متابعة أ.أ
لم يتأخر رد نساء ورجال التعليم كثيرا على خرجة رئيس الحكومة ومعه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لمساء يوم الاثنين 27 نونبر 2023 بعد اللقاء الذي جمعهما بأربع نقابات تعليمية ، حيث خرج الآلاف من الشغيلة التعليمية صباح يوم الأربعاء 29 نونبر 2023 أمام المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على الصعيد الوطني للتعبير عن رفضهم للحوارات الملغومة وللمصطلحات الملتوية التي لا يرى لها أي أثر قانوني على أرض الواقع ، على حد تعبير ممثلي التنسيقيات التعليمية، حيث أرسلت هذه الأخيرة بمعية النقابات المحتجة غير المشاركة في الحوار، رسالة قوية إلى الحكومة مفادها أنها ماضية في تصعيد احتجاجها حتى تحقيق مطالبها العادلة ، وأنها لن تنحني أمام أساليب التهديد والوعيد التي تنهجها الوزارة من خلال إقدامها على تنفيذ الاقتطاعات من أجور المضربين وحتى غير المضربين، بالإضافة إلى المتصرفين التربويين الإسناديين، مما يعكس نوعا من التخبط والارتجالية، وأدى إلى تأجيج غضب نساء ورجال التربية والتكوين الذين نددوا، في الشعارات التي تم ترديدها في الوقفات والمسيرات التي جسدوها اليوم، والتي شملت كذلك أمام المحاكم التي تعرف محاكمات لنساء ورجال التعليم توبعوا على خلفية محطات احتجاجية سابقة،نددوا بالسياسة الصماء التي تنهجها الوزارة والحكومة في التعامل مع مطالبها المشروعة من خلال صب الزيت على النار واللجوء إلى أساليب انتقامية ضدها بهدف إجبارها على العودة إلى أقسامها.
هذا وقد تم استدعاء رؤساء جمعيات أباء وأمهات التلاميذ من طرف المديرين الإقليميين بالتنسيق مع وزارة الداخلية من أجل تدارك ما يمكن تداركه عبر الاستنجاد بالمدارس الخاصة أحيانا واستقدام متعاقدين من أجل دعم التلاميذ وإنقاذهم من شبح "السنة البيضاء" التي أصبحت، قبل أي وقت مضى، واقعا يتجسد مع كل يوم يقربنا من نهاية الدورة الأولى .
ويرى متتبعو الشأن التعليمي أن نساء ورجال التعليم قد قطعوا أشواطا يصعب التراجع عنها، من خلال البرامج التصعيدية والاحتجاجية التي سطرتها التنسيقيات التعليمية، حتى تحقيق مطالبها، وهو ما سيجعل الحكومة أمام خيارين صعبين؛ إما الدخول في "سنة بيضاء"، وهو الخيار الذي تحاول تفاديه بكل ما أوتيت من قوة نظرا لتكلفته البشرية والمالية، وإما الرضوخ لمطالب هذه الفئة من خلال سحب النظام الأساسي الذي كان السبب في تأزيم الوضع، على الأقل، والجلوس من أجل التوصل إلى حلول توافقية مع التنسيقيات والنقابات الأخرى التي أثبتت أنها هي المخاطب الشرعي بعدما كشفت جلسات الحوار السابقة عن عورات النقابات المحاورة وأفرغت تمثيليتها من المحتوى.
وأمام استمرار الحكومة في تأجيج الوضع والدفع بالبلد إلى مزيد من الاحتقان يبقى التدخل الملكي أمل المغاربة في إنهاء مسلسل الاحتجاجات ووضع سكة قطاع التعليم بالمملكة في مسارها الصحيح بما يحقق الكرامة لنساء ورجال التعليم ويساهم في توفير الظروف الملائمة والضرورية لتعلم فلذات أكباد هذا الوطن.