تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها
1- أهم أسباب فشل التعليم في المغرب
د.أحمد بن المبارك أبوالقاسم
أهم أسباب فشل التعليم في المغرب:
لانعرف أمة في العالم لديهاإمكانيات متاحة،ولهاحضارة متقدمة عريقة، ومن أبنائها أفذاذ من رجالات العلم والمعرفة،يقام لهم في التاريخ،ورغم ذلك كله،تعاني تخلفا عميقا، وفشلا ذ ريعا ، في أهم عناصر وجودها الحيوية ، ألا وهو التعليم ، إلا المغرب وحده . ومن أهم أسباب ذلك ، في اعتبارنا المتواضع :
أولا: إن التعليم في المغرب ليس له أي مبدإ وطني قويم يحتكم إليه القائمون عليه، ويكبح جماح المتلاعبين به ،من حكومات وأحزاب. ومن المعلوم أن أي أمر ذي بال لا يقوم على مبدإ أو مبادئ محترمة ،بل مقدسة،تضبطه وتوجهه ، وتصونه من عبث العابثين، معرض للفشل والزوال،طال به الزمن أو قصر .
ثانيا:ولذلك استمرعبث الأحزاب السياسية المتعاقبة على الحكومة المغرية ،منذ الاستقلال، استمرعبثهم ،جميعا،بالتعليم الوطني،إذ كل وزير حزبي أسندت إليه مهمة التعليم يبدأ، أول ما يبدأ،عمله بالارتجال،والتخريب،وزعزعة ما وجده قائما،وإفساد ما وجده صالحا،بادعاء أن من سبقه غير محسن،وأن حزبه هو ،وحده ،هو الماهر في استراتيجيات الإصلاح .
ثالثا:إسناد وزارة التعليم بصفة أخص – إلى أناس “ تيكنو قراطيين ” من رجال الأعمال المقاولين ،ذوي المصالح الشخصية ، الذين لا علاقة لهم بالتربية والتعليم ، ولا بالعلم في أحسن أحوالهم ، فيوجهون مصالح التعليم وجهة مصالح مقاولاتهم ، و صفقاتهم المربحة على وجه السرعة،ليُتخَموا أموالا،وتمتلئ أبناكهم من ميزانية الدولة،قبل نهاية مسئوليتهم فيخلف كل واحد منهم وراءه جرحا لايندمل،وعثواًلايمكن محاربته.
رابعا:افتقار المسئولين عن وزارة التعليم إلى المواطنة الصادقة،والإخلاص للوطن : ولذا نجد التعليم مرتعا لكل فساد،ومجالا لأنواع الفوضى ، والارتجال والاستهتار بشؤون الأمة وحقوق أبناء الشعب في التربية الصحيحة ، والتعليم الأفيد ، بينما يوجهون أبناءهم إلى المدارس الفرنكفونية والأنكلوسوكسونية،على حساب الدولة والمال العام ،ليرثوا مقاعدهم في الحكم ،وفي مصالح الأمة،ولاسيما الحيوية الكبرى منها. خامسا: ونتيجة للسبب الرابع :جعل كل من تعاقب على الحكومة المغربية،منذ السبعينيات، الماضية ، التعليم الوطني حقل التجارب ، تعبث فيه المنظمات الدولية ، والأيادي الأجنبية، الطاهرة منهاوالخفية،مقابل الصفقات،والإعانات،والمجاملات السياسية،والمصالح الذاتية، فمنذ السبعينات ، من القرن الماضي ، لم يعرف التعليم المغربي إصلاحا وطنيا محضا،ولا برامجا من وضع المغاربة،ولا أهدافا استراتيجيا تتمثل فيها مصلحة أبناء الشعب المغربي ولو بنسبة ضئيلة لا تكاد تذكر .
سادسا:إرهاق التلميذ المغربي باللغات الأجنبية ،منذ الروض ، وبأطنان من الورق تَفرِض عليه ببرامج أجنبية مستهلكة ومتجاوزة، بل ميتة،ومع ذلك تفرض على التلميذ المغربي المسكين، من الروض إلى آخر مرحلة تعليمية. وهذه البرامج،ومايلصق بها ويسقط عليها من مناهج عقيمة ،لا تمت إلى المجتمع المغربي بأدنى صلة، بل هي منبوذة ومتجاوزة حتى من قِبَل من صنعوها أصلا،كفرنسا،التي أصبحت اليوم عالة على غيرها… والطامة الكبرى في هذه المقررات ومناهجها الميتة،فرض تنوعها المزعوم، حتى لم يبق إلا كل يخصص لكل أسرة مقرر ومنهج تنفرد بهما ، بعد فرضهما عليها ، بادعاء التنوع والتمايز، مما يؤكد أن المهم هو الصفقات المربحة ، مع تجار الورق ، وأصحاب المطابع الفرنسية ، والمغربية ، ولا يهم من وراء ذلك شيء آخر .
