المغرب - وزان: نجاة الكاطب
في إطار أنشطتها الثقافية نظمت جمعية أساتذة اللغة العربية بوزان ندوة علمية في موضوع: "الأدب والتربية"، وذلك يوم السبت 5 دجنبر بدار الشباب المسيرة. في البداية أكد مسير الندوة الأستاذ هشام العطاوي أن الندوة تأتي في سياق أنشطة الجمعية التي اختارت هذه السنة استهلالها بندوة الأدب والتربية" وذلك نظرا لأهمية الموضوع في الوقت الراهن، والعلاقة الجدلية التي تجمع بين الأدب والتربية.
افتتح الباحث ومفتش مادة اللغة العربية الأستاذ عبد السلام أسويحلي مداخلته النقدية المعنوانة بـ: "التربية الجمالية بالمدرسة المغربية بين الواقع والمأمول"، بثلاثة أسئلة مركزية، هي: ما المقصود بالتربية الجمالية؟ ما أهمية وجدوى هذا النمط من التربية؟ كيف هو واقع الدرس الجمالي بالمدرسة المغربية، اليوم، وما المأمول /أو المطلوب إنجازه؟. ليؤكد أن "التربية الجمالية" تعني "مجموعة من الأنشطة البيداغوجية، التي يتعلم فيها التلميذ أصول الفنون وتقنيات ممارستها، مكتسبا معارف حولها لأجل تحقيق نموه العقلي والوجداني والحس حركي". وهذا ما يجعل التربية الجمالية حاجة وضرورة تجعله ينماز بها عن غيره من الكائنات، وعن واقع الدرس الجمالي بالمدرسة المغربية يقول الباحث أنه رغم التوسع الذي عرفه تدريس "المواد الفنية" بالمنظومة التعليمية، وما تضمنه الكتاب الأبيض من إشارات إيجابية، فإن تدريس هذه المواد عرف حالة اللاستقرار ومظاهر الانقطاع، وهذا ما دفع الباحث في نهاية مداخلته إلى الدعوة إلى ضرورة القيام بإجراءات مستعجلة من أجل إعطاء دفعة قوية "للدرس الفني"، مثل: توفير بنية تحتية ثقافية فنية وموارد بشرية مؤهلة فنيا، تقدير أهمية "الفنون" في التكوين الثقافي والتربوي لشخصية المتعلم في أبعادها الوجدانية والنفسية والذهنية، وضرورة الاستجابة لميولات فئة من المتعلمين الفنية من أجل تطويرها وصقل ما يختزنونه من طاقات إبداعية كامنة، والوعي أكثر بأن المجال الفني، اليوم، هو حقل واعد بالمهن، و تكوين مجتمع مثقف منفتح على العالم، ومتواصل معه بمختلف خطاباته المعاصرة، وفي نفس الوقت متشبعا بثقافته المحلية وملما بموروثه الحضاري.
المداخلة الثانية ألقتها الباحثة والأستاذة الجامعية الدكتورة سعاد مسكين، وجاءت بعنوان: "الكتابة الطفلية: من الجنيس إلى إنتاج القيم"، وقد ميزت في مستهلها بين "أدب الطفل" و"الكتابة الطفلية"، ثم رصدت أهم المقاربات التي أنجزت حول الكتابة الطفلية، مثل المقاربة الوصفية والتاريخية والنقدية والثقافية، وقسمت الكتابة الطفلية إلى كتابة عامة و أخرى خاصة، كما أشارت إلى أهمية أهمية الوسائط الحديثة في التأثير على الطفل كالحاسوب والرقميات، لتختم موضوعها بتقديم مقترحات لتطوير الكتابة الطفلية والارتقاءبها لتراعي أكثر حاجيات ومتطلبات ورغبات الطفل.
أما المداخلة الثالثة فتقدم بها الدكتور المعتمد الخراز، وجاءت بعنوان: "الجمالي والتربوي في رواية (عيوشة) لمحمد عز الدين التازي"، وقد استهل الباحث مداخلته برصد أهم السمات المميزة لأدب الأطفال التي حددها في "المواءمة" و التوفيق بين الرهان الجمالي والتربوي، ليقوم بعد ذلك بعرض أهم أحداث الرواية، التي أكد أنها تتضمن أبعادا جمالية وأخرى تربوية، وقد حاول الكشف عن هذين البعدين من خلال دراسة عتبة العنوان الذي انقسم إلى قسمين: عنوان مركزي وآخر فرعي، وتضمن إشارات واقعية وأسطورية، وقد أشار الباحث إلى الاستراتيجية الجمالية الموظفة في الرواية وأهم الأبعاد التربوية فيها.
أما المداخلة الرابعة، فألقاها الباحث في الفكر الإسلامي والصوفي الأستاذ احمد الحراق، وعنوانها: "المنهج التربوي الصوفي عند الإمام الجنيد"، وقد افتتحها بالتعريف بالإمام والعالم الصوفي الجنيد سيد الطائفة، فذكر نشأته وشيوخه ومعاصريه من العلماء الذي أثروا في تكوينه الروحي والصوفي، وقد اعتبر الباحث أن خطاب الجنيد خطابا منفتحا على عدة روافد كالفكر الأشعري والمذهب المالكي وغيرهما، كما أكد علاقة التصوف بالأخلاق والأدب والتربية التي قرنها بالرفق قبل العلم.
عنوان المداخلة الثالثة التي ألقاها الباحث في الفلسفة الأستاذ هشام بومداسة هو "الرهان التربوي في الفلسفة الرشدية"، وقد بدأها بالحديث عن مقاربته التي تجمع بين ثلاثة مجالات وهي الفلسفة والأدب والتربية، ثم وقف مع المشروع التربوي الذي راهن عليه المفكر والفيلسوف ابن رشد في زمانه، الذي جاء استجابة لرغبة مؤسس الدولة الموحدية: عبد المومن، وقد تمثلت أهم المعالم التربوية عند ابن رشد في مشروع ترجمته لكتب الفلاسفة اليونان، وفي الدفاع عن علاقة الدين بالفلسفة، واعتبار الشريعة الأخت الرشيعة للحكمة.
أما المداخلة الأخيرة التي ألقاها عضو المجلس العلمي بوزان الأستاذ عبد الرحيد مرشد فعنوانها "الأدب والتربية الدينية"، وقد استهلها بالحديث عن مفهوم "الأدب" في الإسلام، ثم تتبع تحولات هذا المصطلح، مشيرا إلى بعض التعريفات التي أعطيت له، كتعريف ابن مندور وابن خلدون، وأكد أن الأدب يجب أن يخدم التربية والقيم والأخلاق، وأشار إلى الاختلالات التربوية التي تعاني منها منظومة القيم في المدرسة المغربية، وألح على ضرورة تكامل الجهود بين الفاعلين في كل المؤسسات كالأسرة والمدرسة.
في نهاية اللقاء، وجه رئيس جمعية أساتذة اللغة العربية الشكر والتقدير لعدد من المؤسسات التربوية والثقافية التي دعمت الجمعية، وسلمت بهذه المناسبة شواهد تقديرية لثانوية ابن زهر التأهيلية في شخص ناظرها ومديرها عبد الله الغزالي، ودار الشباب المسيرة في شخص مديرها عبد الحق قيقي، وثانوية مولاي عبد الله الشريف التأهيلية في شخص الأستاذة نجاة ادحيني.