لمراسلتنا : [email protected] « الخميس 18 أبريل 2024 م // 9 شوال 1445 هـ »

عطلة استثنائية بمناسبة عيد الفطر

أصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة اليوم الخميس 04 أبريل 2024 بلاغا إخباريا بخصوص إقرار عطلة...

بلاغ صحفي للحكومة بخصوص عطلة

بمناسبة عيد الفطر المبارك لعام 1445 أصدر رئيس الحكومة بلاغا صحفيا تقرر بموجبه تعطيل إدارات الدولة والجماعات...

وثيقة مرجعية في شأن تكييف البرامج

في ما يلي وثيقة مرجعية في شأن تكييف البرامج الدراسية الصادرة عن مديرية المناهج -يناير 2024...

تربويات TV

لقاء مع السيد محمد أضرضور المدير المكلف بتدبير الموارد البشرية وتكوين الأطر بالوزارة حول مستجدات الحقل التعليمي


هذا رد التنسيقية على إنهاء الحكومة للمفاوضات مع ممثلي الأساتذة


مسيرة نساء ورجال التعليم بمدينة تيزنيت يوم 2023/11/23


تغطية الوقفة الاحتجاجية أمام المديرية الإقليمية للتعليم بسيدي إفني يوم 02 نونبر 2023


الأساتذة يحتجون امام المديريات الإقليمية للتعليم


كلام يجب أن يسمعه معالي الوزير

 
أحكام قضائية

حكم قضائي بإلزامية إخبار الإدارة للموظف كتابيا بنقطته الإدارية كل سنة تاريخ الصدور : 17 فبراير 2015


أحكام قضائية

 
البحث بالموقع
 
أنشطة المديريات الإقليمية

لقاء تربوي بمركزية مجموعة مدارس عمر بن الخطاب بالمديرية الإقليمية لسيدي إفني حول الاطر المرجعية للامتحان الموحد لنيل شهادة الدروس الابتدائية


أكادير ...لقاء تواصلي حول المنصة الرقمية الجهوية ''أنشطتي''


مراكش: ورشة للتثقيف بالنظير بالوسط المدرسي


المديرية الإقليمية للتعليم بأكادير تحتفي بالمتفوقين بمناسبة اختتام الموسم الدراسي 2022-2023

 
أنشطة الأكاديميات

ورشة لتقاسم نتائج دراسة حول العنف بالوسط المدرسي بمراكش


''مشروع إعداديات الريادة'' محور اللقاء التواصلي الجهوي بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة


أكثر من 156000 تلميذ (ة) استفادوا من الدعم التربوي على مستوى الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين لجهة سوس ماسة


المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتّربية والتكوين لجهة سوس ماسة صادق بالإجماع على قضايا جدول أعماله

 
خدمات تربوية

تربويات الأطفال


تربويات التلميذ والطالب


موقع تبادل (تربويات)


فضاء جذاذات أستاذ(ة) التعليم الابتدائي


وثائق خاصة بمدير(ة) التعليم الابتدائي

 
خدمات

 
 


أضيف في 8 يوليوز 2016 الساعة 19:01

حوار مع الأستاذ خالد البورقادي الباحث في علوم التربية والديداكتيك ومناهج تدريس العلوم الشرعية حول مسألة مراجعة مناهج وبرامج مقررات تدريس التربية الإسلامية




                                                                             حاوره سعيد الشقروني

     ينخرط حوارنا اليوم في صلب النقاش الدائر حول مسألة مراجعة مناهج وبرامج مقررات التربية الإسلامية، سواء في المدرسة العمومية أو في التعليم الخاص، أو في مؤسسات التعليم العتيق، في اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي، الداعية إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية.

في هذا السياق، نحاور اليوم ونستضيف الأستاذ الباحث خالد البورقادي مفتش تربوي لمادة التربية الإسلامية بالتعليم الثانوي التأهيلي، ومنسق جهوي تخصصي بجهة الشرق، خريج دار الحديث الحسنية، وخريج كلية الشريعة بفاس، باحث في علوم التربية والديداكتيك ومناهج تدريس العلوم الشرعية، وأستاذ زائر بالعديد من الجامعات المغربية، ومدرب معتمد من  أكاديمية أكسفورد للتدريب والاستشارات، ومشارك في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية والوطنية..

الأستاذ خالد البورقادي مرحبا بك..

