الثلاث الأساسية للقيادة الثقافية، هي الإبداع والحفاظ وتفكيك déconstruction

أو هدم ً destructionالثقافة. فالأمر يتعلق بقيادة دقيقة جدا،مباشرة وغير مباشرة، نظامية وغير نظامية، تشتغل بشكل منفتح ومنغلق في الآن نفسه. إنها تحدد الأسلوب الذي يتم بواسطته حل المشكلات، كما تحدد أسلوب التفاعلات المهنية ونوعيتها، وتجعل من الممكن أو من المستحيل، انبثاق قيادة تعاونية.

ثالثا :القيادة المتجهة صوب التعاملات

يحدد هذا الصنف من القيادة، طرائق تبادل الخدمات أو الكفايات ًبين المدرسين داخل المؤسسة. ذلك أن رئيس المؤسسة لا يتدخل كثيرا في الممارسات القائمة داخل القيم، وبالمقابل فإن المدرسين يعبرون ً عن ولائهم لقراراته. فالأمر يتعلق نوعا ما، بنهاية المساومة الضمنية ّ في الغالب التي حدد تقسيم العمل بعدها صراحة، بحيث مكن من الفصل بين التعليم والتدبير الفعال للشأن اليومي.

ويتعرف العديد من رؤساء المؤسسات على أنفسهم من خلال هذا الصنف من القيادة، لأنه يتطابق بشكل أفضل مع الأفكار والمناهج ً الحديثة لتدبير الأنظمة التي تلقوا تكوينا بشأنها. ويتمثل هذا الصنف ً من المسعى أساسا، في ضمان التناسق بين خطوات المشروع وغايات النظام وتسهيل عمل المشروع المشترك وتنظيم سيل المعلومات وتنسيق التعاون داخل المجموعات الفرعية.

وتبدو فعالية هذا الشكل من القيادة التدبيرية، كلما كانت أهداف ً التعبير محددة بوضوح، مثلا عندما يتعلق الأمر بإدراج طرائق جديدة لتجميع التلاميذ وتنشيط جلسات العمل المشتركة وإدخال وسائل جديدة للتعليم. ومن الضروري أن تستثمر كل الطاقات في المهام الإدارية، على الرغم مما تتضمنه من مجازفات، وذلك بغرض إصلاح الوضع القائم -كعملية ممكنة- بحيث لن يبقى هناك وقت ولا قوة لتصور صيغ أخرى للعمل وللتفكير

 

الفرع الثاني :القيادة التحويلية كمنظور جديد لقيادة التغيير

يهدف هذا الصنف من القيادة إلى تعديل الكفايات الفردية والجماعية داخل المؤسسة، بغرض تغيير الممارسات. فالقائد يحول المؤسسة عبر مساعدة الجماعة على إقامة وإقرار تغيير دائم لطريقتها في التفكير والفعل .

ومن هذا المنظور، فإن القيادة التحويلية تؤثر أساسا في الثقافة القائمة ، وفي تمثلات مختلف الفاعلين وانفعالاتهم ومواقفهم ومعتقداتهم، وبالتالي في تحقيق أهدافهم الفردية والجماعية. وتهدف مثل هذه القيادة بالضرورة، إلى إقامة تعاون مهني والحفاظ عليه، عبر إقرار دينامية علائقية خاصة ورمزية بين مختلف الشركاء . هكذا تمثل القيادة التحويلية تدخلا في الثقافة التنظيمية برمتها. ً لذلك، يصف العديد من المؤلفين القادة التحويليين بوصفهم أشخاصا ً أصحاب رؤى، وهم منخرطون بشكل صريح جدا في عملية التغيير، ويتمكنون من دفع أغلب نظرائهم إلى بناء تمثلات مشتركة يتقاسمونها فيما بينهم ويحولون الثقافة التنظيمية من خلال التناسق ً والتساوي اللذين يتدبرهما المشروع الجماعي يوما بعد يوم.

.وفي ظل هذا السياق، لن يكون القائد [أو لم يعد] مجرد «مقترح للتجديد.» فلتحقيق هذه العملية، يجب عليه أن يترجمها باستمرار، وأن يعيد تأويلها من أجل تحقيق نقلة ضرورية، حاملة للمعنى وللغاية.[26]

 

الفرع الثالث : طريقة التمكين empowrement  لقيادة وممارسة  التغيير

تعرف منظمة الصحة العالمية (2006) التمكين empowrement بأنه "عملية يزيد من خلالها الأفراد والمنظمات والمجتمعات المحلية ملكية القضايا التي تؤثر عليهم".

