لمراسلتنا : [email protected] « الخميس 5 ديسمبر 2024 م // 2 جمادى الثانية 1446 هـ »

تنظيم امتحانات الكفاءة المهنية

تنظيم امتحانات الكفاءة المهنية برسم سنة 2024 يومي 6 و7 دجنبر 2024...

النتائج النهائية لامتحانات الكفاءة

النتائج النهائية لامتحانات الكفاءة المهنية - دورة 2023...

مذكرات وزارية تهم الموارد البشرية

مذكرات وزارية تهم الموارد البشرية : تدبير مسطرة الوضع في حالة الاستيداع-تدبير مسطرة الاستفادة من المعاش قبل بلوغ...

تربويات TV

لقاء مع السيد محمد أضرضور المدير المكلف بتدبير الموارد البشرية وتكوين الأطر بالوزارة حول مستجدات الحقل التعليمي


هذا رد التنسيقية على إنهاء الحكومة للمفاوضات مع ممثلي الأساتذة


مسيرة نساء ورجال التعليم بمدينة تيزنيت يوم 2023/11/23


تغطية الوقفة الاحتجاجية أمام المديرية الإقليمية للتعليم بسيدي إفني يوم 02 نونبر 2023


الأساتذة يحتجون امام المديريات الإقليمية للتعليم


كلام يجب أن يسمعه معالي الوزير

 
أحكام قضائية

حكم قضائي بإلزامية إخبار الإدارة للموظف كتابيا بنقطته الإدارية كل سنة تاريخ الصدور : 17 فبراير 2015


أحكام قضائية

 
البحث بالموقع
 
أنشطة المديريات الإقليمية

لقاء تربوي بمديرية سيدي إفني في موضوع '' الزمن المدرسي من التدبير إلى التأمين في سبيل إرساء الجودة بالمؤسسات التعليمية ''


حفل تكريم فاطمة الباجي، الإطار التعاضدي بمراكش


مديرية التعليم بالحوز تحتفي بأطفال التربية الدامجة


الرشيدية ...الدورة 14 للبطولة الوطنية في كرة القدم المصغرة في الفترة الممتدة من 28 أبريل إلى 02 ماي 2024

 
أنشطة الأكاديميات

نتائج إقصائيات الأستاذ المثقف بالرباط


ورشة وطنية بمراكش حول برنامج التسامح


ورشة لتقاسم نتائج دراسة حول العنف بالوسط المدرسي بمراكش


''مشروع إعداديات الريادة'' محور اللقاء التواصلي الجهوي بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة

 
خدمات تربوية

تربويات الأطفال


تربويات التلميذ والطالب


موقع تبادل (تربويات)


فضاء جذاذات أستاذ(ة) التعليم الابتدائي


وثائق خاصة بمدير(ة) التعليم الابتدائي

 
خدمات

 
 


أضيف في 03 دجنبر 2017 الساعة 14 : 15

حوار مع الباحث في علم النفس الأستاذ محمد لهلالي حول الضغوط النفسية عند الأساتذة وعلاقتها بالإصلاح التربوي




 

حاوره سعيد الشقروني

 سؤال: أصدرتم مؤخرا كتابا بعنوان: "الضغوط النفسية عند الأساتذة وعلاقتها بالإصلاح التربوي".. بقدر ما أهنئكم على اقتحام هذا السؤال، أسألكم ما الذي دفعك إلى اختيار هذا الموضوع، وأين تكمن أهمية الكتاب؟

جواب: السلام عليكم، وتحية تربوية، وبعد تقديم فروض الشكر والتقدير لكم وللجريدة الغراء "تربويات" على هذا اللقاء الذي شرفتموني به..

وجوابا عن سؤالكم، أؤكد أن من الدوافع التي حركت رغبتي في إصدار هذا المنتوج العلمي رغبتي الجامحة في الإدلاء بدلوي في سيرورة النهوض بقطاع التربية والتكوين من موقع مسؤولياتي، كممارس في الصف من جهة، وكباحث في حقل السيكولوجيا والعلوم الإنسانية عموما من جهة ثانية، وهما الوضعان اللذان أتاحا لي الاقتراب أكثر، بل وربما عيش هذه الضغوط التي يرزح تحتها الأساتذة، وخاصة الممارسون بالأرياف، علما بأن أول مشواري المهني كان في السلك الابتدائي بقرى كل من إقليمي تارودانت وتاونات.

