هشام حادف
"اقرأ"هو أول فعل خوطب به النبي محمد صلى الله عليه وسلم والخطاب له خطاب لأمته وهو فعل مقدس جاء على صيغة الأمر،وهو أمر بالقراءة مستعمل في حقيقته من الطلب لتحصيل فعل في الحال أو الاستقبال ولهذا الأمر دلالة عميقة لاكتشاف أهمية القراءة وهو أمر لم يتقيد بشيء كما تقيد مثلا قوله تعالى "كلوا واشربوا " بقوله "ولاتسرفوا" فالإسراف في الأكل والشرب مذموم عكس الإسراف في القراءة فهو طريق للارتقاء في سلم المعرفة والاستزادة من العلم .
لماذا نقرأ ؟ الجواب نستشفه من قوله تعالى "علم الانسان ما لم يعلم " أي اقرأ لتعلم ما لم تكن تعلم .
فالغاية من القراءة هي العيش في عالم المعرفة . وعلى هذا الأساس فالقراءة جسر نعبر منه وبه من ضفة الجهل البسيط والمركب الى شاطئ العلم المفيد والمعرفة المتجددة . فبالقراءة تحيى العقول وتستنير ويستقيم الفكر ويدرك الإنسان كيفية العيش يقول أحد المفكرين الفرنسيين " القراءة هي فن الحياة الرائع" لذلك وجب على الإنسان القارئ تخصيص وقت للقراءة مهما تكن درجة انشغاله بأمور الحياة فإذا لم يخصص وقتا للقراءة فإنه يكون قد أسلم نفسه للجهل بمحض إرادته .
لقد أدرك العلماء والمفكرون والفلاسفة والأدباء أهمية القراءة منذ القدم وعدوها من أهم بل هي أس وسائل التعلم الإنساني التي من خلالها يكتسب الانسان المعارف والعلوم . وهي التي تطور الانسان وتفتح أمامه آفاقا جديدة كانت بعيدة عن متناوله.فثمرات العقل البشري ومنجزاته وفنونه وآدابه لم تنقل إلا عبر القراءة كما أن الاطلاع على أحوال الأمم السابقة وعلى تاريخها وبطولاتها لم يكن إلا بالقراءة .
لقد أعلى الإسلام من شأن الإنسان القارئ المتعلم وولاه المكانة السامية ورقاه الى الدرجة الرفيعة قال تعالى " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون "
فبالقراءة يرتقي الانسان في سلم الحياة ويصبو الى بلوغ درجات الكمال البشري بما تتركه القراءة المتجددة من آثار ايجابية تخلصه من كل الرواسب السلبية.
فالجلوس للقراءة يعلم الإنسان الصبر، فالباحث عن المعرفة المتعطش للاستزادة من العلم لا يستعجل بل قد يعطي للكتاب كل إمكاناته ولايظفر منه إلا بشيء يسير من الفوائد .كما يورث كذلك التأمل جراء عملية الإبصار العقلية التي يقوم بها القارئ زمن المطالعة وبسبب الحوار الداخلي الذي يقيمه المطالع مع ما يطرحه المقروء .
فالصبر والتأمل والحوار تعد من مرتكزات التواصل الناجح .
فالقراءة = التواصل
وهي سبب للترويح عن النفس واستغلال وقت الفراغ بما ينفع .
يقول أحد الشعراء :
وخير جليس المرء كتب تفيده ** علوما وآدابا كعقل مؤيد
إن قراءة الفرد تنعكس على المجتمع لا نقول إيجابا ولا سلبا .لأن نوعية المقروء ودرجة الاستيعاب هي التي تحدد ذلك .
فأهمية القراءة في المجتمع تتأسس على أهميتها لدى الفرد .
فبالرغم من تعدد وسائل التثقيف في العصر الحديث فالقرءة لم تفقد أهميتها في كونها الوسيلة التي لا غنى عنها في التحضر وتحقيق الفتوحات العلمية وهي اليوم مؤشر مهم من مؤشرات قياس التنمية لدى المنظمات الدولية .فكلما ارتفعت درجة مقروئية أمة من الكتب كلما كان ذلك دليلا على ارتفاع نسبة نموها الاقتصادي وارتفاع نسبة الرفاه الاجتماعي والعكس بالعكس .
إذا كانت القراءة بهذه الأهمية فلماذا أعرض عنها الكثيرون ....؟