سؤال: بداية، ما المقصود بمفهوم "التربية الدينية"؟

جواب: بسم الله الرحمن الرحيم، شكرا لكم على الاستضافة في موقعكم التربوي المتميز، ونحيي فيكم اهتمامكم بالشأن التربوي وخاصة ما يتعلق بموضوع مراجعة مناهج مادة التربية الإسلامية باعتباره حديث الساعة الآن.

      أما عن سؤالكم بخصوص مسمى "التربية الدينية" فهو في الحقيقة مصطلح غريب جدا عن الحقل التربوي المغربي والبيئة المغربية عموما، فالمشتغلون بالحقل التعليمي والتربوي، والباحثون والمتتبعون يعلمون ألا وجود لهذا المصطلح في المنهاج التربوي المغربي، وكل ما هنالك: مادة اسمها مادة التربية الإسلامية ضمن المواد المُشكِّلة للمنهاج؛ تغطي الأسلاك الثلاث: الابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي؛ هذا في التعليم العام. ثم هناك التعليم الأصيل بمواده المختلفة مع التركيز على المواد الإسلامية وهو أيضا تحت مسؤولية ونظر وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني وتتبع المفتشين التربويين للمادة؛ بالإضافة إلى التعليم العتيق الذي تسهر على تتبعه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هيكلةً ومقرراتٍ وتتبعاً وتقويماً؛ بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية بخصوص الشهادات ومعادلتها. والوثائق المنهاجية للمادة: التوجيهات الرسمية والمذكرات المنظمة للتقويم والأطر المرجعية كلها تشهد على هذا فلا شيء يُدعى "التربية الدينية" !

ففي الحقيقة، ينبغي أن ينصب الحديث على مادة التربية الإسلامية بوصفها مادة تعليمية حاملة للقيم ضمن المنهاج التربوي ككل، منصوص عليها في المنهاج، لها توجيهاتُها وديداكتيكُها الخاص، وليس على  مصطلح "التربية الدينية" الذي نظن أنه  مستورد ضمن ما يستورد عبر وسائل الإعلام من أوساط وبيئات ودول مختلفة؟ خاصة المشرقية منها، لأنهم يتحدثون في مناهجهم التربوية عن مسمى "التربية الدينية"؛ فدول الخليج ومصر والأردن..مثلا دأبوا على استعمال هذا المصطلح في أدبياتهم التربوية والإعلامية. فهل انتقلت إلينا العدوى؛ أم أن التسمية بهذا المصطلح في البيئة المغربية أمر مقصود يروم صبغ المفهوم بصبغة خاصة بعيدة عن مفهوم التربية الإسلامية؟ أم أن المصطلح أُوحي به من قبل جهات معينة تمهيدا لخلطة لا طعم لها في المستقبل القريب؟.

        هذا وتعلمون أنه تم تسريب التوجيهات التربوية للمادة بالسلك الثانوي الإعدادي عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم: "التوجيهات التربوية لمادة "التربية الدينية" -هكذا !     - ربما في خطوة استباقية لجس نبض المجتمع والمعنيين بمادة التربية الإسلامية من أساتذة ومفتشين وباحثين تربويين ورأي عام مجتمعي !

إن الدين الرسمي للدولة في المغرب وكما يعلم جميع المغاربة هو الإسلام، والمغاربة جميعَهم مسلمون، إلا ما كان من بعض الأقليات المغربية المتواجدة ضمن النسيج المجتمعي المغربي عبر قرون طويلة من تاريخ المغرب ويضمن لهم الدستور والقانون جميع حقوقهم الدينية.

إن الانتقال من مفهوم التربية الإسلامية إلى مصطلح "التربية الدينية"، يوحي للمتتبع القريب والبعيد وكأننا في دولة بها أديان متعددة، وطوائف مختلفة، وأقليات كثيرة، مما يدفع إلى ضرورة مراجعة مناهج التربية الدينية حتى تستجيب لحاجيات الجميع، ولسنا في بلد يَدينُ أهلُه بالإسلام، وتحرص الدولة أيما حرص على إعلان ذلك وإقراره في مختلف القوانين والنصوص التشريعية والوثائق المُنظِّمة!!!