وبخصوص سؤالكم عن أهمية الكتاب، أقول إن هذا العمل لا يدعي أنه البلسم أو الدواء الشافي لهذه الضغوط بقدر ما أحاول من خلاله رصد بعض مصادر وأعراض الضغط النفسي عند أساتذة الابتدائي العاملين بالمجال القروي، باعتباره حالة نفسية قد تؤثر سلبا أو إيجابا على مردوديتهم المهنية، وبالتالي على درجة انخراطهم في إصلاح المنظومة التربوية؛ على أساس أن الأستاذ - في نظري على الأقل- أساس العملية التعليمية التعلمية، بغض النظر عن ما يتناثر هنا وهناك في الأوساط البيداغوجية من مواقف تفيد إقصاءه - عن قصد أو عن غير قصد-  في مخططات الإصلاح.

ومن جانب آخر قدمت في هذا العمل الاستراتيجيات المعتمدة عالميا لتدبير هذه الضغوط النفسية التي تعد نوعا من الاضطرابات السيكولوجية، والتي تقاس بمجموعة من المقاييس المتفق عليها في الأوساط العلمية والطب نفسية، حيث وظفت أحدها في هذه الدراسة الميدانية.

سؤال: وماذا عن أهداف بحثكم؟

جواب: تتحدد الأهداف الأساسية لهذا البحث في هدفين رئيسيين هما:

-          الهدف المحوري الأول: تعرف سيكولوجية الضغط النفسي، وتفرع عن هذا الهدف الأساسي أهداف صغرى أذكر منها:

ü      التحديد المفهومي للضغط النفسي؛

ü      تحديد مصادر ومسببات الضغوط النفسية؛

ü      تحديد مظاهر وأعراض الضغوط النفسية عموما؛

ü      تحديد آليات تدبير الضغوط النفسية.

-         الهدف المحوري الثاني: فهم وتشخيص الضغط النفسي عند أساتذة الابتدائي بالوسط القروي، وتفرعت عنه أهداف صغرى منها:

ü      تعرف مواصفات الأستاذ المغربي؛

ü      تحديد مصادر الضغوط النفسية عند الأساتذة العاملين بالعالم القروي؛

ü      إبراز آثار الضغوط النفسية على التوافق المهني للأساتذة ؛

ü      إبراز آثار الضغوط النفسية على التوافق الدراسي للمتعلمين.

 سؤال: باعتبارك من الباحثين في مجال سيكولوجية الضغط النفسي، هل يمكنك أن تقرب القارئ من مفهوم الضغط النفسي؟

جواب: في تقديري يصعب إعطاء تحديد دقيق لمفهوم الضغط النفسي، لعدة اعتبارات، منها ما هو مرتبط بتجاور المفهوم بمفاهيم أخرى كالاحتراق النفسي على سبيل المثال لا الحصر، ومنها ما هو مرتبط باختلاف المقاربات لهذا المفهوم؛ بحيث هناك من يعتبره وضعا خارجيا أو موقفا بيئيا، وهناك من يراه تقديرا لموقف مجتمعي، بينما يعده آخرون استجابة أو رد فعل تجاه المحيط.  

لكن ولتقريب المفهوم للقارئ، أقول إن  أغلب التحديدات السابقة للمفهوم تكاد تتفق على اعتباره رد فعل تجاه مثيرات المحيط، وهو ما يعني أنه اضطراب سيكولوجي ناتج عن تأثيرات متطلبات الحياة والمحيط الداخلي والخارجي للفرد، التي لم يتم التعامل معها بشكل سليم حين انبناء الوعي بها. وعليه فالضغط النفسي رد فعل عادي، الشيء الذي دفع بعض الباحثين إلى اعتباره من توابل الحياة، إلا أن إهماله وعدم تدبيره بشكل سليم قد يؤدي إلى تفاقمه وتسببه في آثار نفسية وحتى جسدية، بل وقد يوصل إلى الانتحار في بعض الحالات.