سابعا :المهزلة الكبرى المسماة بسوق الشغل ، وهذه المهزلة الشنيعة هي أسوأ ما عرفه لتعليمنا الوطني ، فقد جعلت من التعليم بأصنافه،ومستوياته: ”موقفا”، (باللهجةالمغربية )، لجلب العمال ،تحت الطلب، وجعلت التعليم،الذي هو روح الأمة،مجرد مصنع ينتج العمال، وفق حاجة سوق الشغل ،ويطفئ شعلة العلم في المدرسة والجامعة، ويلغي هدفه الأسمى، وقيمته المثلى،ودوره في رقي الحضارة البشرية.
ثامنا : اعتبار التعليم عند المسئولين عليه : قطاعا غير منتج ، وهذا من أغرب الغرائب، ومن أعجب العجاب نوغ شاع وذاع:"في المغرب لا تستغرب ". أليس التعليم، هو وحده المعول عليه في تكوين الرأس المالي البشري النموذجي والمنتج؟
هل يعقل أتوجد هناك سياسة بدون تعليم – أيمكن تنظيم وتسيير الاقتصاد المزدهر بدون تعليم ؟ هل عرف العالم صناعات،ومختبرات ومكتشفات ،ومخترعات ،لدى أمة من الأمم، بدون تعليم . أهذه الجيوش من الأساتذة ، والأطباء ، والمهندسين ، ( في كل ميدان ) ... تصنعهم الدولة المغربية من العجين ، أم يصنعهم التعليم؟ وبالجملة : هل بإمكان أمة من الأمم أن تنتج أدنى انتاج بلا تعليم؟ فبالله عليكم يا من يعتبرون التعليم غير منتج ماذا تعنون بالإنتاج ؟وهل تعرفون انتاجا يتدفق من تلقاء نفسه،بلا وسائل؟ وهل لديكم وسائل أولى وأهم قبل التعليم ؟ لا يحتاج أحد إلى أجوبتكم،فوفروهاٍ لأنفسكم،ولمن خلقه الله غبيا،ومن يقول معكم :"التعليم غير منتج". تلكم هي الأسباب الرئيسية لفشل تعليمنا ،ولاستمراره في التردي إلى الحضيض سواء في المدرسة أو الجامعة ، وعنها نتجت أسباب أخرى خطيرة جدا،نذكر منه: 1 انهيار القيم الضابطة لحياة الإنسان الفردية والجماعية ، منها الدين القيم المبني على العقيدة الصحيحة، والإيمان القويم ، فكتبنا المدرسية مجردة من المبادئ التربوية الربانية التي تربي على الفطرة ،وتهذب الغريزة وتكبح من عنفوان المراهقة، وتهدي إلى الفضائل المثلى ، ومكارم الأخلاق ، وترشد النشء إلى معرفة ربه وإلى الإيمان اليقيني به ،وبكتبه ورسله،وبمصيره،وبمسئوليته في الكون.وقد أقيم مقام التربية الربانية،في كتبنا المدرسية ومقرراتنا المدنسة، روايات عاهرة، ونظريات إلحادية ، ودعوات علمانية مجانية ،وأفكار جهنمية تدعو إلى تفكيك وحدة الأسرة،وصرم عرى صلات الأرحام ، وتحث على الوقاحة، بزعم ضرورة الصراحة، وعلى التمرد والعصيان،وجميع أنواع الانزياح السلوكي المشين والمهين، باسم الحرية، وقوة الشخصية ، فنتج عن ذلك عقوق الآباء والأمهات ،وإهانات المدرسين والمربين، وممارسة البغاء العلني،وتحرش الفتيان بالفتيات،والفتيات بالفتيان، في الفصول الدراسية،والساحات المدرسية، والشوارع ...وكل ذلك باسم التربية الجنسية، والحرية الشخصية ، ومسايرة العصر، وتطورالحياة. ويبارك هذه المخازي،التي يندى لها جبين الشيطان ، ويتبرأ منها ، يبلركها جميع النقابات ، والمنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان ، وكرامته ، ورعاية الشباب وتربيته ، بمفاهيم مغلوطة ، وأوهام شيطانية مغرضة ومقصودة . 2 إن معظم الأسر المغربية ليس بريئا من أدوار طلائعية في فساد تربيتنا وتعليمنا ، بل لكثيرمن الأسر إلامن رحم رك إسهام وافر في فشل هذه المعمعة ،التي خسرتها الأمة ، وذلكم أن التربية المثلى تبدأ من البيت أولا ، قبل الشارع والمدرسة ، ولكن معظم البيوت إما جاهلة بمسئوليتها التربوية،وإما غافلة ومقصرة عن أداء واجبها التربوي نحوأبنائها،