ففي الدستور المغربي نجد في الفصل الثالث: " الإسلام دين الدولة؛ والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية"

وفي الميثاق الوطني للتربية والتكوين؛ والذي لازال يعد الوثيقة المعبرة عن السياسة التربوية والتعليمية للنظام التربوي المغربي نجد ما يلي:

(يهتدي نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف بالاستقامة والصلاح؛ المتسم بالاعتدال والتسامح؛ الشغوف بطلب العلم والمعرفة في أرحب آفاقهما؛ والمتوقد للاطلاع والإبداع؛ والمطبوع بروح المبادرة الإيجابية والإنتاج النافع)

ونجد في المرتكز الثالث: (يتأصل النظام التربوي في التراث الحضاري والثقافي للبلاد؛ بتنوع روافده الجهوية المتفاعلة والمتكاملة؛ ويستهدف حفظ هذا التراث وتجديده؛ وضمان الإشعاع المتواصل به لما يحمله من قيم خلقية وثقافية)

وتجدر الإشارة إلى أن الوثيقة الإطار للاختيارات والتوجيهات التربوية حددت مدخلا تربويا لجميع المناهج التربوية يتمثل في ثلاثة أبعاد هي بُعد تربية التلميذ على القيم (أربع مجموعات من القيم)؛ وبُعد تنمية كفايات التلميذ (خمس مجموعات من الكفايات)؛ وبعد تربية التلميذ على الاختيار واتخاذ القرارات.

والقيم التي نصت عليها الوثيقة هي:

قيم العقيدة الإسلامية؛

قيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية

قيم المواطنة؛

قيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية.

فما الذي استجد يا ترى لتتسلل هذه المفاهيم المحملة بالكثير من الدلالات المنصبغة بالظرفية السياسية الراهنة لتشكل عنوان الدعوة لمراجعة مناهج "التربية الدينية"؟ وما هي السياقات المنتجة لهذه الدعوات؟

ويبدو أن القوم قد التقطوا الرسالة فعدلوا عن المصطلح الدخيل وراج الحديث في مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا عن مراسلة لوزارة التربية الوطنية إلى دور النشر بعدم تغيير الاسم والإبقاء على " التربية الإسلامية".

سؤال: ما هو السياق أو ما هي السياقات التي ساهمت في إنتاج خطاب مراجعة المناهج ؟

جواب: كما تعلمون ويعلم جميع المتتبعين للشأن التربوي المغربي، أن الحديث عن مراجعة مناهج التربية الإسلامية برز فجأة؛ فالكل كان منشغلا بالحديث عن الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015- 2030 وتقارير المجلس الأعلى للتعليم والتكوين والبحث العلمي؛ وما قامت به الوزارة الوصية من إجراءات تنزيلية: التدابير ذات الأولوية والمنهاج المنقح ومشاريع المؤسسة..وهكذا، إلى أن تعالت بعض الدعوات والأصوات في وسائل الإعلام تشن هجوما عنيفا على مادة التربية الإسلامية وأساتذتها دونما مسوغات  ولا مبررات علمية أو أكاديمية أو بيداغوجية وديداكتيكية حتى ! وتدعو إلى مراجعة المناهج التعليمية؛ وخاصة ما تعلق بمناهج ما سمي "بالتربية الدينية"؛ لتتلوها الدعوة الرسمية عبر بلاغ الديوان الملكي كما تعلمون.

سؤال: ما هي في رأيكم الأسباب التي تدفع خبراء التربية إلى تبني خطاب مراجعة المناهج؟

جواب: شكرا لك على طرح هذا السؤال الذي هو من الأهمية بمكان لمن يريد مناقشة مسألة مراجعة المناهج التربوية والتعليمية.. إذ لا يختلف اثنان حول ضرورة وأهمية مراجعة المنهاج التربوي curriculum لأي نظام تربوي كيفما كان، وتكاد الأبحاث والأدبيات والدراسات التربوية تتفق على هذا، تماشيا مع التطور والتغير الذي يعرفه الإنسان، ونظرا لتعقد الظاهرة التربوية والحاجة الدائمة للمراجعة والتجديد والتطوير، بما يستجيب بشكل رئيسٍ وأساسٍ لحاجاتِ  les besoins المجتمع بالدرجة الأولى، وحاجيات وانتظارات المتعلمين بدرجة ثانية.

