نصر الله البوعيشي
أود أن أتقاسم معكم نص Les moutons de Panurge خرفان بانورج مترجما عن الفرنسية من الكتاب المدرسي BIEN LIRE ET COMPRENDRE المقرر بالتعليم الابتدائي الى حدود نهاية السبعينات من القرن الماضي والقطعة تتحدث عن انسياق قطيع من الخرفان وراء خروف القي به في البحر ، والعبرة المراداستخلاصها من الدرس :" التنبيه من الانسياق ك "خرفان بانورج " ، بلا وعي ولا إرادة وراء آراء أو أفعال الآخرين.
وقبل سرد ملخص هذه القصة المشهور للكاتب افرنسي فرانسوا رابلي FRANCOIS RABELAISلا بد من التذكير بسياق تدريس اللغة الفرنسية بالسلك الابتدائي في الستينيات من القرن الماضي واقتصار الدولة المغربية مباشرة بعد الاستقلال على تدريس اللغة الفرنسية كلغة في معزل عما تحمله من رسائل ثقافية. وتفعيلا لهذا القرار عملت وابتداء من اكتوبر 1960 على مراجعة جذرية للأهداف المحددة لتدريس اللغة الفرنسية)1( . وقامت بخفض حصص تدريس اللغة الفرنسية وفي اطار تعريب المواد الدراسية زادت النسبة المخصصة للتدريس باللغة العربية بشكل كبيروهكذا تم تخصيص العامين الأولين من المدرسة الابتدائية بالكامل للتدريس باللغة العربية فيما تم تقرر تدريس اللغة الفرنسية لمدة 15 ساعة في الأسبوع في المستويات الدراسية الابتدائي الثاني ) الثالث( والمتوسط الاول )الرابع( والمتوسط الثاني ) الخامس( المعروفة بقسم الشهادة ، وهو ما يمثل 30٪ فقط من إجمالي مدة الدراسة بهذا السلك . ونتيجة لذلك، ومنذ أن أصبحت اللغة العربية هي اللغة الوطنية، يتم تدريس اللغة الفرنسية "ليس كأداة للثقافة، ولكن كلغة أجنبية فقط لاغير .
واصبح لتدريس التلميذ في المدرسة الابتدائية المغربية ومن الصف الثالث ابتدائي معلمان: مدرس اللغة الفرنسية ومدرس اللغة العربية. و في بعض الحالات (خاصة في العالم القروي يقوم المرس يالدورين ولاكثر من مستوى .
وهكذا لم تعد الفرنسية لغة ثقافية للتلميذ المغربي واصبح تدريسها يتلخص في فك وفهم رسالة مكتوبة دون مراعاة للرسائل الثقافية التي تنقلها هذه الرسالة. ومع ذلك ، فإن الكتب المدرسية الفرنسية المستخدمة في المدارس المغربية خلال 60s و 70s تحتوي على جوانب كثيرة من الثقافة الفرنسية. وقد نصت التعلميات الرسمية لسنوات 60 و67 على أن :" اللغة الفرنسية لغة أجنبية من المهم للشاب المغربي أن يتعامل معها بسهولة للحصول على خدمات من أي نوع يمكن أن تقدمه له وكلغة مكملة للثقافة تسمح له بإقامة مقارنات مثمرة مع ثقافته الوطنية")2( وبالمثل، تحدثت هذه التعليمات أيضا عن مكانة هذه اللغة في البيئة الاجتماعية والثقافية للتلميذ المغربي: "خارج ساعات الدراسة باللغة الفرنسية، لم يعد لدى للتلاميذ أي فرصة لممارسة هذه اللغة".
تجدر الإشارة إلى أن جهود وزارة التربية قد استندت على مبداي (التعميم والتعريب) من أجل طرح نظام تعليمي وطني كان من المفترض أن يكون مستقلا عن بعض موروثات الفترات السابقة.
ومع ذلك ، لم يتم تغيير وضع اللغة الفرنسية في النصوص الرسمية. و لا تزال لغة أجنبية ويتم تدريسها كمادة مدرسية ، على الرغم من وضعها غير المحدد في المجتمع ووجودها بلا منازع في الإدارة المغربية بل وتعتبر لغة التواصل الاولى في عدة ادارات .
