للإصلاح ثمن لكن من المستعد اليوم لدفع هذا الثمن؟ أمن استنزفت جيوبه وطاقاته خدمة لهذا الوطن، وما زال يرى الظلم يمشي دون رقيب ولا حسيب؟ إن هؤلاء قد يتحملون مزيدا من الصبر في حالة واحدة ووحيدة فقط، عندما يتم تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومحاسبة كل المتورطين في نهب المال العام بطرق شتى، نعم في هذه الحالة قد يتحملون مزيدا من الصبر.
إن النوايا الصادقة وحدها لاتكفي إذا لم تصاحبها إجراءات عملية لتفعيل الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، بدء من الوزير، مرورا بمديري الأكاديميات ونواب الوزارة ووصولا إلى الموظف الصغير التابع للوزارة. وزارة التربية الوطنية قطعت أشواطا مهمة من أجل إقرار منظومة مسار رغم ما صاحب ذلك من انتقادات من هنا وهناك، وهذا جد طبيعي، لكن الأكيد أنها تسير في الاتجاه الصحيح. أما المقررات والمناهج التربوية فما أحوجها اليوم لتركز على الكيف والنوع بدلا من الكم الذي يثقل كاهل التلميذ، لتبقى المخرجات بعيدة عن المأمول. ولعل ما ينتظر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الذي تم تنصبه خلال يوليوز الماضي، لن يكون بالسهل، نظرا لتركيبة هذا المجلس التي تصل أحيانا إلى حد التناقض، لكن الأكيد أن استحضار ثوابت الأمة ومصلحة الوطن سيفضي إلى نتائج متوافق عليها، نأمل أن تكون على قدر التحديات والطموح.
إن النهوض بالمنظومة التربوية يقتضي تضافر جهود المهتمين والمتدخلين في هذا القطاع الحيوي الذي يحدد مصير الوطن والأمة، كما يقتضي نهج سياسة القرب والنزول إلى الميدان بعيدا عن المكاتب المكيفة، لأن المسؤولية تقتضي ذلك، ولأن المسؤولين ببساطة هم من بين خدام هذا الوطن. بارك الله في جهود كل نساء ورجال التربية والتكوين خدمة لهذا الوطن الحبيب، وسدد الخطى وحقق المسعى... عودة ميمونة للجميع .
إدارة الموقع