علم المناهج كما تعلمون يعد علما قائما بذاته في حقل علوم التربية، له خبراؤه المتخصصون في تصميمه وبنائه وتنفيذه وتقويمه ويُعد وفق قواعد وأسس علمية وتربوية وبيداغوجية، والأصل في عملية المراجعة للمنهاج تكون ناتجة عن عمليات متابعة وتقويم مستمرة، من خلال مجموعة من التقارير والدراسات التي يقوم بها الخبراء التربويون المتخصصون وذلك "للوقوف على مدى تحقيق المنهاج لأهدافه ومعرفة المشكلات التي تحدث عند التطبيق حتى يمكن مواجهتها".

وعلاقة بسؤالكم، يمكن القول بوجود أسباب ودواعي عديدة تدفع خبراء التربية إلى مراجعة المناهج؛ من أهمها:

>              قصور المنهاج الحالي: عندما يقتنع كل القائمين والمهتمين بالشأن التربوي داخل المجتمع بقصور المنهاج الحالي عن تحقيق مخرجات معتبرة وتحقيق أهداف مجتمعية، فإن ذلك يدفع في اتجاه مراجعة أو تجديد أو تطوير لهذا المنهاج؛

>              التغيرات الطارئة على المتعلم/التلميذ والبيئة والمجتمع والمعرفة: فالعصر الذي نعيش فيه سريع التطور، من سماته التغير السريع، والسرعة في إنتاج المعرفة والمعلومة، وثورة خيالية في وسائل الاتصال وتقنايته؛ ولاشك أن لذلك كبير الأثر على سيرورة الحياة جملة للمجتمعات البشرية، وبالتأكيد الشباب والطلبة والتلاميذ في مقدمة هذا النسيج المجتمعي السريع التأثر بالتطورات المعاصرة، الأمر الذي يضع على كاهل المسؤوليين التربويين وصناع القرار التربوي مسؤولية تطوير المنهاج التربوي وتجديده بما يحفظ قيم المجتمع في عالم موار، يشهد تدافعا غير مسبوق في مجال القيم، ثم الحاجة الملحة لمسايرة تطور العصر وتقنياته بما لا يفضي إلى الذوبان في قيم الأمم الأخرى؛ أو السقوط في يسميه البعض       ب"عولمة القيم" وفرض نموذج قيمي واحد؛ لأنه هو المسيطر في العالم.

>              التطوير بناء على الدراسات المستقبيلة: قد يحدث التطوير نتيجة التنبؤ بحاجيات الأفراد واتجاهات الفرد والمجتمع، عبر دراسات علمية وإحصاءات مجتمعية عامة، تقترح الخطة المستقبلية للمجتمع، تحدد مطالب الغد، وحاجات المجتمع في قطاع التربية والتكوين وما يرتبط بذلك من سوق الشغل وإدماج الخرجين في المجتمع وفق دراسات استراتيجية علمية ودقيقة.

>              تطور الفكر التربوي:  حيث ازدياد حركة البحث العلمي في مجال التربية وعلم النفس التربوي، والإحساس بضرورة التكامل بين النظريات والمقاربات البيداغوجية، والأخذ من كل منها في مجال تطوير المناهج الدراسية نفسها " فلم يعد بين النظريات التربوية وعلم النفس من حواجز تمنع الأخذ والعطاء؛ بل صار معيار الحكم على كل نظرية منها قدرتها على أن تترجم إلى منهاج دراسي يشق طريقه إلى حجرة الدراسة بكفاءة واقتدار" كما يقول أحد الباحثين..

       تلك أهم الدواعي والأسباب التي تدفع صناع القرار التربوي في أي بلد إلى الدعوة إلى مراجعة المناهج وتطويرها، فهل ينطبق هذا على الدعوة المعلنة في المغرب لإعلان عن مراجعة مناهج "التربية الإسلامية"؟

إذا كان الأمر كذلك، فأين هي الدراسات البيداغوجية والديداكتيكية العلمية التي أثبتت قصور منهاج التربية الإسلامية المعمول به في المنهاج التربوي المغربي؟ كم من تقرير أو دراسة علمية انطلق منها الداعون إلى مراجعة منهاج ما سموه  "التربية الدينية" ؟؟

سؤال: لماذا الدعوة إلى مراجعة منهاج "التربية الدينية" الآن؟ هل هناك سياقات ملحة دفعت إلى مثل هذا الإعلان؟

