ذ أشرف سليم ، أستاذ مادة اللغة العربية ، ثانوية الساقية الحمراء الإعدادية ، نيابة خريبكة .
حل الدخول المدرسي برسم موسم 2015 2016 ، حاملا بين طياته الكثير من الإشكالات التي تعج بها منظومتنا التربوية ، و بخاصة أنه سيتأثر بلا شك بمخلفات الموسم المنصرم- و المواسم السابقة أيضا - الذي حفل بأحداث مثيرة ما زالت أصداؤها مدوية إلى اليوم ، و لم يجد الكثير من المتتبعين تبعا لذلك أجوبة شافية كافية عن أسئلتهم المؤرقة ، و بقيت هذه المنظومة تدور في حلقات مفرغة على نفسها ، و لم تهتد بعد إلى هديها المستقيم ، تتنكب خطاها ، تتلكأ ، فيستعصي عليها الإصلاح ، و تؤوب إلى نتائج مخيبة تفسر دنو التعليم إلى الأسفل .
إن هذا الحكم ليس اعتباطا ، أو مجازفة تبخس ما يبذل اليوم ، فهو حسب قناعتنا نابع من جس نبض هذه المنظومة المثخنة ، ميدانيا ، فمدخل أي إصلاح يبدأ من المادة الخام ، التي تؤثر و تتأثر داخل ميدان هذه المنظومة ، و غير ذلك فهو كالمسك على الفرع ، و ترك الأصل ، و من ثم لن تكون هناك نتائج مثمرة إزاء أي مشروع إصلاحي .
بالطبع لن نعيد الحديث عن جملة الإصلاحات التنظيرية التي كتبت بمداد أسيل ، وأثقلت كاهل العديد من الأطر بتوجيهاتها الطوباوية ، و سنركز في هذه المداخلة على أهم ما ننتظره كشغيلة تعليمية من هذه السنة ، خاصة أنها ستنطلق على رواسب السنة الماضية ، و لا شك أنها ستتأثر بها ، فإما أن تتكرر نفس الأحداث بقوالب متغيرة ، و هذا هو الراجح ، أو تكون هذه السنة استثنائية عكس سنين أخرى عديدة دائما ما تكبو فيها العزائم ، و تلوي قافلة إلى الوراء ، تاركة المجال إلى المجهول ، و لسان حالها يقول : اذهب أنت و ربك و قاتلا .
إذن ماذا ننتظر كشغيلة تعليمية من هذا الموسم الدراسي الجديد ؟ هذا السؤال المحوري ، و المفصلي في نفس الوقت ، ينتظر للإجابة عنه الإجابة عن أهم ما حفل به الموسم الماضي ، و سنبسط ذلك فيما يلي :
- لحد الآن لم يتم الإفراج عن نتائج تحقيق ما عرفه أهم استحقاق دراسي كل نهاية موسم دراسي ، و تتمثل في امتحانات البكالوريا ، فكما يعلم الجميع ، فقد سرب موضوع امتحان مادة الرياضيات ، و اعترفت وزارة التربية الوطنية بذلك ، و تعهدت بفتح ما يكفي من التحقيقات للوصول إلى خيوط القضية التي أثارت جميع شرائح المجتمع ، و من ثم لم نعد نسمع نبسا عن هذا الموضوع ، عدا خروج الجانب الرسمي ببلاغ يتيم يؤكد استمرار التحقيقات في موضوع أقل بكثير من حيث حجمه و خطورته من المواضيع الأخرى التي تفك خيوطها أجهزتنا الأمنية في مدة ليست بالطويلة ، أما هذا الموضوع فقد عمر طويلا ، و لحد الآن لم نسمع نتائج تحقيقاته ، فهل يستشف من هذا التعتيم النية في طي الموضوع عبر استغلال عامل النسيان لدى أغلب شرائح المجتمع ، خاصة مع توالي الأحداث الوطنية و الجهوية و المحلية عليهم ، و بالأخص الانتخابات الجماعية المقبلة ، إن عدم الإفصاح قريبا عن نتائج التحقيق قد يدخلنا في دوامة من الشك حول نزاهة امتحاناتنا بشكل عام ، سواء الدراسية أو المهنية ، و سيفضح الارتجال الذي ما زال يترنح تحته البلد ، و سيثبت أننا ما زلنا تحت وطأة ما سمي بسنوات الرصاص ، و الرجعية ... ، و هناك نتائج سلبية أخرى متمثلة في عدم اتقاد الحماس و الجد و المثابرة و الفاعلية و النشاط لدى الجسم التربوي ككل ، أي لدى كل الأطراف المتدخلة في العملية التعليمية ) مدرسون ، متعلمون ، آباء ، مجتمع مدني ... ) إننا إزاء هذا الصمت المتأخر يزرع فينا الشك ، و الحيرة ، و المصيبة حين يمتد هذا الصمت إلى الامتحانات المقبلة ، حينها لن نتحدث البتة عن الإصلاح ، و سيكون حلما بعيد المدى و المنال ، و سننادي حينها بضرورة العودة إلى الوراء ، إلى زمن استشهاد رجال هذا البلد من أجل قيم الحرية و الديمقراطية و العدالة و المساواة ، كي تترسخ فينا ، و نزرعها في سلوكاتنا ، حينها آن لنا الحديث عن الإصلاح كنتيجة منطقية لهذا التغيير .
