تقرير الأستاذين: محمد الغرباوي – محمد أمين خنبوبي
|
تنزيلا لمضامين القانون الاطار رقم 17/51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في الجانب المتعلق بخلق تعبئة مجتمعية حول المدرسة المغربية. ولاسيما المشروع رقم 17 المتعلق بتعزيز تعبئة الفاعلين التربويين والشركاء حول المدرسة المغربية. وفي إطار مواصلة الجهود الرامية الى التصدي لظاهرة الهدر المدرسي تحقيقا لمدرسة الانصاف والجودة وتكافؤ الفرص. نظم نادي الابداع الثقافي بثانوية تغرامت التأهيلية، بشراكة مع الجماعة الترابية لتغرامت، وبتنسيق مع جمعية أمهات وآباء وأولياء تلميذات وتلاميذ المؤسسة. يوما دراسيا حول موضوع:" أدوار الفاعل الترابي في الحد من ظاهرة الهدر المدرسي". وذلك يوم الخميس 18 أبريل 2024 بمقر الجماعة الترابية لتغرامت على الساعة 11:00 صباحا.
فبعد افتتاح اليوم الدراسي بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحضور التلميذ " زكرياء الهيشو الدشيشي" مع الاستماع بعد ذلك للنشيد الوطني . كان للحضور موعد مع أولى الجلسات والتي خصصت للكلمات الافتتاحية. والكلمة الأولى كانت من نصيب السيد ناظر المؤسسة الاستاذ " محمد باعلا " والتي ألقاها نيابة عن السيد مدير المؤسسة الذي غاب عن اللقاء لالتزامات مهنية، حيث رحب من خلالها بالحضور الذي لبى دعوة المشاركة في هذا اليوم الدراسي، خاصة وأن هذا الأخير يسعى لمقاربة ظاهرة الهدر المدرسي باعتبارها إحدى الظواهر التربوية التي يعاني منها المجتمع المغربي وخصوصا بالعالم القروي. متمنيا لفعالياته التوفيق والسداد.
من جانبه تقدم السيد رئيس مصلحة التخطيط والخريطة المدرسية الاستاذ " ياسين الراوي" باعتباره ممثلا للمديرية الاقليمية بكلمة شكر للساهرين على تنظيم هذا اللقاء التربوي النوعي على مستوى جماعة تغرامت وكذا على مستوى مديرية الفحص-أنجرة، مرحبا أيضا بالمشاركين في اليوم الدراسي من فاعلين سياسيين وتربويين وإداريين وجمعويين وتلاميذ ... الذين حضروا للانخراط كل من جانبه في التفكير والنقاش حول ظاهرة الهدر المدرسي وسبل الحد منها خاصة على مستوى جماعة تغرامت.
كلمة أخرى تقدم بها السيد رئيس جمعية آباء تلاميذ ثانوية تغرامت التأهيلية، الاستاذ" عبد السلام هروش" الذي رحب من خلالها أيضا بالحضور كل باسمه وصفته، ومنوها بفكرة تنظيم يوم دراسي حول الهدر المدرسي لأنها ظاهرة أصبحت تؤرق المجتمع المغربي ولاسيما في المناطق القروية، ومشيرا الى أن جمعية الآباء مستعدة دائما للانخراط في المبادرات التي تخدم بشكل مباشر تلميذات وتلاميذ ثانوية تغرامت التأهيلية.
دائما في اطار الكلمات الافتتاحية، رحب السيد "محمد قنجاع "نائب رئيس جماعة تغرامت بالحضور المشارك في اليوم الدراسي، ومبلغا تنويه السيد رئيس الجماعة الترابية بمثل هذه المبادرات التي تخدم الصالح العام التربوي على مستوى الجماعة الترابية تغرامت.
السيد قائد قيادة تغرامت وفي معرض كلمته الافتتاحية تقدم بشكر للجنة التنظيمية الساهرة على تنظيم اليوم الدراسي حول ظاهرة الهدر المدرسي، والذي اعتبره مبادرة حميدة لما له من دور في النبش عن الاسباب الحقيقية التي تؤدي الى ارتفاع نسب الظاهرة والبحث في المقابل عن حلول عملية تسهم على الأقل في التخفيف منها في أفق الحد منها. معتبرا أن السلطة المحلية دائما ما تعتبر نفسها شريكا أساسيا إلى جانب الفاعلين التربويين والاجتماعيين خدمة للصالح العام الوطني عامة والمحلي على وجه الخصوص.