مشكور على سؤالك أخي الكريم؛ لكن المرجو التعبير بمصطلح التربية الإسلامية لأنه هو الأدق بيداغوجيا وواقعيا.. وبخصوص سياقات المراجعة، لعل فيما سبق بعض التلميحات إلى سياق المراجعة وخاصة الهجوم الإعلامي على المادة وأهلها؛ لكن يمكن أن نتحدث في هذا الإطار عن سياق دولي وعن سياق محلي حتى تتضح الصورة أكثر:

-         السياق الدولي: المتمثل في ضغط الاستكبار العالمي، والمستمر على الدول الإسلامية والعربية، من أجل مزيد من فرض التبعية وفصل الشعوب عن مقوماتها الثقافية والحضارية، فلم يكتف الغرب الرأسمالي بالاحتلال العسكري وتفتيت المفتت وتجزيء المجزء، بل امتدت أياديه إلى المناهج التعليمية للمجتمعات العربية والإسلامية، من أجل تغييرها ومسخها بما يخدم أهدافه ومصالحه الثقافية ويحقق أهدافه الاستعمارية/الاستخرابية وعلى رأسها عولمة قيمٍ بعينها وصبغ الشعوب المستضعفة بها؛ إنها قيم العولمة المتحللة من كل قيد أخلاقي أو ديني؛ أو حتى ضوابط أخلاقية تتماشى والفطر السليمة لكل ذي عقل من الناس!

كل ذلك تحت يافطة حقوق الإنسان الكونية، وعولمة قيم "التسامح" والتعايش، ورغبة جامحة متطرفة لفرض نموذج قيمي واحد في تناقض تام مع كل مبادئ التعددية والاختلاف بين الأمم والشعوب!! في تجاهل تام للأسباب الحقيقية التي تغذي نزعات التطرف والكراهية؛ وفي مقدمتها غياب الإنصاف والعدل وعدم احترام الخصوصيات الثقافية والقيمية لمختلف الشعوب والدول..

"فقد طالب الرئيس الأمريكي السابق – جورج بوش- بتخصيص 145 مليون دورلار- حينها- من ميزانية 2004 لتحويل التعليم في المدارس الإسلامية في العالم العربي إلى تعليم علماني؛ وهناك معطيات دقيقة تؤكد دور الحكومات الغربية في الضغط على الأنظمة العربية لنشر القيم الغربية في المنظومة التعليمية؛ يقول وزير الخارجية الأمريكي السابق –على عهد بوش- : (إذا أرادت الدول العربية أن تكون صديقة لنا فعليها أن تعرف أنه مهما كانت الطروحات الدينية التي تدرسها لأبنائها في مدارسها العامة فإننا ننتظر منها أن تلقن بالطريقة السليمة؛ التي ينتظر منها أن تحاط بها تلك الطروحات؛ وعلى كل سفراء أمريكا أن يحققوا هذا الجزء من الأمر؛ لأنه إذا لم يكن التسامح عالميا فإنه لا يمكن التعايش)، كذلك وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في منتدى جدة الاقتصادي دعت وزراء الدول الإسلامية إلى "تغيير مناهجها الدراسية لمنع ترسيخ العقائد في النظام التعليمي"!

هذا هو السياقُ الذي أزعم أنه وَجَّه بقوة الدعوةَ إلى مراجعة مناهج "التربية الدينية"؛ إِذِ الدعوةُ نفسها تتم على صعيد أكثر من دولة عربية وإسلامية آخرها مصر، التي دعا الانقلابُ فيها إلى مراجعة المناهج الدينية وفي مقدمتها مناهج جامعة الأزهر التاريخية، ..وقبل ذلك الموجة نفسها عمت العديد من الدول الإسلامية كالسعودية والإمارات والأردن والعراق وغيرها.. تحت نفس الذرائع: محاربة التطرف والإرهاب!!

-         السياق المحلي: حيث جاءت الدعوة إلى مراجعة مناهج "التربية الدينية" عقب إنتهاء أشغال المؤتمر المنعقد بمدينة مراكش تحت عنوان: " حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية: الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة" أيام: 25-26-27 يناير 2016 على امتداد ثلاثة أيام، شارك فيها العديد من العلماء والباحثين والمهتمين؛ وقد دعا البيان الختامي للمؤتمر "المؤسسات العلمية والمرجعيات الدينية إلى القيام بمراجعات شجاعة ومسؤولة للمناهج الدراسية للتصدي لأخلاق الثقافة المأزومة التي تولد التطرف والعدوانية، وتغذي الحروب والفتن، وتمزق وحدة المجتمعات"؛ ليعقبها بلاغ للديوان الملكي يوم السبت 30 يناير2016 الذي دعا وزارتي التربية الوطنية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى مراجعة مناهج وبرامج تدريس التربية الدينية في مختلف مستويات التعليم بغرض تكريس التسامح والاعتدال،
لتصدر التعليمات لوزيري التربية الوطنية والأوقاف والشؤون الإسلامية بضرورة مراجعة مناهج ومقررات تدريس "التربية الدينية"، سواء في التعليم العام أو الخاص أو في مؤسسات التعليم العتيق (التعليم الديني التقليدي).