- بتتبعنا لسياسة وزارة التربية الوطنية إزاء ما تقوم به في الجانب التنظيمي لعمل أطرها التربوية ، نلاحظ نوعا من الفوقية ، و أسلوب الأمر و النهي ، و الابتعاد كليا عن سياسة التشارك ، و الحوار ، حتى مع ممثلي هذه الأطر ( النقابات ) التي لطالما احتجت في بياناتها على سوء حوار الوزارة معها ، و المثال واضح و جلي في الكثير من القضايا أهمها قضية التقاعد الذي لا ينحصر على قطاع التعليم فقط ، و أيضا مذكرات الحركة الانتقالية ، رغم دلو ممثلي هذه الأطر بدلوها في الموضوع لكن نتائج الحوار تبقى دائما مخيبة بدليل السخط العارم لدى هذه الفئة على المذكرات التنظيمية ، و النتائج أيضا ، و هناك قضية ما عرف بالبكالوريا الدولية التي لم تُستشر فيها أبدا الأطر التربوية ، و بالأخص المتخصصة منها ، و أخذ الجانب الرسمي موقفه بشكل أحادي ، حتى أنزل إنزالا على رؤوس هذه الأطر التي ما عليها إلا التنفيذ و الطاعة ، و لا يمر علينا أيضا مذكرة تدبير الأقسام المكتظة ، فقد أثيرت مذكرة لإحدى الأكاديميات توصي بخلق أكثر من أربعين تلميذا في القسم ، و هذا ما سيميت الجهود المبذولة و أي اجتهاد لخلق ظروف أمثل للتعلم ، فكيف يعقل بالبداهة خلق تعلم ملائم في ظل قسم مشحوذ بأكثر من أربعين تلميذا ، و بتزكية مباركة من الجهات التي من المفترض أن تكون أول محارب لظاهرة الاكتظاظ ، و لا يغيب عنا ما خلقته منظومة مسار لتدبير تقويم التعلمات من لغط واسع امتد ليصل إلى العنصر المهم في العملية التعليمية التعلمية ( المتعلم ) ، رغم أن هذه المنظومة أرسيت أيضا قسرا في هذه المنظومة ، تحت إسار الجودة و تقريب الخدمات إلى أولياء الأمور ، لكن يبدو أن استساغته تمت على مضض ، بالترغيب و الترهيب . إضافة إلى ما سبق ، دلفت مذكرة تدبير الفائض في آخر السنة الدراسية ، رغم الاستحسان الذي قوبلت به ، إلا أنها تبقى مبهمة ،حول هل معناها تعيين أو تكلف ، بالرغم من أن بواكيرها تشير إلى كونها تعيينا ، و إن كانت تعيينا فما الضامن لسيادة مبدأ تكافئ الفرص ، خصوصا أن الكثير من الملفات المشبوهة دوى صديدها فوق رفوف الكثير من النيابات في إطار الحركات المحلية التي تجري داخل النيابات ، دون نسيان عبارات هذه المذكرة المخيفة التي تدعو إلى ما أسمته النقل من أجل المصلحة ، و يسميه الكثيرون بالنقل القسري .
- هناك مشكل مؤرق تمثل في تأخر تلبية الوزارة لمطالب شغيلتها التعليمية ، وبالأخص النظام الأساسي الجديد الذي تأخر خروجه إلى الوجود حتى وصل كما يسمى بالدارجة ( البسالة ) إذ كيف يعقل أن تجري حوارات حول هذا النظام و ما زالت اللغة السائدة فيها هي التسويف ، و أغلب هذه الأطر كما يعلم الجميع تنتظر الكثير من هذا النظام ، و بالأخص توحيد المسار المهني ، و خلق درجة جديدة لأساتذة الإعدادي و الابتدائي ، و تقليص ساعات العمل لأساتذة الابتدائي ... إلى غير ذلك من المطالب المعقولة التي لا يماري فيها أحد بطبعة الحال .
عموما و يإيجاز أهم ما تنتظره السنة المدرسية الجديدة ، و كلنا سننتظر بترقب ما ستجود به الأيام و الشهور المقبلة ، و سنرى هل سنكون متفائلين بتحسن هذه السنة المدرسية مقارنة مع ماضيتها ، أو أن الكرة ستعاد مرة أخرى و ستتكر نفس المشاكل .