لتختتم جلسة الكلمات الافتتاحية التلميذة " ايمان العرود " بصفتها طفلة برلمانية وممثلة لبرلمان الطفل بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة طنجة تطوان الحسيمة، والتي عبرت فيها عن سعادتها بالمشاركة في هذا اليوم الدراسي كطفلة برلمانية، ومشيرة في كلمتها إلى ضرورة تظافر جهود كافة الفاعلين في الحقل التعليمي من أجل تضييق الخناق على هذه الظاهرة ومحاولة الحد منها في أفق القضاء عليها خاصة في صفوف الأطفال واليافعين الذين هم في سن التمدرس الالزامي.
أما الجلسة الثانية فخصصت للمداخلات المركزية، والتي سير أطوارها السيد " محمد الغرباوي " أستاذ مادة الفلسفة بالمؤسسة، ومنسق نادي الابداع الثقافي. بحيث خصصت المداخلة الأولى للأستاذ " محمد أمين خنبوبي " مختص تربوي، وباحث في القانون العام والعلوم السياسية ، تحدث فيها عن مسؤولية الفاعل الترابي في التنمية الاجتماعية، من خلال استحضار السياق العام للتحولات والتطورات الذي شهدها التنظيم الإداري المغربي في السنين الأخيرة، خصوصا الإصلاح الدستوري لسنة 2011، والذي كرس أدوار الجماعات الترابية كهيآت لامركزية ذات الشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، وجعلها فضاءً مناسباً لتصور وهندسة وتنفيذ السياسات التنموية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
واشار في معرض مداخلته إلى أنه بموجب التشريعات الجاري بها العمل، أصبح رؤساء الجماعات الترابية يملكون أدوات قانونية لتصور وتنفيذ السياسات الترابية على مستوى النطاق الترابي للجماعة من خلال برامج عمل تضعها الجماعة تحت إشراف رئيس مجلسها (PDR/PDP/PCD)، تهدف أساسا إلى انتقال الفاعل الترابي من مجرد هيئة تقليدية تسهر على الإدارة اليومية لشؤون الساكنة إلى فاعل سياسي(يضمن المشاركة المحلية والإيجابية للمواطنين في الحكم والسلطة)، فاعل اقتصادي (بحيث أن تكون الجماعة فضاء لنجاعة اقتصاد التنمية)، وفاعل اجتماعي(يعمل على تطبيق سياسة الدولة الاجتماعية).
كما تطرق ذات المتدخل للشراكة الإجرائية بين الدولة والجماعات الترابية في مجال التنمية الاجتماعية، بحيث أوكلت لهذه الأخيرة مجموعة من الصلاحيات على مستويات تأمين الرعاية الاجتماعية؛ مواجهة الخصاص الاجتماعي؛ تدبير شبكات التضامن الاجتماعي؛ وتقديم الخدمات الاجتماعية للساكنة الهشة على أساس مبدأ القرب. وأكدعلى أن موضوع التعليم يعد محورا أساسيا ضمن صلاحيات واختصاصات الجماعات الترابية، وذلك طبقا للفصل 31 من الدستور الذي حمل المسؤولية للمنتخبين في توفير الظروف الملائمة لاستفادة أبناء المغاربة من حقهم في التعليم استنادا لمبدأي الفعالية والنجاعة لضمان الجودة. وقد سارت القوانين التنظيمية في نفس النهج من خلال تنصيصها على مجموعة من الصلاحيات والخدمات الاجتماعية، والتي تعمل من خلالها الجماعات الترابية إلى جانب الدولة والمؤسسات العمومية وباقي الشركاء على تجويد التعليم وتحسين مردودية المتعلمين وتوفير الظروف الملائمة لمواصلة التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي خصوصا بالأوساط القروية.
المداخلة الثانية كانت من نصيب السيد " ياسين الراوي " رئيس مصلحة التخطيط والخريطة المدرسية بالمديرية الاقليمية الفحص أنجرة، والذي تطرق فيها إلى تدخل المديرية الاقليمية لمحاربة الهدر المدرسي والمجهودات المبذولة في هذا الصدد. بحيث أشار في معرض مداخلته إلى أن نسب الهدر المدرسي على مستوى جماعة تغرامت تعد منخفضة مقارنة مع بعض الجماعات الاخرى داخل الاقليم، اذ تشير الاحصائيات الى أن 89 تلميذا انقطعوا عن الدراسة خلال الموسم الدراسي الحالي على مستوى ذات الجماعة، مؤكدا على أن هذا العدد في حاجة الى تدقيق لان أغلب التلاميذ المنقطعين يلتحقون بمدارس التعليم العتيق، وفي هذه الحالة لا يجب اعتبارهم معنيين بالهدر المدرسي. كما أشار إلى أن المديرية الاقليمية تبذل مجهودات كبيرة في سبيل ارجاع التلاميذ المنقطعين بموجب شراكة موقعة بين الوزارة والنيابة العامة، والتي يتم مدها بأسماء المعنيات والمعنيين من أجل ممارسة دور الوساطة مع الاسرة، وفي حال ما إذا استعصى عليها الامر تلجأ في هذه الحالة الى المقاربة القانونية التي تحث الاسر على إعادة بناتها وأبنائها لصفوف الدراسة.