إنها مسألة تعزيز تنمية القدرة على التصرف لكل عضو في المدرسة ، حتى يتمكن الجميع من المساهمة في بناء المهارات والمعرفة اللازمة للتنمية المستدامة. ويشمل هذا النهج تشجيع الجميع على التفكير بمسؤولية في المستقبل، وتطوير حكم اجتماعي وإيكولوجي وسياسي واقتصادي مستقل، والمشاركة في الحياة السياسية لمجتمع ديمقراطي[27].

وفضلا عن ذلك، تعني empowerment قبول المدرسين بأن ً يمارس زملاؤهم يوميا السلطة في هذا المجال أو ذاك، وبألا يشككوا في كفاءتهم، وأن يكونوا رهن إشارة مقترحاتهم. ويعني ذلك، تحمل جميع الأفراد المسؤولية بالتناوب وقبول إنجاز المهمة وإدماج مقترحات نظرائهم. كما يعني ثقة القادة الرسميين -الذين تم إخبارهم

بأنشطة أفراد الجماعة- بكل الذين لعبوا دور القيادة، وتفادي لعب ً دور «القائد الأمني المشارك.» ويعني أخيرا أن مجموع المدرسين يعترفون ويشاركون في عملية منح السلطة، المتمثلة في إقرار دينامية ً مرنة جدا، بحيث يعمل كل فرد بداخلها وبالتناوب، على توجيه أو اتباع مقترحات زميله. ومن هذا المنظور، فإن ممارسة السلطة تجبر ً الفاعلين، ليس على مناقشة مسألة القيادة فحسب، ولكن أيضا على مناقشة ما يدعوه الأنجلوساكسونيون بالقدرة على اتباع قرارات الغير follower shipدون السقوط في التبعية غير النقدية.هكذا لن تكون القيادة التحويلية شأن فرد واحد، بل شأن الفريق[28] .

 

هكذا، ترتكز فكرةempowerment على الاقتناع بأن الفعالية تتمثل في منح الوحدات التنظيمية والجماعات والأفراد، استقلالية أكبر، ما يمكن من مواجهة وضعية حاملة للتنوع والتعقد والتغير المستمر، والعمل على حلها بشكل أفضل.[29]

يتعاون القائد في المنظور التحويلي، مع آخرين لتغيير بعض جوانب ثقافة المؤسسة وبعض الممارسات البيداغوجية. ويتعلق الأمر بتغييرات على مستوى العلاقات الاجتماعية وعلاقات السلطة داخل المؤسسة، سواء تم التفكير في طريقة تدبير الجلسات، أو إدراج تقييم للتلاميذ مرتبط بتدبير مختلف لمسارهم، أو إقرار هدف يتمثل في تجريب تقسيم جديد للعمل أو تغيير البنيات أو المقاربات الديداكتيكية. ولا تحدث هذه التغييرات بفعل التدخل الكارزماتي أو السلطوي لرئيس ً المؤسسة، بل تبنى تدريجيا في إطار عملية جماعية، لإعادة النظر ولبلورة صيغ جديدة للتفكير والفعل، بما في ذلك تفويض أو اقتسام السلطة. فالقائد التحويلي لا يكتفي بدفع مختلف الفاعلين، في إطار ً منظور أكثر طموحا إلى تفعيل رؤاه، وإلا ظلوا مجرد منفذين. فهو يهدف على العكس من ذلك، إلى جعلهم مالكين لثقافة جديدة، تعيد تنظيم علاقات السلطة بين القمة والقاعدة، بمعنى ممارسة السلطة والتعلم بالنسبة لكل الفاعلين المعنيين [30].

 

خاتمة:

ان عملية التغيير ، تمنح المؤسسات إمكانيات اكثر للعمل بأسلوب القيادة ، و تغيير العلاقات المرتبطة بمهنة التدريس و معايشة تجارب جديدة ، والتي شانها ضمان نجاح و تخطيط مشروع المؤسسة ، من تخطيط و تنفيذ الاستراتيجيات المرتبطة به على جميع المستويات و تحليل أعمال الفاعلين ، و حضور ذهني دائم للفريق التربوي من خلال تفهم عميق لقدرات العاملين و طاقاتهم و إمكاناتهم و ظروفهم و دوافعهم و حاجاتهم و استخدام كل ذلك لحفزهم على العمل معا كجماعة تسعى لتحقيق هدف واحد لربح رهانات التغيير .

