في إطار مواصلة تنزيل مشاريع الرؤية الاستراتيجية 2015-203، خاصة المشروع الذي يتعلق بتعزيز الشراكة و التعبئة المجتمعية حول المدرسة المغربية ، وفي إطار الانفتاح على فعاليات المحيط الخارجي ، احتضنت ثانوية مولاي إدريس الأكبر التأهيلية برباط الخير قافلة طبية وتربوية متعددة التخصصات ، قدمت على شكل ورشات علاجية و أنشطة تربوية و تكوينية ميدانية ، استفاد منها تلميذات و تلاميذ المؤسسة و عينة من الأطر التربوية العاملة ببلدية رباط الخير وبالجماعات المجاورة لها ، بالإضافة الى ساكنة المنطقة .
هذه القافلة التي سهرت على تنظيمها جمعية صفوف الشرف ”les rang d’honneur ” بتعاون مع المديرية الإقليمية للتربية والتكوين بصفرو ، وبتنسيق مع السلطات المحلية والمجلس الحضري لرباط الخير وجمعية أمهات وآباء وأولياء تلاميذ الثانوية ، والتي عملت على تقديم مجموعة من الخدمات الطبية بشكل مجاني همت أنواع مختلفة من التخصصات ، الطب العام ، طب الأطفال ،طب الأمراض الجلدية ،طب النساء، صحة الفم والاسنان ،الفحص بالأشعة ،طب العظام ،طب الحساسية،....
ولاحتواء كل هذه التخصصات ، عمد الطاقم الإداري بالثانوية المنظم لهذه التظاهرة ، الى تخصيص حوالي 15 حجرة دراسية لاحتضان كل تخصص على حدة ، بما في ذلك الطاقم الطبي المختص والمعدات الطبية الخاصة به. كما تم تجهيز القاعة الكبرى بالمؤسسة لتصبح صيدلية محلية، تضم عدد كبير من أنواع الأدوية التي يمكنها أن تصاحب الفحوصات الطبية الميدانية بالمؤسسة .
ولتسهيل عملية توجيه الزائرين ، تم وضع مجموعة من العلامات و التشويرات على أبواب الحجرات والممرات ، تسهل على المستفيدين الوصول الى التخصص الذي يرغبون في الاستفادة منه .
الى جانب كل هذه الورشات الطبية ، تم تنظيم أنشطة تربوية موازية لفائدة تلاميذ المؤسسة ، سهر على تأطيرها أساتذة وطلبة مهندسون وفنانون ، تمثلت في تنظيم ماراطون في الرياضيات ومسابقات في الرسم التشكيلي .
كل هذه الورشات انطلقت مع الساعة التاسعة صباحا ، لتستمر طيلة اليوم في جو مفعم بالنشاط و الحيوية ، حيث أبان الطاقم المنظم لهذه التظاهرة الطبية على روح عالية من التعبئة والتنظيم المحكم .
ورشة أخرى خاصة بالطب النفسي أقيمت بدار الثقافة وتهم مشكل التلعثم وصعوبة النطق لدى الأطفال . شهدت إقبالا واسعا من طرف الأساتذة العاملين ببلدية رباط الخير وبالجماعات المجاورة لها ، حيث تجاوز عدد المشاركين 160 أستاذة و أستاذا . ويعزى هذا الإقبال الكبير من طرف الاساتذة على هذه الورشة ، الى العمليات التحسيسية التي قامت المديرية الإقليمية وسط المدرسين حول أهمية موضوع هذه الورشة التي تستهدف كيفية التعامل مع بعض الحالات النفسية التي يصادفها الاساتذة داخل فصولهم الدراسية .
أطر هذه الورشة ثلة من المحللين النفسيين التابعين للجمعية المغربية لعلم نفس الطفل و المراهق و المهن المرتبطة .
انطلقت الدورة التكوينية بكلمة افتتاحية قدمتها رئيسة الجمعية السيدة غيثة العلمي (محللة نفسية), تناولت السياق العام لتنظيم الدورة و كذلك تعريف الجمعية، كما شكرت كل الفاعلين المساهمين في التهييء لإنجازها، و قدمت خلالها برنامج الدورة.
بداية, تم توضيح اللبس الحاصل بين مفهومي الاضطراب النفسي و المرض النفسي باعتبار الأول خللا يؤثر في شخصية الفرد عموما لكنه يظل مرتبطا بواقعه عكس المرض النفسي الذي يحتفظ فيه المريض بشخصيته مع إدارك كامل بوضعيته. كما وضحت كذلك الفرق بين المحلل أو المعالج النفسي (Psychologue) و الطبيب النفسي(Psychiatre).