سؤال: هل يمكن الحديث عن مواصفات ما للأستاذ المغربي؟

جواب: نعم، يمكن الحديث عن مواصفات للأستاذ المغربي، لكن تختلف هذه المواصفات باختلاف السياسات البيداغوجية المتبناة، فحين نتحدث عن البيداغوجيات الكلاسيكية، فنحن نتحدث عن الأدوار المنوطة بهذا الأستاذ في ظل السياسات المنتهجة آنذاك، التي يعد فيها الأستاذ المالك الوحيد للمعرفة، وهو ما يؤدي إلى تبني علاقة عمودية  بين التلميذ والأستاذ الذي انفرد وَفْقَ هذه الأدبيات بمهام لها اتجاه وحيد منه إلى التلميذ عبر الإلقاء، العرض، التلقين، التخزين، والشحن للمحتوى المحدد في أذهان الأطفال، دونما اعتبار لميولاتهم ورغباتهم أو حاجاتهم، مما جعل الأستاذ بحسب هذا الاتجاه، وبفعل الممارسات اليومية المتكررة مجرد تلميذ مجتهد من ناحية المستوى المعرفي؛ لا يجد صعوبات في استحضار ما يريد إفراغه في ذهن التلميذ، وبالتالي تنحصر مهامه في أنشطة بسيطة، وتزداد بساطتها بازدياد سنوات الأقدمية في العمل.

أما في ما يخص البيداغوجيات الحديثة والمعاصرة، فعلى العكس من هذا، نجد أن مهام الأستاذ حاليا ازدادت كميا ونوعيا، خصوصا بعد الإصلاحات التي ما زال المغرب يعيش على إيقاعها، مما جعلها أكثر تشعبا ومهننة. ووسط هذه الترسانة من المستجدات والتطورات التي ميزت مراحل الإصلاح التربوي منذ صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين (2001) وجد الأستاذ نفسه محاطا بالكثير من المسؤوليات.. فإن اقتصر تواصله قديما على التلميذ والولي والإدارة، فهو الآن مطالب بفتح قنوات تواصل أخرى، بحكم انفتاح المدرسة على محيطها، ودخولها في شراكات مع فاعلين متعددين بتعدد جوانب الحياة، إضافة إلى ذلك وجوب تجديد نظرة الأستاذ للتلميذ أولا وثانيا للمضمون، وثالثا لاستراتيجيات الممارسة الصفية ليواكب ما استجد في هذا السياق.

سؤال: ما هي مصادر ومسببات الصغوط النفسية عند الأستاذ؟

جواب: إن ما رُصِد من صعوبة في التحديد الدقيق لمفهوم الضغط النفسي ينسحب بالضرورة على مصادر ومسببات هذا الاضطراب السيكولوجي، بل تزداد هذه الصعوبة عند البحث في هذه السياقات؛ فإلى جانب تعدد مقاربات المفهوم، ينضاف تعدد وتشعب مكونات هذه الحياة بوصفها عبارة عن وضعيات وحالات من التوازن واللاتوازن يعيشها الكائن البشري في سعيه المتواصل نحو تحقيق التكيف مع محيطه أي أنها تشكل منطلق المثيرات التي تستلزم استجابات وردود أفعال معينة.

وللخروج من هذه الدوامة يمكن اعتماد معايير معينة، أهمها تقسيم هذه المصادر أو المسببات إلى ما هو داخلي، مثل سياقات العمل والحياة الأسرية ومتغيرات المجتمع  الاقتصادية والسياسية...وما هو خاجي، كالصراع النفسي والطموح الزائد والتنافس ونقص تقدير الذات أو الثقة في النفس التشاؤم وطريقة التفكير...

 وخلاصة القول إن كل وضعيات الحياة التي يعيشها الكائن البشري قد تشكل مصادر أو مسببات وعوامل خارجية لتوليد ضغوط نفسية لديه، كما أن هناك ضغوط أخرى ذات مصادر أو عوامل داخلية مرتبطة بذات الفرد في شقها الانفعالي أو التكويني.