وحسب البلاغ الصادر؛ ستتم مراجعة مناهج تدريس "التربية الدينية" في اتجاه (إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي الداعي إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية) وفق بيان الديوان الملكي؛ وأَنْ  ترتكز البرامج والمناهج التعليمية على "القيم الأصيلة للشعب المغربي، وعلى عاداته وتقاليده العريقة القائمة على التشبث بمقومات الهوية الوطنية الموحدة الغنية بتعدد مكوناتها، وعلى التفاعل الإيجابي والانفتاح على مجتمع المعرفة وعلى مستجدات العصر" حسب البلاغ دائما.

هذه الدعوة تقاطعت مع أصوات أخرى - كما سبقت الإشارة إلى ذلك- دأبت على التهجم على مادة التربية الإسلامية وتحميلها مسؤولية صناعة العنف والتطرف! في ادعاء غريب عارٍ من كل حجة علمية أو تربوية؛ ولو وجدوا أدنى مثال أو دليل ما تأخروا في إخراجه وإعلانه، لأن منهاج التربية الإسلامية مصادق عليه من طرف وزارة التربية الوطنية، ومعد وفق دفتر للتحملات، ومنسجم مع مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وتوجيهات الوثيقة الإطار، شارك في إعداده نخبة من الخبراء التربويين وذوي التخصصات المختلفة، لذلك نحسن الظن بهؤلاء ونقول بأن هجومهم ناتج عن ضعف دراية واطلاع على منهاج المواد الإسلامية، سواء بالتعليم العام أم بالتعليم الأصيل أم بالتعليم العتيق، وقديما قيل: من جهل شيئا عاداه.

سؤال: الأستاذ خالد البورقادي.. الحوار معكم كان جميلا ومفيدا، لكن رغم ذلك أقول.. هل هناك كلمة أخيرة؟ أو هل من توصيات أو ملاحظات

جواب: العفو..نشكر لكم اهتمامكم بالموضوع، وأغتنم الفرصة في ختام هذا الحوار لأقدم لكم  الملاحظات الآتية:

-         إن الدعوة إلى مراجعة مناهج " التربية الدينية" لا ينبغي أن تكون أسيرة سياقات دولية أو إقليمية أو محلية؛ أو حتى استجابة لضغوطات معينة، بقدر ما ينبغي أن تكون نابعة من حاجات مجتمعية؛ ومؤسسة على دراسات علمية وأبحاث تربوية تقويمية لمنهاج مادة التربية الإسلامية والتعليم الأصيل والتعليم العتيق؛ لا مبنية على انطباعات وتمثلات   représentations  سابقة عن المادة وأصحابها.

-         ثم لا يعقل أن يقع الانفصال منذ البداية بين "مناهج التربية الإسلامية" وورش الإصلاح التربوي مستمر في أعماله وأشغاله، حيث صدرت الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، والحديثُ جارٍ عن التدابير ذات الأولوية، فلماذا التعسف في فصل التربية الإسلامية عن باقي عناصر المنهاج التربوي؟ إن عملية الإصلاح والمراجعة للمنهاج التربوي ينبغي أن تتم في رؤية شمولية وفق أحدث النظريات التربوية في بناء وتصميم المناهج، التي تلح على المنهاج المترابط والنسقي curriculum  systèmatique  المتمركز حول المتعلم بكل أبعاده المعرفية والسلوكية والوجدانية.

-         لابد في عملية مراجعة منهاج التربية الإسلامية من الاستشارة والإشراك الفعلي لأهل الميدان وأبناء الدار؛ المعنيين بالمادة من أساتذة ومفتشين وخبراء تربويين؛ حتى لا تتكرر الأخطاء المرتكبة في المشاريع الإصلاحية السابقة!