ملخص قصة خرفان بارنوج LES MOUTONS DE PANURGE
روى الكاتب الفرنسي "فرانسوا رابليه François Rabelais " قصة رجل يدعي "بانورج " كان في رحلة بحريّة على متن سفينة. وكان على نفس السفينة تاجر الأغنام "دندونو" ومعه قطيع من الخرفان المنقولة بغرض بيعها.
كان "دندونو" تاجراً جشعاً يمثل أسوأ ما في هذا العصر وهو غياب الإنسانية.
حدث أن وقع شجار على سطح المركب بين "بانورج" والتاجر "دندونو" صمم على أثره "بانورج" أن ينتقم من التاجر الجشع ، فقرّر شراء خروف من التاجر بسعر عال، وسط سعادة دوندونو بالصفقة الرابحة.
وفي مشهد غريب يمسك "بانورج" بالخروف من قرنيه ويجره بقوة إلى طرف السفينة ثم يلقي به إلى البحر ، فما كان من أحد الخرفان إلاّ أنْ تبع خطى الخروف الغريق ليلقى مصيره ، ليلحقه الثاني فالثالث والرابع وسط ذهول التاجر وصدمته ، ثم اصطفت الخرفان الباقية في "طابور مهيب" لتمارس دورها في القفز.
جن جنون تاجر الأغنام "دندونو" وهو يحاول منع القطيع من القفز بالماء ، لكنّ محاولاته كلها باءت بالفشل ،فقد كان"إيمان"الخرفان بما يفعلونه على قدر من الرسوخ أكبر من أن يُقاوم .
وبدافع قوي من الجشع اندفع "دندونو" للإمساك بآخر الخرفان الأحياء آملا في إنقاذه من مصيره المحتوم ، إلّا أن الخروف"المؤمن" كان مصراً على الانسياق وراء الخرفان ، فكان أنْ سقط كلاهما في الماء ليموتا معا غرقا.
وتشير عبارة "خرفان بانورج" LES MOUTONS DE PANURGE \ خرفان بانورج" إلى الشخص الإمعة التابع لغيرة دون تفكير، أي الشخص الذي يقلد غيره دون طرح أسئلة، ويتبع بشكل غريزي ما يفعله العدد الأكبر ويندمج في حركة جماعية دون ممارسة روحه النقدية أو إظهار الذكاء المتوقع من الإنسان الفطري. وهذا ما يشير إليه عالم النفس الفرنسي غوستاف لوبون في كتاب سيكولوجية الجماهير.
كما تشير القصة إلى أنه ليس هناك ما هو أخطر على أي شخص أو مجتمع ما من تنامي وانتشار روح وعقلية القطيع لديه، وأن الطمع والجشع يؤدي الى بصاحبه الى الهلاك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراجع :
)1( التعليمات الرسمية للتعليم اللغة الفرنسية ، الرباط، 1960، ص 11.
)2 (التعليمات الرسمية لتعليم اللغة الفرنسية، الرباط، 1967، الصفحة 98.
)3 ( )فرانسوا رابليه (François Rabelais كاتب فرنسي وطبيب وراهب وعالم باليونانية وأحد إنسانيي النهضة.
يعتبر رابليه أحد أعظم الكتاب على مستوى العالم، وكذلك أحد مؤسسي أسلوب الكتابة الأوروبي الحديث. كان رابليه لفترة قصيرة راهباً ولكنه شعر أنه لا يستطيع أن يتحمّل
بجدية هذه الحياة لأسباب عدة تدخل في صميم المباديء الدينية والممارسات، فدرس الطب ، ثم مارس التطبيب في مدينة ليون، إلا أنه سئم ذلك أيضاً، وراح يتجول في
وخلال الفترة التي مارس فيها الطبابة كتب روايتين هما: حياة غارغانتوا Gargantua و بانتاغرويلPantagruel نشر سنة 1532 وهو أنجح أعماله على الإطلاق ، أصدرهما بأسم مستعمار، فلقيتا نجاحاً كبيراً، وهما تزخران بالسخرية والعمق، وبالخشونة في أجزاء منهما. ووضع رابليه مؤلفات أخرى، بعضها أقل تشويقاً من روايته الأوليين، ولكنهما مثلهما تعجّ بالحكمة والفطرة السليمة، وفيها أحكام صائبة وحصيفة منها . كتاب Tiers Livre ومنه اخذت قصة خرفان بانورج وكتاب Le Quart Livre وكتاب منسوب له تحا عنوان Cinquième Livre