فاتكلت الأسرعلى المدرسة وحدها،وحملتها مالا يمكن أن تتحمله من المسئوليات. 2 المجتمع المدني المغربي ،من جمعيات ، وهيئات تربوية،وصحية،ومنظمات حقوقية ، وإنسانية ، ومؤسسات اجتماعية ،وعلمية ، وثقافية ، ورياضية ، ومؤسسات أمن الدولة، ومنتخبو الأمة...على كل هذه الجهات نصيب من المسئولية في فشل تعليمنا وتربيتنا ،لأن أدنى خلل في هذه الجهات،أو تقصير منها ينعكس مباشرة على التربية والتعليم . وما أكثر خلل هذه الجهات، وتغافلها وتقصيرها،إزاء النشء ، وإهمالها لشئون التربية والتعليم، كل في حدود اختصاصه . 3 فما شأن رجال ونساء التربية والتعليم،في هذا الفشل الخطير؟ المشتغلون بالتربية والتعليم في جميع مستوياته ، أربع فئات،ولا خامس لها كما أرى: الفئة الأولى :عاملون مخلصون ،لدينهم ولربهم ووطنهم،يؤدون واجبهم اليومي،حريصين أشد الحرص على الإفادة العلمية الصحيحة، والتربية القويمة المثلى،أينما حلوا وارتحلوا. وكلهم علماء مقتدرون في تخصصاتهم ،وخبراء ناجحون في مهامهم التعليمية والتربوية. ولكن قليل ماهم في هذا الزمن الرديء أهله إلا من هداه الله إلى الخير وسدد خطاه . ومعظم هذ الفئة الآن ، متقاعدون ،أو على وشك التقاعد . الفئة الثانية : "الإديولوجيون" والمتطرفون المنحرفون، و" الديماغوجيون " المخرفون، الذين لا يسعون ، كلهم ، إلا إلى مصالحهم المادية ، وأهوائهم الآنية ، و بعضهم لا يهمهم إلاغرائزهم البهيمية، وهم ، جميعا ، لا يراعون في أبناء هذه الأمة إلا ولا ذمة ، ويسعون في الأرض التربوية والتعليمية،تضليلا وفسادا، ويغرسون في نفوس النشء جهلا وعداوة وبغضاء ،وانحرافا سلوكيا تتأذى منه الأمة. الفئة الثالثة :الباحثون عن أرزاقهم اليومية،وهذه الفئة،حقا،لا يهمها إلا الوظيفة،وتسجيل حضورها اليومي، باسم أداء الواجب،وهم عن أداء الواجب أبعد ما يكونون ، وبذلك يضيع النشء بين الفئتين الأخيرتين ، وهما الأغلبية الساحقة ، في ساحة التربية والتعليم ، رغم جهود الفئة الأولى وبلائها الحسن،غير أن التعليم الجامعي خاصة أشد فسادا وخطرا،حيث لا رقيب ، ولا حسيب ، إلا الله عز وجل. الفئة الرابعة : وهي حصيلة الفئتين الأخيرتين ، وإنما أفردنا ها بالذكر ، لشدة خطورتها ، ولاستفحال أمرها ، وهي الفئة الفارغة من العلم ، رغم الشهادات ، والفارغة من التربية، رغم التكوين،هذه الفئة ، لا تعرف للكتاب أسما ، ولا معنى ولا مدلولا ، تقضي أوقاتها في القسم في الخرافات والخزعبلات ،وتشتكي من تعدد المستويات،ومن التصحيح ،ومن اللغة العربية،بصفة أخص.وهذه الفئة أشباه الأميين،يقضون أوقاتهم في المقاهي،و"السمسرة" ويعتبرون الحديث عن العلم والبحث العلمي تخلفا ، ومضيعة للوقت . و هذه الفئة تمد من التعليم الابتدائي إلى التعليم العالي. 