محمد اقباش
فوج الأساتذة المتخرجين من المراكز الجهوية للتربية والتكوين برسم سنة 2014/2015 كان آخر فوج ينجو من المقصلة التي نصبت بشكل رهيب هذه السنوات، قبل الإعلان صراحة ودون مركب نقص عن إقرار العمل بالعقدة . لقد استطاع هذا الفوج المحظوظ بالقياس لما بعده ، أن يقفز على الحواجز ويتجاوز المتاريس "المفتعلة"، ليحظى أخيرا بقبوله بسلك التدريس.. انتقاء أولي من الحائزين على إجازة أساسية، أو مهنية من المدرسة العليا للأساتذة بالنسبة للتأهيلي مثلا ، وهي المدرسة نفسها التي كانت تتيح التخرج النهائي لأفواج ما قبل 2011 . ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد ،بل يتطلب انتقاء ومباراة قاسيين للمرور بسنة تكوينية نظرية تطبيقية موسومة بالكد والإجتهاد في المركز الجهوي للتربية والتكوين ،يقصى فيها كذلك من يقصى وبنفس الشروط و تمنح على إثرها شهادة التأهيل التربوي التي تسمح بمزاولة المهنة. بعدها فقط سيجد الأساتذة الجدد أنفسهم في فاتح شتنبر أمام شبح التعيين في الأماكن الشاغرة القاسية في الغالب، على اعتبار أنها مناصب عبور .
سؤال برئ : هل الذي يتحمل الخضوع لترتيبات هذا المسار المفتعل والمرهق، ويمر عبر هذه المراشح الدقيقة بعد شهادة جامعية عليا ، يخول له التعيين في وظيفة لا يتعدى أجرها 5000 درهم؟ ؟ لا أود المقارنة مع أجور وظائف أخرى يتطلب ولوجها الثالثة إعدادي توازي هذا الأجر، مخافة إثارة الحزازات . لكن لابد أن نقر أن هنالك خلل ما في نظام الأجور.
وليت الأمر ينتهي عند هذا الحد بالنسبة لمنتسبي فوج 2014/2015 ،بل و بعد تخرجهم وممارسة مهامهم لحوالي سنة دراسية فوجئوا بأن وضعهم ليس على ما يرام : قرصنة مادية لمستحقاتهم من 2-9-2015 إلى 31-12-2015 لما يوازي 4 أشهر من العمل الفعلي، ولا زالوا لحد الساعة لم يتوصلوا بما قيمته حوالي 20 ألف درهم بذمة الوزارة الوصية. أما تاريخ التسمية فتحدد في 1 – 1- 2016 . ما معناه أنهم كانوا في الفترة السابقة كما لو أنهم خاضعون لنظام المناولة وليس للنظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية. وهذا إن تقرر بالفعل فسيكون وبالا على الحياة المهنية ومسار الترقية لهذا الجيل و الأجيال اللاحقة.
كيف يا ترى سيكون مزاج هؤلاء وهم في بداية مشوارهم الذي زرعت فيه بإصرار بذور التشكيك والتذمر ؟ كيف نطلب منهم أن يتفاءلوا باختيار أشرف مهنة فيما حقوقهم تهدر بلا تبرير أو طمأنة من الجهات الوصية ؟... المقروض إذن هو تفادى المنغصات على أشكالها ،حتى نضمن الحد الأدنى من شروط الأداء الفعال و استثمار فورة الحماس عند هؤلاء أحسن استثمار، بدل تصريفه في التنديد و الإحتجاج وتسويق اليأس.
خطاب المتخرجين الجدد الآن لا يختلف كثيرا عن خطاب من قضى 30 سنة من العمل . هم متأثرون بذات سياسة التجاهل الحكومي والتواطؤ الإداري ، والنتيجة هي استمرار تأثير القضايا العالقة في مصير أجيال التدريس الآنية والمستقبلية. فأين الرؤية الإستراتيجية 2015_2030 من هذا الواقع؟