-         نحتاج بالفعل إلى عملية إصلاح لمنهاج مادة التربية الإسلامية؛ هذه الرغبة نابعة من الممارسة الميدانية؛ ونتيجة الخبرة التربوية المتراكمة؛ أهم معالمها:

-         إيلاء مادة التربية الإسلامية المكانة اللائقة بها ضمن مواد المنهاج، لأنها مادة حاملة للقيم، وما تحتاجه المنظومة الآن أكثر من أي وقت مضى هو زرع القيم الدينية والوطنية في نفوس الناشئة، لأن المادة قادرة بفعل نوع المعرفة التي تنطلق منها، وبفضل الطاقات التي تمتلكها من أطر تربوية وتأطيرية، على تمرير قيم التسامح والمحبة والتعايش والتعاون والحوار والاختلاف والتكافل والعفة..؛ في وقت أصبحت في قيم النسيج المجتمعي مهددة؛ فبتنا نسمع عن ارتفاع نسب الجريمة داخل المجتمع؛ وتفشي الإدمان والمخدرات، وانتشار التفسخ والانحلال الخلقي، وارتفاع نسب الطلاق وتفكك الأسر، وظواهر مشينة لا تخدم القيم النبيلة التي نشأ عليها المغاربة، وغيرها... والتقارير الرسمية ووسائل الإعلام تؤكد هذا.

-         الرفع من الغلاف الزمني للمادة؛ والمعامل، كفيل بتصحيح التمثلات نحو المادة وأساتذتها، وقمين بتحقيق الأهداف المتوخاة من المنهاج التربوي؛ وتعميم المادة في جميع الامتحانات الإشهادية إذا كنا بالفعل نريد تربية الأجيال على قيم التسامح و(إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي الداعي إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية).. فهذا يقتضي حتما أن تغطي مادة التربية الإسلامية جميع الشعب وتستهدف جميع التلاميذ والطلبة بمختلف الشعب والتخصصات، لأن الكل معني بقيم المذهب المالكي السني، وحتى لا ندع لحبال وأَشْراك الإعلام الأجنبي ولمواقع التواصل الاجتماعي ولشبكة الإنترنت أن تصنع قيما معينة عند شبابنا قد يدفع المجتمع كله ثمن ذلك إما تطرفا وعنفا؛ أو تفسخا وانحلالا من كل قيم الأخلاق والفضيلة !

-         الرقي بتدريسية المادة وتجويد أداء أساتذتها عن طريق التكوين الأساس الرصين؛ والتتبع من خلال التكوين المستمر حرصا على التجديد والإبداع؛

-         تحيين المقررات الخاصة بالمادة من لدن المشرفين التربويين، تفاديا لكل الإشكالات الديداكتيكية، واستثمارا لتقارير المجالس التعليمية للسادة أساتذة المادة؛

-         تحيين الأطر المرجعية للمادة وفق أحدث نظريات التقويم والقياس.

سؤال: الأستاذ خالد البورقادي، شكرا جزيلا..

جواب: شكرا لكم مجددا على حسن استضافتكم واهتمامكم، وفقكم الله في رسالتكم التربوية والإعلامية.







تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها


1- كلمة شكر

حميد أوبديل

شكرا لك أستاذنا الفاضل على هذا الحوار العلمي الشيق ، ونتمنى لك مزيدا من التألق والنجاح في مسيرتك التربوية

في 08 يوليوز 2016 الساعة 00 : 23

أبلغ عن تعليق غير لائق


2- استاذ

نورالدين

لعل ما يتليج الصدر هو وجود اطر شابة قادرة على تجديد الخطاب الديني في المنظومة التربوية ...في ظل الفوضى التي اصبح شبابنا يعانون منها بفعل كثرة المؤثرات الخارجية من انترنت و قنوات دينية محرضة على التطرف و الكراهية ....لدى اتفق مع استاذي الفاضل في بعض النقط منها ضرورة الرفع من الحصص و المعامل الخاصيين بالتربية الاسلامية ....و اضيف نقطة اخرى هي ضرورة ان تتحول نصف حصص المادة الى حصص للحوار و النقاش و ليس للتلقين و الفروض ....و دمتم في خدمة الشأن التربوي ...و دام المجال التربوي ساحة للتنوير و التطوير

