يمثل يوم فاتح يوليوز 2013 أمام غرفة الجنح بالمحكمة الابتدائية لمدينة أكادير "ع.س" كاتب مقال بإحدى الصحف اليومية الصادرة باللغة الفرنسية إثر الشكاية المباشرة التي رفعها ضده براد علي مدير أكاديمية التربية والتكوين بجهة سوس ماسة درعة، بعد أن نشر المشتكى به مقالا بتاريخ 8 أبريل2013 يحمل عنوان " Acadأ©mie de l أ©ducationآ² de la formation Agadir ..LA RANGE FAIT RAGE......
ويواجه المتهم (س.ع) تهما تتعلق بالقذف والسب بواسطة مكتوبات ومطبوعات مبيعة وموزعة ومعروضة في الأماكن العمومية، وفي حق العارض كموظف عمومي، مما يشكل الجنحة المنصوص عليها وعلى عقوبتها ووسائلها والمسؤولين عنها بالفصول 44 و 46 و 47 و 38 و 67 من قانون الصحافة بالمغرب.
المقال المذكور الموقع باسم المشتكى به يحمل أوصافا قذحية لإدارة الأكاديمية الجهوية للتربية والتعليم بسوس استعملت فيها عبارات ضد مدير الأكاديمية كـ"المتخصص في الكلام الفارغ" وبكون الادارة "متلاعبة" واصفا إياها بـ"الغدر والخيانة" (PERFIDIE)و"التفاهة" (DERISION) مع اتهام صريح لمدير الأكاديمية "شخصيا بالسقوط في يد براد (ETAU) المحيط المقرب الذي يتعثر في الرائحة النثنة للتفاصيل الصغيرة دون مواجهة للمشاكل الكبرى للقطاع".
إلى جانب ذلك، اتهم كاتب المقال المشتكى به، اتهم مدير أكاديمية التربية الوطنية بـ"وضع اليد على نيابة التعليم والوصف بمعاناة مرض باطني اعتلالي (Pathologie Morbide) وتخلف متأصل (Déficience Chronique) وبكونه خطأ كبير ونقصان في المؤهلات بشكل صاخب...
وقد وصل الأمر بصاحب المقال المدعو "ع.س"إلى استعمال قاموس خاص بالحيوانات لوصف مدير الأكاديمية ، مع إصرار على المساس بإنسانيته وكرامته ومؤهلاته العلمية ومجهوداته العملية على رأس إدارة مؤسسة عمومية.
إضافة إلى وصف مدير أكاديمية التعليم بأوصاف قذحية أخرى كـ"المتطفل والجاهل والأمي والنصاب والكذاب والمرتشي واللقيط.."وغير ذلك من العبارات الفضة.
وبما أن قانون الصحافة يشير في فقرته الثالثة من الفصل الثالث والأربعون على أن الناشر ينبغي أن يتوفر على الحجج قبل نشر الوقائع التي يتحدث عنها، وهي تهمة القذف التي سيتابع بها المتهم أمام المحكمة الابتدائية لأكادير.
وبحسب قرار محكمة النقض بتاريخ 11 يونيو 1997 بالملف الجنحي عدد 19ـ3ـ1ـ97 يؤكد على أن"الركن المعنوي في جريمة القذف يشمل نية الاضرار بالمشتكي، وأنه خلافا للقواعد العامة، فإن هذه النية مفترضة في عبارات القذف نفسها، ومن تم يصبح عبء إثبات العكس راجعا على الظنين نفسه",
كما أن حكم محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ19ـ10ـ1996 ملف عدد 3913ـ95 يؤكد على "أن عناصر الركن المادي لجنحة القذف الصحافي ، هي التوزيع والنشر والعرض، وتعتبر مقترفة في أي مكان توزع فيه الجريدة أو ملحقها".
وإذا كانت حرية العمل الصحفي تتقاطع مع مسؤولية العاملين به حول مصدر الخبر وصحته وعدم المساس بكرامة الأفراد، وذلك بعدم اتخاذ تلك الحرية كسلم للتطاول على الأشخاص وأعراضهم..".
فواقعة القذف هاته، تستوجب قانونا العقاب، وهو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة سواء كان الاسناد مباشرا أو غير مباشر، بالتصريح أو التلميح أو التعريض، وبكل عبارة يفهم منها نسبة أمر شائن إلى المقذوف كيفما كان القالب الذي صيغت به العبارات.
كما أن مقتضيات الفصل 49 من قانون الصحافة تلزم كاتب المقال بضوابط، وهو ما يعمل المشتكى به على احترامه في هاته الحالة, وهو ما قضت به المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في ملف جنحي عادي عدد61ـ67ـ2008 "لا عبرة بأسلوب القذف ما دامت العبارات واضحة ومباشرة وشائنة، وهذا يوفر القصد الجنائي... النقد المباح يجب أن يصاغ في صيغة ملائمة، مع مراعاة التناسب المعقول".
ويطالب المشتكي مدير أكاديمية التعليم بسوس ماسة درعة الطرف المشتكى به (س.ع) بإدانة المتهم إلى جانب اثنين آخرين وفق مقتضيات قانون الصحافة من أجل الجنحة موضوع الشكاية، وفي الدعوى المدنية الحكم على المتهمين بنشر اعتذار بنفس صفحات وموقع نشر المقال موضوع التشكي وعلى نفس الحجم، مع تكذيب لمحتوى المقال باتفاق مع العارض حول مضمونه، وذلك على نفس الجريدة الناشرة للمقال موضوع التشكي، إضافة إلى تعويض مادي للعارض عن الأضرار اللاحقة به من جراء هذه الأفعال الشنيعة وغير المشروعة في مبلغ لا يقل عن 300 ألف درهم، وكل ذلك تحت طائلة غرامة إجبارية قدرها 5 آلاف درهم عن كل يوم تأخير عن تنفيذ الحكم، وسماع الحكم بالنفاذ المعجل نظرا لتبوث الدعوي، وسماع الحكم بتحديد مدة الاكراه البدني في حق المشتكي به في الأقصى وتحميلهم كافة الصوائر، مع كل ما ينتج على ذلك ويترتب عنه قانونا.
وكانت النقابة الوطنية للصحافة المغربية قد أوردت في تقريرها السنوي حول حرية الصحافة بالمغرب بتاريخ 03ـ05ـ 2007 مجموعة من الأمثلة على عدم احترام أخلاقيات المهنة وضمنها أن "ممارسة القذف والسب وتشويه صورة الناس، بما فيهم مسؤولين عن القطاع العام والخاص، كأداة لتصفية حسابات، بتنظيم حملات متواصلة ضدهم ـ نشر الأخيار بدون سند أو إثبات، أو تقديمها على شكل تعليق وتحليلات غير مبنية على أساس، وخلط الرأي بالخير، واستعمال الكلام السوقي.. واختلاق أخبار عن طريق الخلط بين الأجناس الصحفية، من أجل تمرير الاشاعات، أو تهجمات على مواطنين..".