كل هذه المصادر أو المسببات عامة بالنسبة لكل الأفراد، لكن حين الحديث عنها لدى الأستاذ تنضاف أخرى مرتبطة بخصوصية التربية والتعليم كمهنة من المهن الضاغطة، وبشكل أخص بظروف العمل بالقرى.. وقد أشرت بتفصيل في كتابي إلى مختلف المصادر تحت عناوين بارزة تمثل أغلب المصادر التي قد تولد الضغوط النفسية عند هذه الفئة من موظفي الدولة، ومنها:

1- مصادر مرتبطة بالجو العام للعمل

2- مصادر مرتبطة بكثافة العمل

3- مصادر مرتبطة بالشخص ومحيطه

4- مصادر مرتبطة بالمسيرة والوضعية المهنية

5- مصادر مرتبطة بالحياة اليومية والعائلية بما فيها الصعوبات المالية والحركية المهنية...

سؤال: ما هي مظاهر وأعراض الضغوط النفسية التي يمكن أن يتعرض لها الأساتذة في المدرسة الابتدائية المغربية؟

جواب: المتفق عليه داخل الأوساط الطبية والعلمية أن الأعراض هي علامات ومؤشرات على ظهور مرض أو اضطراب معين، إلا أنه في حالة الضغوط النفسية توجد حالات لا تعد أمراضا أو اضطرابات بقدر ما هي حالات طبيعية من ردود الفعل على مثيرات بهدف التكيف، هذه الردود التي يكون أغلبها إن لم نقل جلها لاإرادية، وبما أن كل شخص معرض للضغوط النفسية اليومية فإنه يصعب تحديد بدقة أعراض هذه الحالات خصوصا إذا كانت ضغوطات خفيفة أو سطحية يستحيل أحيانا رصد مظاهرها على الشخص المصاب بها.

لكن يمكننا القول إن التعرض المستمر للضغط النفسي يحدث اضطرابا هرمونيا من خلال الاستثارة الزائدة للجهاز العصبي المستقل، هذا الاضطراب الذي يعتبر المسؤول عن الأمراض والاضطرابات النفس- جسمية(  (psychosomatic disordersالناتجة عن التعرض للتوتر والضغط النفسي الشديدين .

ويمكن لأعراض هذا الاضطراب أن تمر خلال حدوثها بثلاث مراحل :

المرحلة الأولى: استجابة الإنذار Alarm response :يستدعي الجسم فيها كل قواه الدفاعية لمواجهة الخطر، لأنه لا يكون مهيأ لها، فتحدث تغيرات عضوية وكيماوية يؤشر عليها ارتفاع نسبة السكر في الدم، أو تسارع النبض، أو ارتفاع الضغط الشرياني، ليصبح الجسم بذلك في حالة استنفار وتأهب كاملين للدفاع والتكيف مع العامل المهدد.

المرحلة الثانية: مرحلة المقاومة Resistance stage :بعد اكتساب القدرة على التكيف مع الموقف الضاغط في مرحلة الإنذار، تظهر الأعراض الجسمية بسبب التعرض المستمر لهذه المنبهات والمواقف الضاغطة، فيصل الجسم إلى حالة العجز عن مواجهتها برد فعل تكيفي، مما يعجل بنشأة ما يسمى الأعراض السيكوسوماتية أو النفس-جسمية؛ التي تبدأ بازدياد الاضطراب في التوازن الداخلي الذي يزيد بدوره من الخلل في الإفرازات الهرمونية.

المرحلة الثالثة: الإنهاك واستنفاذ الطاقة Exhaustion : باستمرار التعرض للضغوط لمدة طويلة يعجز الجسم عن مواصلة المقاومة، فيدخل في مرحلة الإنهاك والإعياء، ويعجز عن التكيف بشكل كامل، مما يؤدي إلى انهيار الدفاعات الهرمونية واضطراب الغدد ونقص مقاومة الجسم، وبالتالي إصابة الكثير من الأجهزة بالعطب، مما قد يفضي أحيانا إلى السير نحو الموت بخطى سريعة .

وتجب الإشارة هنا إلى أن التطورات التكنولوجية زادت من مشاغل الحياة اليومية وأعبائها، وتضاءل وقت الفراغ وانحسر، وهو الوضع الذي سيزيد لا محالة في نوع وحجم الضغوط الممارسة على الفرد.