في 11 يوليوز 2016 الساعة 01 : 15

أبلغ عن تعليق غير لائق


3- شكرا على التوضيح

ابو خليل

لقد تابعنا عملية اصلاح و تجديد المناهج بارتباك كبير خوفا على تمرير بعض برامج البنك الدولي وتكليف المقاولات بالاصلاح عوض اهل الاختصاص لكن ردكم اراحنا من التخمينات

في 02 غشت 2016 الساعة 27 : 12

أبلغ عن تعليق غير لائق


اضغط هنـا للكتابة بالعربية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على هذه المادة
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق





 
إعلانات
 
صورة وتعليق

مفارقة في التعليم
 
القائمة الرئيسية
 

» الرئيسية

 
 

»  تربويات TV

 
 

»  صورة وتعليق

 
 

»  حركات انتقالية

 
 

»  تشريع

 
 

»  بلاغات وبيانات

 
 

»  مذكرات

 
 

»  مواعد

 
 

»  أخبار متفرقة

 
 

»  أنشطة الوزارة

 
 

»  أنشطة الأكاديميات

 
 

»  أنشطة المديريات الإقليمية

 
 

»  مباريات

 
 

»  كتب تربوية

 
 

»  وجهات نظر

 
 

»  حوارات

 
 

»  ولنا كلمة

 
 

»  وثائق خاصة بمدير(ة) التعليم الابتدائي

 
 

»  الاستعداد للامتحانات المهنية

 
 

»  تكوينات

 
 

»  حركات انتقالية محلية

 
 

»  حركات انتقالية جهوية

 
 

»  حركات انتقالية وطنية

 
 

»  مذكرات نيابية

 
 

»  مذكرات جهوية

 
 

»  مذكرات وزارية

 
 

»  مستجدات

 
 

»  جذاذات أستاذ(ة) التعليم الابتدائي

 
 

»  بيداغوجيا الإدماج

 
 

»  الرياضة المدرسية

 
 

»  المخاطر المدرسية

 
 

»  عروض

 
 

»  تهنئة

 
 

»  تعزية

 
 

»  إدارة الموقع

 
 

»  الدعم البيداغوجي

 
 

»  التدبير المالي لجمعيات دعم مدرسة النجاح

 
 

»  التعليم و الصحافة

 
 

»  تربويات الأطفال

 
 

»  مستجدات تربوية

 
 

»  غزة تحت النار

 
 

»  خدمات تربوية

 
 

»  قراءة في كتاب

 
 

»  أحكام قضائية

 
 

»  أنشطة المؤسسات التعليمية

 
 

»  في رحاب الجامعة :مقالات و ندوات ومحاضرات

 
 
مواعد

مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية للتعليم تنظم الدورة التاسعة للأبواب المفتوحة المخصصة لاستقبال طلبات أطر ومستخدمي أسرة التربية والتكوين المشرفين على التقاعد برسم سنة 2024


مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين أبوابا مفتوحة لفائدة كافة منخرطي المؤسسة بجهة سوس ماسة يومي 07 و08 مارس 2023

 
وجهات نظر

بعض الملاحظات حول تنزيل أهداف خارطة الطريق على مستوى السلك الثانوي


اشكالية الزمن في الحياة المدرسية واثرها على الوظائف العقلية والنفسية للمتعلم


تدنيس صورة المعلم في سلسلة (أولاد إيزة)


لماذا نحن امة لا تقرا ؟


هل يتدارك الأساتذة الزمن المدرسي الضائع؟!


هل تلقت النقابات التعليمية هبة حكومية؟!


أما آن للتنسيق الوطني أن يتعقل؟!

 
حوارات

من يؤجج احتجاجات الشغيلة التعليمية؟!


حوار مع الأستاذ مصطفى جلال المتوج بجائزة الشيخ محمد بن زايد لأفضل معلم


حوار مع الدكتور فؤاد عفاني حول قضايا البحث التربوي، وتدريس اللغة العربية

 
قراءة في كتاب

صدور كتابين في علوم التربية للدكتور محمد بوشيخة


سلسلة الرواية بأسفي الحلقة الأولى: البواكير و بيبليوغرافيا أولية

 
في رحاب الجامعة :مقالات و ندوات ومحاضرات
تيزنيت: ندوة وطنية حول موضوع المحاكم المالية ورهانات تعزيز الحكامة الترابية يوم الخميس 07 مارس 2024

 
خدمات