بدأت المداخلات بالحديث عن الاكتئاب(Dépression) كخلل نفسي قد يصيب الطفل و المراهق كما يصيب البالغ، فحسب الإحصائيات ما يقارب 5% من الأطفال و المراهقين يعانون من الاكتئاب، و قد و ضحت الدكتورة كوثر قادري الأعراض المصاحبة لهذا الخلل من حزن مستمر بدون سبب أو حدة الطبع و نوبات الغضب و القلق إضافة إلى بعض الأعراض الجسدية : ألام الرأس و الزيادة في الوزن أو فقدانه... و أكدت الدكتورة خلال عرضها على ضرورة العلاج المبكر عن طريق عرض الحالات على متخصص من أجل الاحتواء, باعتبار أن الاكتئاب سببا أساسيا في التعثر الدراسي.
في الشق الموالي للعرض و الذي خصص للحديث عن التوحد(Authisme) و التي تكلفت المحللة النفسية (حنان عمور ) بتقديمه , حيث أشارت إ لى أن التوحد يعتبر اضطرابا نفسيا يصيب الأطفال و يظهر بعد سن السنتين, حيث يكون تأثيره واضحا على لغة الطفل و سلوكه و كذا ردة فعله التي تكون بطيئة مقارنة بأقرانه. و يعرف الطفل المصاب بالتوحد بردات فعله الغريبة كالصراخ أو التشنجات. كما أوضحت أن درجات التوحد تختلف من طفل إلى آخر.
بعدها, تقدمت الدكتورة كاميليا زكريا بإلقاء كلمة عن تشتت الانتباه مع أو بدون فرط الحركة (TDA/H)، هذا الاضطراب الذي يصيب أكثر من 7% من الأطفال و يتميز بمستوى عال من صعوبة التركيز لفترات طويلة من الزمن. و عادة ما يوصف الأطفال المصابون باضطراب التشتت بأنهم متعثرين دراسيا و يعانون من صعوبات في تكوين علاقات اجتماعية، فضلا عن عدم التركيز الذهني في الحياة اليومية و غالبا ما يتم تجاهل الأعراض المصاحبة للخلل بوصف شخصية الطفل بأنه غير مهذب أو متمرد. و تم تقسيم أسباب الخلل إلى أسباب بيولوجية و بيئية و أسباب وراثية.
الاستاذة وفاء شاكر المديرة الإقليمية بصفرو حضرت الى المؤسسة منذ انطلاق فعاليات هذه القافلة وتتبعت أشغال مختلف الورشات طيلة اليوم ، حيث قامت رفقة السيد باشا مدينة رباط الخير والسيد رئيس المجلس البلدي لمدينة رباط الخير والسيد مدير المؤسسة والسيد رئيس جمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ ،بزيارة للورشة التي احتضنتها دار الثقافة وأشادت في تدخلها بمجهودات أعضاء
الجمعية و تفانيهم في عملهم التطوعي متمنية الاستمرارية لمثل هذه التظاهرات
و نوهت بالحضور الوازن لرجال و نساء التعليم العاملين بالإقليم و الدال على اهتمامهم بالتكوين المستمر و سهرهم على تربية و تعليم جيل سليم معرفيا و نفسيا.
بعدها قامت المسؤولة الإقليمية والوفد المرافق بزيارة لمختلف الورشات الطبية والثقافية التي تم تنظيمها داخل حجرات المؤسسة حيث زارت جل الورشات و عاينت مختلف الأنشطة التربوية و التكوينية , كما قامت بجولة داخل مختلف مرافق المؤسسة و اجتمعت بالأطر الإدارية والتربوية للوقوف عن كثب عن سير ورشات هذه القافلة الطبية وتيسير الاستفادة من خدماتها .
و في الأخير قدمت الجمعية المنظمة حصيلة أنشطتها التي كانت جد ايجابية حيث استفاد حوالي 980 مواطن من ورشات هذه القافلة الطبية بالإضافة الى الأطر التربوية التي استفادت من تكوين في مجال الدعم النفسي والتربوي الخاص بالتلاميذ . كما استفاد التلاميذ من مجموعة من الورشات المتنوعة ، كالماراطون في الرياضيات والمسابقات التشكيلية .
وفي المساء, اختتمت هذه الانشطة بحفل أحيدوس من التراث المحلي استمتع به كل أعضاء القافلة الطبية .