سؤال: ألا توجد أساليب لتدبير ومواجهة الضغوط النفسية؟

جواب: بالتأكيد، توجد أساليب لتدبير الضغوط النفسية، إلا أنها تختلف باختلاف مصادر هذه الاضطرابات من جهة، وباختلاف المراحل التي وصل إليها ظهور أعراض هذا الاضطراب السيكولوجي، من جهة ثانية، بل وتتنوع أيضا أساليب مواجهة هذه الضغوط بحسب البنيات الفيزيولوجية والسيكولوجية والسوسيولوجية لللأفراد من جهة ثالثة؛ وهو موقف ليس بالجديد، لأننا نجد جذوره في الثقافات القديمة.. فمثلا، الفيلسوف الرواقي ابيكتيموس (القرن 135 ق.م)  يقول "لا يفزع الناس من الأشياء ذاتها، ولكن من الأفكار التي ينسجونها حولها".

ويجب التنبيه هنا إلى أن أساليب التعامل مع الضغوط لا تعني العمليات الدفاعية؛ فهذه الأخيرة لا شعورية، بينما الأولى شعورية واعية، ومرتبطة أساسا بالجهود المعرفية والسلوكية التي يستخدمها كل فرد بحسب تكوينه كما أشرت إلى ذلك؛ كما أن هذا الوضع المعقد اللصيق بمفهوم الضغوط النفسية، على مستوى التحديد المفهومي، وعلى مستوى حصر مسبباته، وأعراضه، ينسحب بالتالي على آليات وأساليب مواجهة وتدبير هذا النوع من الاضطرابات، وعليه، فإن التعامل مع حالة واحدة من حالات الضغوط النفسية يستوجب عدة جلسات لتشخيص كل المحددات السالفة لمعرفة أنجع آلية وأسلوب يمكن للمعني استدماجها ونهجها لحصر آثار هذه الاضطرابات على حياته النفسية والجسدية، ويمكن الرجوع إلى كتابنا المعني في هذا الحوار، وخاصة في مبحثه المتعلق بأساليب تدبير ومواجهة  الضغوط النفسية، حيث سيجد القارئ عرضا مفصلا لبعض الأساليب (الشعورية) والآليات (اللاشعورية) المختلفة التي يعتمدها المختصون والباحثون في هذا السياق.

 

سؤال: بطبيعة الحال كل الضغوط النفسية التي أتيت على ذكرها لها آثار على التوافق المهني..كيف ذلك؟

جواب: أشكركم أستاذ على هذا السؤال المحوري الذي شكل صراحة الانشغال الأساس الذي حفزني على إخراج هذا المؤلف في هذه الظرفية الراهنة، لكنني سألته نفسي بصيغة أخرى وهي " كيف يمكنني أن أنخرط معك في إصلاح وأنا أرزح تحت ضغوط أغلبها تولدها ظروف القطاع"؟

لكن عموما، ولتوضيح الأمر أكثر لقراء هذا الكتاب من أساتذة وطلبة وغيرهم من أطياف المجتمع الذين راقهم الكتاب لأنه نبش في موضوع كان يعتبر لفترة من الطابوهات أو المسكوت عنه.. أقول إن ما يعانيه الأستاذ مثلا من اضطرابات في النوم أو اضطرابات في الهضم أو التنفس أو خفقان القلب أو التفسير الخاطئ لتصرفات الآخرين أو الغضب السريع لأتفه الأسباب... هو بمثابة إنذارات على وجود ضغوط مرتفعة أو حالات من الإجهاد، ومن الغباء أن نظن أن هذا الأستاذ سيشتغل بشكل أفضل في الظروف التي هو فيها، وسيجتهد في التواصل مع المضامين والمتمدرسين ولا حتى مع التوجيهات ... الأكيد أن انخراطه كموجه ومنشط وميسر ومساعد في إرساء الموارد لدى الفئات المعنية سيتراجع بشكل ملحوظ.

