عبد الغني الباعمراني
عندما انطلق القلم البعمراني قبل ثلاثة أسابيع ليرسم للوقائع والأحداث التربوية بنيابة سيدي إفني صورتها العميقة المتوارية ، فيما يعتبره الجاحدون الخانعون عبثا كلاميا تغلفه رغبات شخصية دفينة و حاقدة في كسر شوكة بعض رؤوس المسؤولية بتلك النيابة ،وتبخيس جهودهم الجامحة في بلورة... الاستراتيجيات وتفعيل الخطط والمخططات الرامية إلى تحقيق الإقلاع التربوي الإقليمي ، لم تكن حقيقة الدوافع ، خلافا لذلك ، سوى إرادة مقابلة ، حكيمة وناضجة ، تسعى ، من منطلق فيض الحديث عن المحاسبة والحكامة في التدبيرالإداري التربوي وتحمل المسؤولية التي يقصف بها بعض المسؤولين التربويين بهذه النيابة براءة ونبل الحاضرين في اللقاءات التربوية ، ويزايدون بها أمام الرأي العام الإقليمي والجهوي ، إلى بلورة رؤية أخرى أكثر عدالة وموضوعية ، يتم على أساسها توسيع دائرة النقاش حول تلك المبادئ لتشمل مستويات مختلفة من المسؤولية ، وليس القفز المتكرر فوق الحائط القصير في المنظومة التربوية الذي هو المدرسون بمن فيهم المكلفون بالإدارة .
الأكيد أن الفضيلة ، وكما هو مأثور في مقولة المعلم الأول الإغريقي أرسطو، جديرة بالتزامنا وليس بمدحنا ،والمؤكد على أساسه أن إثارة القضايا وطرح الأسئلة والتساؤلات في إطار ترسيخ ثقافة الواجب ومحاسبة المسؤولين الإداريين التربويين وتقييم التزاماتهم التدبيرية التربوية بهذه النيابة الإقليمية وبغيرها ، بدل السكوت عن أدائهم والتعامل معهم معاملة المريدين لشيوخهم العارفين ، ينبغي أن نؤصل له كثقافة راقية ومتقدمة ضمن مناخ تربوي سليم يروم ترسيخ قيم التدبير الإداري التربوي الحديث بعيدا عن الأعراف الخاطئة التي تحاول شخصنة النقد خارج إطاراته الموضوعية .
ما الحرج إذن لو أعلنا جهارا نهارا بأن المناخ الإداري التربوي بنيابة سيدي إفني قد اختنق لدرجة الاحتقان نتيجة استمرار المسؤول النيابي الأول وذراعه في مصلحة الحياة المدرسية في ( تبوريد ) على الحاضرين كعادتهما في كل اجتماع . ولا أدل على ذلك من انفجار الوضع خلال الاجتماع الأخير المنعقد بسيدي إفني حول موضوع استراتيجية أجرأة مشروع المؤسسة . إذ كيف للأحوال أن تستقيم ،وللأجواء أن تصفو في لقاء تعكره كالعادة رتابة السيل الكلامي لما يزيد عن أربع ساعات ، يتناوب فيها المسؤولان على حمل المطرقة التي تقصم الهمم بالتقريعات المذلة ، وتثبط العزائم بالإملاءات المملة ، من غير أن ينبس الواحد دونهما ببنت شفة .
ربما كان ذلك أمرا عابرا لو أنه حدث على غير العادة خلال اجتماع دون غيره ، أما وأنه صار ، ومنذ أربع سنوات مضت ، عنوانا غليظا لأسلوب الغلظة ، والتسلط في الرأي والموقف ، فإن لنا أن نتساءل عن قيمة التواصل العمودي والأفقي ، الداخلي والخارجي، التي ما فتئ يرفعها المعنيان شعارا لمقاربة الشأن الإداري التربوي بالإقليم في أفق تحقيق الجودة المنشودة.
الأهم بعد كل هذا في الموضوع ، لا يتعلق بإثارة ملاحظات ومؤاخذات حول ظاهرة الخُشُب المسندة في اللقاءات النيابية ، والتي تخشى في مطالبتها الحق في الكلام المناشيرَ المسننة والمسمومة للمسؤول الأول في النيابة ورئيس مصلحته ،وإنما يتعلق بكشف داخلي سيكولوجي للآليات الذهنية التي تحكم اشتغال المنطق التدبيري الإداري التربوي لهذين المسؤولين ضمن السستام العام للنيابة ، والذي يجعل من الشركاء والمتدخلين والفاعلين والمدبرين والمفتشين مجرد ( كومبارس ) لاستعراض المشاهد المثخنة بالنزوعات النفسية نحو إثبات تضخم الأنا في مجال صناعة الإثارة عن طريق الصبيب اللفظي ، والدفق العرنسي .
ما سيدعو للدهشة أخيرا، أننا وبعد كل هذا ، سوف لن نعدم ، للأسف ، من أهل الفكر التربوي ( المتنور ) بهذه النيابة من ينكر علينا كفاعلين تربويين حقنا المشروع حتى خارج تلك الاجتماعات التي تمقتها الضمائر الحية عندما ترفض أن تحضرها كأعجاز نخل خاوية ، في أن نذكر بآلامنا وآمالنا عندما نهم برفع أقلامنا لنرسل رسائلنا التي ننسج فيها على غرار العنوان المشهور لكتاب خالد محمد خالد ( مواطنون لا رعايا ) أننا في نيابة سيدي إفني : مدبرون لا مريدون ...