4 نصل إلى أهم حصيلة مما تقدم،وهو التلميذ،الذي ما ندن إلا حوله، في كل ما قد منا: التلميذ المغربي،والطالب المغربي،يا لله يا لله،ولا حول ولا قوة إلا بالله جثث تغدو وتروح، فتملأ الشوارع ولأزقة ،صباحا ومساء ، ذاهبة أو آيبة إلى المدرسة والجامعة ، أو منهما، بدون هدف محدد، و لا رغبة أكيدة وملحة ، إلا القلة القلية ،منهم . وتجمع بين معظم هذه الجثث الهامدة أرواحها ، المتحركة أجسامها ، صفات ، وهي لب فشل التربية والتعليم في بلدنا المغرب،وهي قمة الانزياح الحداثي التخريبي:
أولا:التدخين علانية، مطبقين البرنامج الفركفوني: "بلاجرج"،ليس في التخين ،فحسب، بل في انزياحاتهم الحداثية اللائكية. ثانيا الرفقة ، مثنى ، مثنى : كل ذكر مع أنثى ، في الشارع ، والأماكن العامة ، والساحات المدرسية ، وعلى مقاعد الدراسة ، لأن تربيتنا في الإعلام ، وفي " الثقافة الحداثية " ، وفي كل إبداع حداثي دعوات صريحة إلى التربية على الجنس ،تطبيقا للبرنامج الماسوني الرائد: " بدون حرج ". ثالثا:الإجماع من قبل هذه الفئة ، وهي الأغلبية الساحقة،على أن الدراسة لافائدة منها،في غياب الوظائف المباشرة.ولذلك لم يعد أي معنى لطالب العلم ،وهذا ما يعني أن طالب العلم من هذا النوع من البشر، مرغم على الحضور المنتظم في المؤسسات التعليمية، مما جعله حاقدا على المؤسسات التعليمية ، وعلى المربين ، والمدرسين ، ومنتقما بشتى الوسائل ، كالسب والشتم، والضرب،والتخريب في مرافق المؤسسات ، وأدواتها المختلفة،من مقاعد وأبواب،وكل تمتد إليه يده. رابعا:وفي خضم هذه المعمعة من السلوك المشين يترعرع ما هو أشد خطرا على المجتمع برمته،ألا وهو انتشارالمخدرات ،من كل نوع وصنف،في صفوف المتعلمين،داخل الفصول الدراسية ،وخارجها ، أما في الشوارع والأزقة والدروب والحدائق ، والمقاهي ... فأحوال لا تخفى ، حتى عن البلهاء . وكل هذا يحدث علانية ، و " على عينك أبن عدي " ، وأمن الدولة صم بكم عمي . خامسا:يحدث كل هذا،وأكثر منه، ولكن الوزارة الوصية ، تصدر المذكرات الآمرة الناهية، تباعا: يمنع منعا كليا: إخراج المعلم من الفصل عقوبته البدنية أو المعنوية، كالتوبيخ أو الصفر – فصله عن الدراسة بقرار لمجلس التربوي – يجب قبول المفصولين،إن طلبوا إعادة " التمدرس"، مهما كانت الظروف . لا يعتبر اكتظاظا في الفصل ، إلا أكثر من45 متعلما. سادسا:لا نحتاج أن نذكر هنا، نقط الفروض و الامتحانا ت،التي ينال منها أكسل المتعلمين ما لايناله أحسن المجتهدين،وذلك بالغش الخفي ألذي يسخرله آخر ماجدفي سوق التقنيات الذكية.أوبالغش العلني المصحوب بالعنف وأنواع التهديد. هذاغيض من فيض حول فشل تعليمنا في جميع مراحله،ووراء ذلك كله أسرار أخرىخفية لا يعلمها إلا الماسونية الدولية،التي تسعى لتخريب العالم ، وفي ظلها صندوق النقد لدولي الذي يتظاهر بالمساعدات القرضية،ويبط من وراء ذلك السعي إلى تفقير الأمم وتجويعها . والفركوفية ، التي تسعى لمسخ هويا ت الشعوب والهيمنة عليها،فكريا واقتصاديا ولغة... وإلى ابتزاز خيراتها،وطمس معالم حضاراتها. يجري ذلك كله في عقر دارنا ،ونحن عنه غافلون ولخدمة أهدافه ساعون، ونعلن مع ذلك مطمئنين ومطمئنين شعوبنا الجاهلة : " العام زين ، ونحن بخير" .