فالقيادة مثل التعليم هي فن و ابداع ، و القيادة الفاعلة و المؤثرة تتسم بقدرة القائد على جعل من هم حوله أفضل مما هم و ذلك بمساعدتهم في النمو و التطور ، وذلك بدعمهم المتواصل ، و و ضع التحديات امامهم يتعلم منهم و معهم . وبناء علاقات جيدة ومتواصلة على الدوام .

 

 

بعض المصادر و المراجع المعتمدة

  • برنت ديفيز ، ليندا أليسون ، كريستوفر باورنج -كار : "القيادة المدرسية في القرن الحادي و العشرين ، تطوير مدخل استراتيجي " ترجمة د.موسى أبو طه و أ.د. محمد عبد الحميد محمد دار الكتاب الجامعي .غزة . فلسطين . الطبعة 1 . 2009 .
  • توماس ر. هور " فن القيادة المدرسية ") العبيكات &كلمة (  . طبعة 1 ، 2009
  • فيليب برو " علم الاجتماع السياسي " ، )الشبكة العربية للأبحاث و النشر (، )المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع( ، طبعة 3 ، 2014 .
  • مونيكا غاتر تورلر" القيادة و أساليب ممارسة السلطة " ، ، ترجمة عزالدين الخطابي . منشورات عالم التربية.2012

- الحسن اللحية : "المدرسة و المقاولة " ، دار نشر المعرفة ، الطبعة 1

- نور الدين اسكوكو " الدليل العملي لمهام الإدارة التربوية " .منشورات صدى التضامن .الطبعة الثانية 2016 .دار النشر المغربية الدار البيضاء

  • Philipe Bernoux . la sociologie des organisations .Ed seuil : Paris 1985 ; cool / points Essais

 

المواقع الالكترونية :

https://www.cte.uni-stif2.dz

https ://www.kau.educ.sa

https://www.taalimpress.info/2021/01/gestion-admin.html

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


[1]  نور الدين اسكوكو " الدليل العملي لمهام الإدارة التربوية " .منشورات صدى التضامن .الطبعة الثانية 2016 .دار النشر المغربية الدار البيضاء .ص23

[2]   نور الدين اسكوكو " الدليل العملي لمهام الإدارة التربوية " منشورات صدى التضامن .الطبعة 2 فبراير2016دار النشر المغربية . الدار البيضاء  . ص21 .

[3]  ن.م.س  ص 21

[4]  نور الدين اسكوكو " الدليل العملي لمهام الإدارة التربوية " مرجع سبق ذكره . ص : 22 .

[5]  أسامة محمد بانداه "الفرق بين الإدارة التعليمة التروية المدرسية. موقع https://www.manhal.net 

[6]  محمد بانده : نفس المرجع السابق

[7]  برنت ديفيز ، ليندا أليسون ، و كريستوفر باورنج – كار : " القيادة المدرسية في القرن الحادي و العشرين ، تطوير مدخل استراتيجي" ، دار الكتاب الجامعي غزة -فلسطين ط 1 .2001 . ص 22 .

[8] أساسيات لتبير الحديث للإدارة التربوية : المفهوم و الوظائف و العمليات موقع https://www.taalimpress.info/2021/01/gestion-admin.html

[9]  توماس ر. هور " فن القيادة المدرسية " )العبيكات & كلمة ( . ط1 2009 ، ص 26

[10] مدخل الى علم التدبير //www .alukah.net:https

[11]  الحسن اللحية : المدرسة و المقاولة " ، دار نشر المعرفة ، ط1 ، ص53

[12] مدرسة العلاقات الإنسانية :موقع : https://www.cte.uni-stif2.dz

[13] Philipe pernoux ;la sociologie des organisations , ED .Seuil Paris 1985 . coll.points .Essais .p172.  

[14]  فيليب برو "علم الاجتمتع السياسي ". الشبكة العربية للأبحاث و النشر . المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع . الطبعة 3 . 2014 .ص30

[15] مونيكا غاتر تولر " القيادة و أساليب ممارسة السلطة "

[16]  فيليب برو " علم الاجتماع السياسي " الشبكة العربية للأبحاث و النشر. المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع. طبعة3. 2014 :ص46

[17]  فن القيادة المدرسية م.س.د ص 117

[18]  ن.م.س

[19] مونيكا غاتر تورلر(G.Thurler) . ن.م.س

[20] مونيكا غاتر تورلر " القيادة و اسليب ممارسة السلطة " مرجع سابق ص "39 .