في حين أن المداخلة الأخيرة تقدم بها السيد " عبد السلام هروش " رئيس جمعية أمهات وآباء وأولياء تلميذات وتلاميذ المؤسسة، الذي ركز فيها على أن المكان الطبيعي للاطفال واليافعين الموجودين في سن التمدرس الالزامي هو الفصول الدراسية، وأن تحجج الأسر بالمشاكل الاقتصادية لم يعد مقبولا خصوصا في ظل البرامج الاجتماعية التي يستفيد منها تلاميذ العالم القروي خصوصا برنامج تيسيير، خدمات النقل المدرسي، الايواء، الاطعام، المبادرة الملكية مليون محفظة... مشيرا إلى أن الهدر المدرسي بالإقليم راجع بالأساس إلى بعض الافكار التي يتم غرسها بعقول الاطفال وهم في سن جد مبكرة والمتعلقة بالهجرة، فتجد أطفال دون سن العاشرة ينقطعون عن الدراسة بسبب التفكير في الهجرة.
كما تطرق في معرض مداخلته إلى الجهود التي تبذلها جمعية الآباء في سبيل الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، والتي تقوم بالأساس على التواصل الدائم مع أسر التلاميذ خصوصا المعنيين بالهدر المدرسي، لمعرفة الاسباب الكامنة وراء انقطاع أبنائها والتفكير في حل يساهم في إعادتهم لفصول الدراسة. خاصة وأن الجمعية ساهمت الى جانب المؤسسة التعليمية والسلطة المحلية في إرجاع عدد من التلاميذ المنقطعين خلال المواسم الدراسية السابقة.
المداخلات المركزية عرفت تفاعلا كبيرا من طرف الحاضرين ضيوفا وتلاميذ لانهم احسوا بأنهم كلهم معنيون بشكل أو بآخر بهذه الظاهرة، مجمعين على أن ظاهرة الهدر المدرسي هي نتيجة لمجموعة من الاسباب والعوامل التي تختلف باختلاف الحالات والوضعيات، مؤكدين على أن المسؤولية لا تتحملها وزارة التربية الوطنية لوحدها، كما لا تتحملها الأسرة لوحدها. بل هي مسؤولية مشتركة، انها مسؤولية مجتمعية، لذلك وجب تظافر جهود جميع المتدخلين والشركاء والفاعلين كل من جهته للمساهمة في الحد من هذه الظاهرة، لان تقدم الشعوب مرتبط أساسا بالتعليم باعتباره قاطرة التنمية على كل المستويات.
ليختتم اليوم الدراسي بتلاوة البيان الختامي لليوم الدراسي وتقديم مجموعة من التوصيات والتي نوردها كالآتي:
1-تظافر الجهود في مجال تعزيز الشبكة الطرقية في التجمعات القروية، وخاصة المناطق النائية، وتجهيزها بعلامات التشوير حفاظا على سلامة المتعلمين.
2- توسيع برنامج "تيسير" وتطويره من أجل محاربة الهدر المدرسي بالوسط القروي.
3-تحسين مكانة وجاذبية المدرسة بالوسط القروي وتسريع وثيرة تعميم المدارس الجماعاتية.
4-البحث عن طرق ومقاربات أكثر ابتكارا وملاءمة للوسط القروي، (تدبير الزمن المدرسي، الفضاء) تكون كفيلة بتحسين النتائج، وجودة التعليم، ونسبة مواصلة التمدرس.
5-تفادي التأويل الضيق لمجال الاختصاصات وتقاسمها واعتبار أن القضاء على ظاهرة الهدر المدرسي صلاحية عامة وأفقية.
6-شمولية التضامن الترابي بين جميع الفاعلين للحد من ظاهرة الهدر المدرسي(المصالح الخارجية للقطاعات الوزارية المعنية- السلطة الإقليمية والمحلية- الجماعات الترابية- المبادرة الوطنية للتنمية البشرية- صندوق دعم التماسك الاجتماعي- صندوق التنمية القروية-...).
7-انخراط المجتمع المدني كفاعل رسمي في السياسة الاجتماعية إلى جانب الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وتمكينه من الوسائل الضرورية وتفعيل أدواره في القضاء على ظاهرة الهدر المدرسي.