خلاصة القول إن كل هذه الآثار النفسية والجسمية التي يرزح تحتها أستاذ التعليم الابتدائي العامل بالعالم القروي، بفعل الضغوط النفسية التي يعيشها، وتحاصره بالوسط القروي، لها وقع سلبي على مردوديته المهنية وعلى درجة توافقه مع المجتمع المدرسي ومحيطه، والأستاذ كلما كانت حالته النفسية مستقرة، وكانت مستويات الضغوط النفسية لديه منخفضة، والمتولدة لديه عن الظروف المهنية، والاقتصادية، والعائلية التي يعيشها، إلا واستطاع العمل بنشاط وحيوية، وانخرط في تجويد أدائه باستمرار، عبر التكوين الذاتي والبحث المستديم في سبيل الارتقاء بأساليب التواصل والعمل لديه.

سؤال: وماذا عن آثارها على التوافق الدراسي؟

جواب: بالفعل، مهما تكن مصادر الضغوط النفسية التي يعيشها الأستاذ، التي لها آثار سلبية على مردوديته وتوافقه المهني، فإن هذا الوضع السلبي يمس التلاميذ مباشرة في تحصيلهم، ومستوى انخراطهم في أنشطة الحياة المدرسية، وبالتالي تدني درجة توافقهم الدراسي، فالأستاذ الرازح تحت تأثير أعراض الضغوط النفسية، لا تنقص حيويته ونشاطه في تدبير وضعيات التعلمات الأساس داخل قسمه فقط، بل يمس هذا التدني حتى الأنشطة الداعمة والموازية؛ حيث يفقد الرغبة في تطوير أدائه، والانخراط – مثلا - في النوادي، التي تشكل المجال الأكثر استقطابا لاهتمامات المتعلمين وصقل مواهبهم. وبالتالي فإن هذه الآثار قد تزيد من نسب الفشل الدراسي للتلاميذ، بل وقد تتطور إلى فشل في حياتهم عموما.  

سؤال: كلمة أخيرة..

جواب: بداية أتقدم بامتناني وشكري الخاص للأستاذ الفاضل الدكتور سعيد الشقروني، ومن خلاله لموقع تربويات الرائد على هذه الالتفاتة الطيبة التي شرفتموني بها، وفتحتم لي مساحة للحديث عن ثاني إصداراتي المتعلق بالضغوط النفسية (حيث كان الأول في موضوع "التعصب ورهان المثاقفة: التعصب الديني نموذجا" 2015)، الذي أسعى عبره إلى التنبيه إلى العلاقة بين هذه الاضطرابات التي تعيشها أسرة التربية المرابطة بحدود الحضارة، وبين مدى انخراطها في أوراش الإصلاح التربوي المنشود..الأمر يتعلق بدراسة ميدانية غطت مجموعات مدارس من تراب دائرة تيسة بتاونات، وخلصت إلى نتائج اختبارات قياس الضغط النفسي عند عينة الاختبار من أساتذة التعليم الابتدائي إلى أرقام أقول وأعي ذلك بأنها خطيرة وتستوجب دق ناقوس الخطر، حيث وصلت نسبة الأساتذة الواقعين تحت تأثير ضغط نفسي من المستوى المرتفع إلى (84%) من عينة البحث، في حين وصلت نسبة ذوي الضغط النفسي من المستوى المتوسط إلى (16%)، وهو ما يوصلنا إلى نسبة (00%) من المبحوثين لا يعانون من الضغوط النفسية، وهي نسب من صعب تقبلها لدى بعض المنتقدين من خارج سلك الابتدائي، لأن إدراك واقع المدرسة المغربية في العالم القروي بعيدا عن أي مزايدات، وبقليل من الصدق والجرأة، يكشف الواقع الحقيقي الذي يفترض أن يحسه الجميع..وهذا ما شرحته بمنهج علمي في كتابي..

الأستاذ محمد لهلالي أشكرك جزيل الشكر على سعة صدرك وعلى اختيارك لهذا الموضوع، وأتمنى لك مسارا علميا متميزا.







تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها


1- تنويه

يوسف قيش

السي لهلال رجل معرفي بامتياز .... خبر التعليم المغربي بسلكيه الابتدائي والثانوي فكانت المحصلة أن
عرف على مفاصله وتمفصلاته بل وأكثر من هذا فتكوينه العلمي مكنه من الاطلاع على نفسية الاستاذة ومعاناتهم وتطلعاتهم
وفقك الله باحثنا الجليل

في 07 دجنبر 2017 الساعة 33 : 00

أبلغ عن تعليق غير لائق


اضغط هنـا للكتابة بالعربية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على هذه المادة
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق





 
إعلانات
 
صورة وتعليق

مفارقة في التعليم
 
القائمة الرئيسية
 

» الرئيسية

 
 

»  تربويات TV

 
 

»  صورة وتعليق

 
 

»  حركات انتقالية

 
 

»  تشريع

 
 

»  بلاغات وبيانات

 
 

»  مذكرات

 
 

»  مواعد

 
 

»  أخبار متفرقة

 
 

»  أنشطة الوزارة

 
 

»  أنشطة الأكاديميات

 
 

»  أنشطة المديريات الإقليمية

 
 

»  مباريات

 
 

»  كتب تربوية

 
 

»  وجهات نظر

 
 

»  حوارات

 
 

»  ولنا كلمة

 
 

»  وثائق خاصة بمدير(ة) التعليم الابتدائي

 
 

»  الاستعداد للامتحانات المهنية

 
 

»  تكوينات

 
 

»  حركات انتقالية محلية

 
 

»  حركات انتقالية جهوية

 
 

»  حركات انتقالية وطنية

 
 

»  مذكرات نيابية

 
 

»  مذكرات جهوية

 
 

»  مذكرات وزارية

 
 

»  مستجدات

 
 

»  جذاذات أستاذ(ة) التعليم الابتدائي

 
 

»  بيداغوجيا الإدماج

 
 

»  الرياضة المدرسية

 
 

»  المخاطر المدرسية

 
 

»  عروض

 
 

»  تهنئة

 
 

»  تعزية

 
 

»  إدارة الموقع

 
 

»  الدعم البيداغوجي

 
 

»  التدبير المالي لجمعيات دعم مدرسة النجاح

 
 

»  التعليم و الصحافة

 
 

»  تربويات الأطفال

 
 

»  مستجدات تربوية

 
 

»  غزة تحت النار

 
 

»  خدمات تربوية

 
 

»  قراءة في كتاب

 
 

»  أحكام قضائية

 
 

»  أنشطة المؤسسات التعليمية

 
 

»  في رحاب الجامعة :مقالات و ندوات ومحاضرات

 
 
مواعد

مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية للتعليم تنظم الدورة التاسعة للأبواب المفتوحة المخصصة لاستقبال طلبات أطر ومستخدمي أسرة التربية والتكوين المشرفين على التقاعد برسم سنة 2024


مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين أبوابا مفتوحة لفائدة كافة منخرطي المؤسسة بجهة سوس ماسة يومي 07 و08 مارس 2023

 
وجهات نظر

الوزير الليبيرالي: هل يفك شفرة التعليم الخصوصي ؟ ام تستمر اسطوانة من استطاع اليه سبيلا !!


هل يعيد الميداوي الدفء لكليات الطب؟!


هل يكسب بديل بنموسى رهان الإصلاح؟!


رياضة الغولف بمؤسساتنا التعليمية!


العولمة ونظامنا التربوي : من الاختراق الى الهيمنة


الدخول المدرسي الجديد والرهان على مدرسة ''الريادة'' رهان لتعميم الجودة ام لصناعة النخبة ؟؟؟


الدخول المدرسي والإحصاء العام للسكان!

 
حوارات

من يؤجج احتجاجات الشغيلة التعليمية؟!


حوار مع الأستاذ مصطفى جلال المتوج بجائزة الشيخ محمد بن زايد لأفضل معلم


حوار مع الدكتور فؤاد عفاني حول قضايا البحث التربوي، وتدريس اللغة العربية

 
قراءة في كتاب

مؤلَّفان في النقد جديد الباحث الدكتور محمد بوشيخة


رمزية القطط بين أنسنة الحيوان وقطقطة الإنسان في رواية '' قطط إسطنبول'' لزياد حمامي

 
في رحاب الجامعة :مقالات و ندوات ومحاضرات
أكادير..فعاليات النسخة السادسة لتطوير الكفاءات في مجال صناعة الطيران '' SKILLUP ' 24 ''

 
خدمات