[21] مونيكا غاتر تورلر : مجع سبق ذكره . ص40

[22]  مونيكا غاتر تولر : م.س.ذ .ص 41

[23] مونيكا غاتر تورلر.م.س : ص42-43

[24] South Worth G., Leading improving Primary Schools, London, Falmer Press, 1998.

[25] Schein E. H., Organizational culture and leadership, a dynamic view, san Francisco, Jossey-Bass, 1990

[26]  Pelletier G., Former les dirigeants de l’éducation، op. cit.، p. 221 / 223

[27] https://www.reseau-ecoles21.ch/principes/empowerment

[28] مونيكا غاتر تورلر . م.س. د ص 45 .

[29]  مونيكا غاتر تورلر : م.س.د : ص45

[30]  مونيكا غاتر تورلر : م.س.د . ص

 

 

تحميل







اضغط هنـا للكتابة بالعربية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على هذه المادة
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق





 
إعلانات
 
صورة وتعليق

مفارقة في التعليم
 
القائمة الرئيسية
 

» الرئيسية

 
 

»  تربويات TV

 
 

»  صورة وتعليق

 
 

»  حركات انتقالية

 
 

»  تشريع

 
 

»  بلاغات وبيانات

 
 

»  مذكرات

 
 

»  مواعد

 
 

»  أخبار متفرقة

 
 

»  أنشطة الوزارة

 
 

»  أنشطة الأكاديميات

 
 

»  أنشطة المديريات الإقليمية

 
 

»  مباريات

 
 

»  كتب تربوية

 
 

»  وجهات نظر

 
 

»  حوارات

 
 

»  ولنا كلمة

 
 

»  وثائق خاصة بمدير(ة) التعليم الابتدائي

 
 

»  الاستعداد للامتحانات المهنية

 
 

»  تكوينات

 
 

»  حركات انتقالية محلية

 
 

»  حركات انتقالية جهوية

 
 

»  حركات انتقالية وطنية

 
 

»  مذكرات نيابية

 
 

»  مذكرات جهوية

 
 

»  مذكرات وزارية

 
 

»  مستجدات

 
 

»  جذاذات أستاذ(ة) التعليم الابتدائي

 
 

»  بيداغوجيا الإدماج

 
 

»  الرياضة المدرسية

 
 

»  المخاطر المدرسية

 
 

»  عروض

 
 

»  تهنئة

 
 

»  تعزية

 
 

»  إدارة الموقع

 
 

»  الدعم البيداغوجي

 
 

»  التدبير المالي لجمعيات دعم مدرسة النجاح

 
 

»  التعليم و الصحافة

 
 

»  تربويات الأطفال

 
 

»  مستجدات تربوية

 
 

»  غزة تحت النار

 
 

»  خدمات تربوية

 
 

»  قراءة في كتاب

 
 

»  أحكام قضائية

 
 

»  أنشطة المؤسسات التعليمية

 
 

»  في رحاب الجامعة :مقالات و ندوات ومحاضرات

 
 
مواعد

مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين أبوابا مفتوحة لفائدة كافة منخرطي المؤسسة بجهة سوس ماسة يومي 07 و08 مارس 2023


المدرسة العليا للتكنولوجيا بكلميم تحتضن المناظرة الجهوية للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بجهة كلميم واد نون يوم الجمعة 01 يوليوز 2022

 
وجهات نظر

لماذا نحن امة لا تقرا ؟


هل يتدارك الأساتذة الزمن المدرسي الضائع؟!


هل تلقت النقابات التعليمية هبة حكومية؟!


أما آن للتنسيق الوطني أن يتعقل؟!


التنسيقيات: من قيادة الحراك التعليمي الى المنازعة على مسالة الاعتراف


أبهكذا خطة يمكن إنقاذ الموسم الدراسي؟!


متى كان الحقوقيون يدعون إلى العنف؟!

 
حوارات

من يؤجج احتجاجات الشغيلة التعليمية؟!


حوار مع الأستاذ مصطفى جلال المتوج بجائزة الشيخ محمد بن زايد لأفضل معلم


حوار مع الدكتور فؤاد عفاني حول قضايا البحث التربوي، وتدريس اللغة العربية

 
قراءة في كتاب

صدور كتابين في علوم التربية للدكتور محمد بوشيخة


سلسلة الرواية بأسفي الحلقة الأولى: البواكير و بيبليوغرافيا أولية

 
في رحاب الجامعة :مقالات و ندوات ومحاضرات
تيزنيت: ندوة وطنية حول موضوع المحاكم المالية ورهانات تعزيز الحكامة الترابية يوم الخميس 07 مارس 2024

 
خدمات