حاوره سعيد الشقروني
سؤال: السلام عليكم. لقد أثارت المذكرة رقم 17/027 الصادرة في 15 مارس 2017 في شأن انتقاء الأستاذات والأساتذة للتدريس في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين احتجاج العديد من الأساتذة المكونين داخل هذه المراكز، ما تعليقكم؟ وهل تستند هذه المذكرة على أسس قانونية باعتباركم أستاذا للقانون الإداري؟
جواب: وعليكم السلام. فعلا، لقد أعلنت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني مؤخرا عن مذكرة تخص التعيينات والتكليفات في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، حيث ذكرت الوزارة أن هذه المراكز تعرف خصاصا كبيرا في هيئة التدريس؛ وتفاعلا مع هذه المذكرة الوزارية، نسجل كحقوقيين تضمنها مجموعة من الخروقات والاختلالات الخطيرة وغير المسبوقة. فمن جهة، نضم صوتنا إلى صوت الأساتذة المكونين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ونتساءل معهم عن جدوى إغراق هذه المؤسسات بأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، في حين أن الثانويات التأهيلية عبر ربوع المملكة تعرف خصاصا مهولا في الموارد البشرية مرتبط بعدة تخصصات؛ كما نتساءل عن مدى أهلية أستاذ الثانوي التأهيلي الحامل لشهادة الإجازة فقط لتدريس الأساتذة المتدربين للتعليم الثانوي التأهيلي الحاملين لشواهد أعلى (ماستر، دكتوراه) مثلا. ومن جهة أخرى، تفتقر هذه المذكرة الوزارية إلى السند القانوني المنظم لعملية التعيين والتكليف في المراكز الجهوية، ذلك أن التعيين للتدريس في هذه المراكز ينظمه المرسوم رقم 2.11672 الصادر في 23 ديسمبر 2011 في شأن إحداث وتنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، خاصة المادة 14 التي حصرت مهمة التدريس بالمراكز الجهوية حسب الترتيب في فئة الأساتذة الباحثين أولا، ثم فئة الأساتذة المبرزين للتعليم الثانوي التأهيلي ثانيا، كما يمكن أن يعهد لبعض الإداريين بالقيام بمهام التدريس بقرار من السلطة الوصية، وكذلك استدعاء بعض الكفاءات من ذوي الاختصاص للمهمة نفسها، على أساس أن يُؤدى لهؤلاء تعويض عن ذلك وَفْقَ الشروط والتدابير الجاري بها العمل بمؤسسات تكوين الأطر العليا. في حين تستمر هيئة التدريس المتواجدة، قبل صدور هذا المرسوم، بالمراكز الجهوية ومراكز تكوين المعلمين، ممن لا يخضعون للشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم، في مزاولة نشاطها، لذلك فالمذكرة مخالفة للقانون وينبغي التراجع عنها.
سؤال: احتج العديد من الأساتذة العاملين بالمراكز الجهوية عن حرمانهم من الحركة الانتقالية بسبب هذه المذكرة. كيف تنظرون إلى الأمر ؟
جواب: نعم احتج كثير من الأساتذة الذين قضوا سنواتهم يعبؤون طلبات الانتقال دون أن يستجاب لهم على صدور هذه المذكرة، وطالبوا وزارة التربية الوطنية بتنظيم حركة انتقالية استثنائية، أولا لشغل المناصب الشاغرة التي جاء ذكرها في المذكرة، ثم بعد ذلك يمكن أن تفتح في وجه الوافدين الجدد، حيث نعرف حالات أساتذة مكونين طلبوا الانتقال إلى مراكز بها مناصب شاغرة فلم تتم الاستجابة لطلباتهم طيلة كل هذه السنوات بدعوى عدم وجود مناصب شاغرة، علما أن العديد من هذه المناصب الشاغرة جاء ذكرها في المذكرة المشؤومة الآنف ذكرها؛ لذلك نتساءل من هو الأحق بهذه المناصب: الأساتذة المكونون الذين أمضوا عشرات السنين في التدريس المراكز الجهوية أم الوافدون الجدد الذين تنقصهم الخبرة والكفاءة الديداكتيكية اللازمة للتدريس بمؤسسات تكوين الأطر ؟
سؤال: استنكر الاتحاد العام الوطني للدكاترة هذه المذكرة معتبرا إياها مسا خطيرا بشهادة الدكتوراه في المغرب، ما علاقة هذه المذكرة بشهادة الدكتوراه ؟
جواب: هناك ارتباط وطيد بين شهادة الدكتوراه وبين مسألة التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، ذلك أن التعيين في المراكز الجهوية، حسب منطوق المادة 14 من مرسوم إحداث وتنظيم هذه المراكز المشار إليها أعلاه، يتم حصريا في صفوف حاملي شهادة الدكتوراه وتوظيفهم كأساتذة باحثين، وإن تعذر وجود الأساتذة الباحثين في تخصص معين نلجأ إلى التعيين من بين الأساتذة المبرزين للتعليم الثانوي التأهيلي، وإلا فإننا نكتفي عند الحاجة بتشغيل الأساتذة الزائرين مقابل تعويض مادي خلال كل سنة، ولا يتم تعيينهم أبدا. كل هذه النصوص القانونية لم تحترمها وزارة التربية الوطنية في هذه المذكرة. ناهيك عن عدم استكمال الوزارة للاتفاقية المبرمة مع النقابات الخمس الأكثر تمثيلية لتغيير الإطار لدكاترة التعليم المدرسي إلى أساتذة التعليم العالي مساعدين وإلحاقهم بالمراكز الجهوية على ثلاث دفعات، إذ تم تنظيم مُبَاَرَتيْن/دفعتين فقط في حين أن المباراة الثالثة مازالت تراوح مكانها، كما أن الدكاترة المعينين في المراكز الجهوية مازالوا ينتظرون تغيير إطارهم إلى أساتذة باحثين، إسوة بزملائهم دكاترة الجامعات المغربية الذين استفادوا من ذلك.
كما أن منح امتياز ثلاث نقط فقط للدكتوراه في المذكرة الوزارية يعد تبخيسا لهذه الشهادة واستهتارا بأعلى شهادة تقدمها الجامعات المغربية والعالمية.
لذلك أعتقد أن وزارة التربية الوطنية مدعوة للتريث حيال تطبيق هذه المذكرة، إنصافا للفئات المتضررة وإعمالا للنصوص القانونية المنظمة لعملية التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.
سؤال: الدكتور محمد الجناتي، شكرا على تفاعلكم العميق مع أسئلتنا.
جواب:العفو محاوري العزيز، بل أنا من أشكركم وأحييكم على مواكبتكم لكل المستجدات في الساحة التعليمية والتربوية.