لماذا يتسابق العديد منهم لتسجيل أبنائهم بمؤسسات البعثات الأجنبية والمدارس الخاصة، رغم تكاليفها الباهضة ؟ " .
الدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح ، إلى ما لا نهاية . هي الشرنقة التي فك كبتها خطاب الملك بمناسبة الذكرى السادسة عشر لعيد العرش . حيث احتلت قضية إصلاح المنظومة التربوية بالمغرب غير ما مرة في الخطب الملكية حجرة الزاوية : " وهنا يجب التحلي بالجدية والواقعية، والتوجه للمغاربة بكل صراحة
إنها لغة الإبدالات الشمولية التي شدد فيها الملك القول ، وألح سيادته على تنزيلها ضمن الخطة الإستراتيجية لعملية الإصلاح " ما فتئنا ندعو لإصلاح جوهري لهذا القطاع المصيري، بما يعيد الاعتبار للمدرسة المغربية، ويجعلها تقوم بدورها التربوي والتنموي المطلوب".
فالدعوة إلى إعادة الاعتبار للمدرسة المغربية العمومية وجعلها تقوم بأدوارها التربوية والتنموية ، لن يتم بترميم وإصلاح جزئي بإعادة النظر في المنهاج والبرامج والطرائق البيداغوجية في اتجاه تخفيفها وتنويعها . فالنظرة الانتقائية في الإصلاح - ( المحور 1 : التمكن من التعلمات الأساسية التدبير الأول: مسارات تعلم جديدة للسنوات الأربع الأولى من التعليم الابتدائي Nouveaux cursus pour les quatre premières années du primaire) - تفسد مطمح الإصلاح التربوي الجوهري الشمولي الذي يطالب به الجميع وعلى قمتهم الملك .
لما انكمش منتوج المدرسة العمومية بخلاف علو الطلب على المدارس الخصوصية والبعثات الأجنبية ، رغم تكاليفها الباهضة ؟ . هو سؤال مركزي ينتظم حوله الجهد الإصلاحي للمدرسة المغربية في أفق تحقيق معادلة الإنصاف والعدالة الاجتماعية باعتبار مسلك " إصلاح التعليم عماد تحقيق التنمية، ومفتاح الانفتاح والارتقاء الاجتماعي، وضمانة لتحصين الفرد والمجتمع من آفة الجهل والفقر، ومن نزوعات التطرف والانغلاق".
ركوب التفكير السلبي في المساس بالهوية الوطنية هو ما جعل كل إصلاح مرتهن بعلامات " قف " لكن جواب الملك في خطبة العرش 2015 أقر بمنهج البحث" عن تعليم جيد ومنفتح يقوم على الحس النقدي، وتعلم اللغات، ويوفر لأبنائهم فرص الشغل والانخراط في الحياة العملية ... وخلافا لما يدعيه البعض، فالانفتاح على اللغات والثقافات الأخرى لن يمس بالهوية الوطنية، بل العكس، سيساهم في إغنائها، لأن الهوية المغربية، ولله الحمد، عريقة وراسخة، وتتميز بتنوع مكوناتها الممتدة من أوروبا إلى أعماق إفريقيا ".
إنه الحق الدستوري الذي صادق عليه المغاربة الذي : " يدعو لتعلم وإتقان اللغات الأجنبية لأنها وسائل للتواصل، والانخراط في مجتمع المعرفة، والانفتاح على حضارة العصر". لذا، فإن توفير تعليم موفور الجودة يجب أن يظل بعيدا عن الأنانية /المنغلقة ، وعن أي حسابات سياسية /مذهبية : "... ترهن مستقبل الأجيال الصاعدة، بدعوى الحفاظ على الهوية. فمستقبل المغرب كله يبقى رهينا بمستوى التعليم الذي نقدمه لأبنائنا".
المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي كشف عن خطته الإستراتيجية لإصلاح التعليم ، أما الوزارة الوصية فقامت بقص وتفصيل خريطة الإصلاح - (المؤلفة من 23 إجراء موزعا على 9 محاور)- فيما خطاب الملك السامي فقد حدد مجموعة من ضمانات نجاح المنظور الاستراتيجي للإصلاح المدرسة العمومية من حيث :
- يجب على الجميع تملك خطة الإصلاح (المشاركة / المعرفة الوظيفية والموضوعاتية لبنية إرساء الإصلاح وتوطينه بالضبط ...) .
- الانخراط الجاد في تنفيذ أبواب الإصلاح وتنزيل أقطابه وفق منظور نسقي /شمولي .
- صياغة مشاريع الإصلاح في إطار تعاقدي وطني ملزم (الشمولية /التعبئة / الانخراط ) ...
- اعتماد قانون - إطار يحدد الرؤية على المدى البعيد (2030) ، ويضع حدا للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح، إلى ما لا نهاية.
هنا نستخلص من الخطاب الملكي وجوبية أن يحمل مشروع إصلاح المدرسة المغربية رؤية تربوية واضحة المعالم والمقاصد كآلية تعاقدية ملزمة تلتقط كسب التعبئة الجماعية لرد التوهج إلى المدرسة المغربية : "بما يعيد الاعتبار للمدرسة المغربية، ويجعلها تقوم بدورها التربوي والتنموي المطلوب".
الإقرار برؤية تغييرية لإصلاح المدرسة المغربية هي خارطة الطريق التي توحد بين المقاصد الوطنية المطالبة بإصلاح المدرسة المغربية والتحولات العالمية الكونية ، ولن يتم استواء حلتها الجديدة إلا بمأسسة تعاقد صريح بين الوزارة الوصية والأكاديميات التعليمية والنيابات والمؤسسات التعليمية ، تعاقد يوحدنا الاشتغال فيه دفتر تحملات يلزمنا جميعا بالانخراط في مسار تدبير خطته ،و يسائلنا بالمحاسبة في نتائجه.
ذ محسن الأكرمين : [email protected]